حيوانات لاجئة من وطأة الحرب السورية تعاني من الصدمات النفسيةالحيوانات لا تحب الحرب أيضا، لأنها تؤذيها وتتسبب في انقراضها، فتصاب بأزمات نفسية تماما كما البشر الأبرياء الذين يموتون ويهاجرون فرارا من القتل والقهر والجوع.العرب [نُشر في 2018/01/17، العدد: 10872، ص(20)]حيوانات تحتاج إلى رعاية نفسية عمان- لا تقتصر آثار الحرب في سوريا على تهجير ونزوح الملايين من البشر فحسب، ولكنها امتدت أيضا للكثير من الحيوانات التي كانت في حديقة الحيوان في حلب والتي تضطر حاليا للعيش في المنفى وتعاني من صدمة نفسية أيضا، فلم يعد يقتصر اللجوء على الشعب السوري فحسب وإنما على الحيوانات في سوريا أيضا. ويحاول ناشطون تقديم المساعدة قدر إمكانهم لهذه الحيوانات، وكانوا قد استطاعوا بالفعل إنقاذ 13 حيوانا خلال الصيف الماضي من حديقة الحيوان في حلب من أصل 300 حيوان كانت بالحديقة قبل اندلاع الحرب. وقال الناشط والطبيب البيطري أمير خليل في منظمة “فور بوز” النمساوية الناشطة في مجال إنقاذ الحيوانات التي تواجه الخطر خصوصا في مناطق النزاعات حول العالم “أرى أن الحيوانات تنتمي إلى كوكبنا ويتعيّن علينا مساعدتها أيضا”، مضيفا قوله “لقد خططنا لإنقاذها طوال أشهر”. وتابع “لاحظنا اضطرابا في سلوك الحيوانات لكونها ظلت في أماكن مغلقة لمدة طويلة، ويبدو واضحا عليها إصابتها بجروح. الضباع تعاني من فشل كلوي، ومياه بيضاء في العين إلى جانب اضطرابات أخرى في الرؤية”.مشاركة الكثير من الأشخاص في عملية إنقاذ حيوانات من الحديقة تظهر أن الإنسانية بخير وبدأت، في شهر أغسطس 2017، عملية إخراج الحيوانات المتبقية في مجمع “عالم السحر” غرب مدينة حلب، إلى خارج البلاد، بعد نفوق وإصابة عدد منها جرّاء القصف وتغيّر الظروف المناخية. وأشارت المنظمة، إلى أنها نقلت أسودا ونمورا ودببة وكلابا من حديقة الحيوان ومدينة الملاهي “عالم السحر” في حلب عبر الحدود السورية. وقال الطبيب البيطري التابع لمنظمة “فور باوز” والمشرف على نقل الحيوانات محمد يوسف، إنه يقوم بتخدير الحيوانات المفترسة لوضعها في أقفاص لإخراجها بعد ذلك نحو المحميات الطبيعية خارج سوريا، بسبب الاقتتال والقصف المتكرر الذي طال الحديقة. ولفت أن السبب الآخر الذي دعاهم إلى إخراج الحيوانات نحو المحميات هو صعوبة تأمين الأدوية اللازمة لها على مدار السنة، أو حتى الغذاء المناسب لها. ويقول أحد العاملين في حديقة “عالم السحر” ويدعى عمر إن ما يقارب العشرة حيوانات (لم يحدد أنواعها) نفقت جراء القصف الذي تعرضت له الحديقة، كما نفق 50 تمساحا و4 أفاع و10 قردة بسبب تغير البيئة. ووصل في شهر أكتوبر 2017 نمران تم إنقاذهما من حديقة الحيوانات في حلب، إلى هولندا للعلاج وللعناية كي يتعافيا. وقال يونو فان زون المعالج في مركز إيواء النمور “فيليدا” الذي استقبل الحيوانين الواهنين الاثنين في نايبركوب في شمال هولندا “النمران تحمّلا مشقات السفر جيدا”. وفي حظيرتها، تأقلمت الأنثى “سيدة” مع بيئتها الجديدة بسرعة وهي ممددة على الرمل إلى جانب حوض صغير استحمت فيه، أما شقيقها “سلطان” وهو أضعف منها فقد راح يذرع الأرض ذهابا وإيابا أمام الباب. وأضاف الطبيب المشرف عليهما، أن النمرين “هادئان بشكل ملفت، لقد عانيا كثيرا من الجوع والعطش وقد أصيبا بصدمة بسبب ما حصل حولهما”.