الاستغناء عن الوافدين يتطلب تطوير تعليم الكويتيين

  • 1/17/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يكاد حديث تعديل التركيبة السكانية أن يكون جدياً، هناك تعليمات من ديوان الخدمة المدنية لتخفيض أعداد العاملين من الوافدين في الدوائر والمؤسسات الحكومية، كما أن عدداً لا بأس به من السياسيين بات يتطرق لهذه المسألة يومياً، ويطرح عدد من أعضاء مجلس الأمة مقترحات لتقييد حقوق الوافدين وزيادة التزاماتهم. لكن هل يمكن أن تجدي هذه التعليمات وتلك الطروحات في إصلاح الأوضاع السكانية في البلاد، ورفع نسبة المواطنين إلى ما يزيد على الثلاثين في المئة من المجتمع السكاني، كما هي عليه الآن؟ بتقديري أن المسألة تتطلب إصلاحات بنيوية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، قبل أن نصوب هذه الأوضاع المشوهة، لابد من معالجة النظام التعليمي، وتحديد مخرجاته المؤهلة للعمل في مختلف القطاعات، وإشغال مختلف الوظائف في القطاعين العام والخاص. لكن هل يكون الأمر يسيراً في ظل منظومة القيم الاجتماعية الحاكمة، التي تعززت على مدى زمني طويل ومنذ بداية عصر النفط؟ يجب أن تكون هناك بدايات للإصلاح تتمثل بسياسات مالية، وأخرى تتعلق بالتوظيف، وأهم منها التأكيد على التعليم المهني والحرفي والاستفادة من التطبيقات التقنية الحديثة في أنظمة العمل. تفيد إحصاءات الهيئة العامة للمعلومات المدنية بإن عدد السكان في الكويت بلغ، في 30 يونيو 2017، ما يربو على 4.5 ملايين نسمة، منهم ما يقارب 1.4 كويتيون، و3.1 غير كويتيين. أي أن التوزيع ما زال يراوح بين 30 في المئة كويتيون، و70 في المئة غير كويتيين. أما قوة العمل (15 عاماً فما فوق) فكانت تزيد قليلاً على 2.7 مليون، يمثل الكويتيون 16.4 في المئة، وغير الكويتيين 83.6 في المئة، يتوزعون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع العائلي. ويعمل 77 في المئة من العمالة الوطنية في الحكومة، و20 في المئة في القطاع الخاص، في حين يزعم 3 في المئة أنهم متعطلون. كيف يتوزع الكويتيون على أقسام المهن؟ سنجد أن 32 في المئة من العمالة الوطنية تشغل وظائف كتبة المكاتب، و18 في المئة فنيون ومساعدو إختصاصيين، و15 في المئة في الخدمات الشخصية والوقائية، وتتواضع أعداد العاملين الكويتيين في مهن العمالة الماهرة، مثل الوظائف في القطاع الصناعي أو الحرف الدقيقة، وغيرها من حرف، أو الإشراف على الإنتاج وتشغيل الآلات. لذلك تظل العمالة الوافدة في هذه المهن والوظائف والحرف طاغية بأعداد كبيرة. وكما هو معلوم أن المهن والحرف التي يشغلها الوافدون تقع في غالبيتها في منشآت القطاع الخاص، وعدد من المرافق الحكومية وقطاع النفط إلى حد ما. يعمل هؤلاء الوافدون بنسبة 66 في المئة في القطاع الخاص، وهناك 6.3 في المئة في القطاع الحكومي، و27 في المئة في القطاع العائلي أو العمالة المنزلية. إن إصلاح التركيبة السكانية يعتمد على إصلاح سوق العمل وذلك، أيضا، مرتبط بإصلاح النظام الاقتصادي، وتعزيز دور القطاع الخاص، ناهيك عن إصلاح السياسات المالية، ويوازي في أهمية هذه الإصلاحات، إن لم يكن أكثر أهمية، إصلاح النظام التعليمي، وتبني فلسفة جديدة للتنمية البشرية. هل يمكن للنظام السياسي في الكويت أن يتحرر من الالتزامات الشعوبية وتعظيم الأهداف التنموية بمنظور إستراتيجي يؤثر في تفعيل دور العمالة الوطنية، ورفع مساهمتها في سوق العمل لمواجهة؟ هذا هو التحدي الديموغرافي الأساسي دون طرح مشاريع شعبوية غير مفيدة اقتصادياً واجتماعياً، وكأن الوافدين قد خلقوا لهذه الأوضاع غير المتسقة مع متطلبات التنمية المستدامة؟ ثم هناك أوضاع تتعلق بتوظيف الوافدين يجب تصحيحها، ومن أهمها ما يتعلق بنظام الكفيل واستخداماته غير السوية، التي تمكن من الإتجار بالبشر وجلب عمالة وافدة لا فائدة من تواجدها في البلاد.. هذه ملاحظات حول التركيبة السكانية، ولا شك أنها ليست الملاحظات الإجمالية، ويتطلب الأمر تشخيص كل الأمور المتعلقة بسوق العمل والنظام التعليمي والهيكل الاقتصادي لإصلاح هذه التركيبة. بقلم عامر ذياب التميمي(مستشار وباحث اقتصادي)ameraltameemi@gmail.com

مشاركة :