رحلة قسرية ووضعت لبؤة تم إنقاذها من حديقة الحيوان في حلب وليدها بعد ساعات من وصولها إلى الأردن. اللبؤة واسمها “دانا” تم نقلها من حلب عبر تركيا إلى الأردن ومعها أربعة أسود ودبان ونمران اثنان. ووجد العاملون في حديقة الحيوان في الأردن “هاجر” الأسد الوليد، في حين أن الصور الشعاعية تؤكد أن “دانا” كانت حاملا بشبلين وينتظر عمال الحديقة مولد الشبل الثاني. ولكن الدكتور أمير خليل قال، إنه من الممكن أن يكون الشبل الثاني قد ولد ميتا وقامت دانا بأكله. ولأن معظم الحيوانات التي نقلت من سوريا مصابة بجروح وأمراض، يقول الطبيب فرانك جوريتس المختص بحالات الحيوانات البرية “نجري تحاليل دم وأشعة بالموجات فوق الصوتية حتى تتكوّن لدينا فكرة حقيقية عن الموقف والحالة، ويمكن بعدها متابعتها طبيا”. وقال خليل “ظاهريا تبدو الحيوانات في حالة جيدة واستقرت حاليا من جديد”، واستدرك قائلا “ولكن الحيوانات تعاني من صدمة نفسية شديدة تماما مثل البشر”. ويشرح الطبيب البيطري ذلك من خلال اختباء الحيوانات على الفور، إذا سمعت صوت مروحية. ويقول “تتضاءل الإنسانية غالبا في الحروب، ولكن مشاركة أشخاص كثيرين في إنقاذ حيوانات تظهر أن الإنسانية ستعود”. ويقول أحد المربين في حديقة حيوان “عالم السحر” في حلب “البشر والأسر في حلب أولى أم الحيوانات” في البحث لها عن مأوى جديد، فيجيء الجواب صريحا “الحيوانات تجمع البشر بغض النظر عن اختلافاتهم المذهبية والدينية، فهم رغم تسلّحهم إلا أنهم كانوا يضعون السلاح جانبا أمام شاحنة الحيوانات الباقية من حلب”. وكان منتزه “عالم السحر” في ريف حلب الغربي، قبل الثورة، يقدّم الفرحة لزوّاره، ويضم مدينة لألعاب الأطفال وحديقة ضخمة للتنزه وفيه زاوية مخصصة لعرض عدد من أنواع الحيوانات البرية. ويحتوي قسم الحيوانات على أنواع متعددة منها المفترس والطيور الجارحة استوردت قبل الثورة السورية من كافة أنحاء العالم، وكانت تتم العناية بها من قبل عمّال مختصين يقدّمون لها الطعام الذي يحصلون عليه من بقايا المسالخ كأرجل الدجاج وبقايا عظام الخروف وغيرها، لكنها لم تعد تجد ما تقتات عليه فأصابها المرض والوهن والرعب من هدير الطائرات وأصوات الرصاص ما جعل ناشطين يفكرون في إنقاذها من الموت. الحيوانات التي وقع إنقاذها من حلب ستستقر بعد الانتهاء من تقديم العناية الطبية، في حدائق في الأردن وجنوب أفريقيا وهولندا، حسب كبير الأطباء البياطرة في المنظمة أمير خليل، الذي قال “سنبحث في كل حالة على حدة ونقرر الجهة الأنسب التي يتعيّن نقل الحيوان إليها”.
مشاركة :