حصدت مسرحية «صولو» المغربية لقب أفضل مسرحية عربية في الدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي، الذي اختتم فعالياته في العاصمة التونسية مساء أول من أمس، لتتوج بجائزة الدكتور سلطان بن محمّد القاسمي، كأفضل عرض مسرحي، وتضرب موعداً مع جمهور المسرح الإماراتي في الليلة الافتتاحية لمهرجان أيام الشارقة المسرحية، في مارس المقبل. في دائرة الأفضل إلى جانب «صولو» خصت اللجنة عرضين آخرين في دائرة أفضل ثلاثة عروض وصلت إلى مرحلة التنافس النهائية. وجاء تقرير لجنة التحكيم ليخص كلاً من المسرحية التونسية «الشمع»، تأليف وإخراج جعفر القاسمي، والمسرحية الجزائرية الكوميدية «ما بقات هدرة»، تأليف وإخراج محمد شرشال، في الوقت الذي كانت ذهبت فيه الكثير من التكهنات بأن العرض الجزائري هو الأقرب للجائزة الكبرى. شرشال من جانبه، أكد لـ«الإمارات اليوم» قناعته التامة بقرار لجنة التحكيم، مضيفاً: «لم أخرج خالي الوفاض، وجاءتني جائزة مهمة من جمهور احتشد وصفق بحرارة لافتة تقديراً للعرض». نلتقي في قاهرة المعز كعادته في الليالي الختامية وأيضاً الافتتاحية، استخدم الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، الفنان الإماراتي إسماعيل عبدالله، أدواته الثرية في كتابة الدراما المسرحية، ليمنح لكلمته خلال حفل الختام زخماً، ويعلن القرارات بتلاحم وجداني وعاطفي لافت مع الحضور. وشبّه عبدالله الحالة المسرحية التي استضافتها تونس، على مدار انعقاد دورة تمام العقد، بأوركسترا منسجم، ليشكر أهالي «الخضراء» على حسن الوفادة، ويعلن رسمياً أن الدورة المقبلة موقعها في مدينة محلها القلب، لدى كل عربي، هي «قاهرة المعز». 11 عرضاً عربياً تنافست على لقب المهرجان في دورته العاشرة بتونس. وجاء حفل الختام بنكهة الفلكلور التونسي، عبر لوحات متنوعة قدمتها الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، في حين حضر الطرب عبر صوت الفنان لطفي بوشناق برائعته «عربي أنا». وكرم المسرحية الفائزة، خلال حفل الختام، وزير الشؤون الثقافية التونسية محمد زين العابدين، ورئيس دائرة الثقافة في الشارقة عبدالله العويس، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله. وكعادته حبست كلمة إسماعيل عبدالله أنفاس الحضور، وفاجأتهم أيضاً بدعوته المسرحيين في كل أرجاء الوطن العربي الى أن يضبطوا مواعيد فعالياتهم الكبرى على توقيت القدس، تضامناً مع المدينة العتيقة، وتحدياً لما تشهده من محاولات طمس لهويتها العربية. وتصدرت «صولو» المشهد بتفوقها وفق قرارات لجنة التحكيم على 10 عروض أخرى: «الجلسة» من مصر، و«الرهوط أو تمارين في المواطنة» و«الشمع» و«فريدوم هاوس» من تونس، ومن السعودية «تشابك»، و«رائحة الحرب» من العراق، ومن الأردن «شواهد الليل»، و«غصة عبور» من الإمارات، ومن الجزائر «ما بقات هدرة»، وأخيراً «هنّ» من سورية. وجاءت «صولو» من إنتاج فرقة أكون للثقافة والفنون، ومثّلت طرحاً مقتبساً من رواية ليلة القدر للطاهر بنجلون، وقد خضعت صياغتها الإخراجية لمسار روائي في نقل قضايا تحرر الذات، وإثارة أسئلة وجودية تشغل الإنسان انطلاقاً من موضوع معاناة المرأة من سلطة المجتمع بمختلف تجلياتها داخل العائلة، وفي تعاملها مع الآخر. وتناولت «صولو» موضوع التطرف الديني بشكل ضمني، ومحاولة التحرر منه في منحى صوفي واضح في العرض. ونقل إسماعيل عبدالله خلال كلمة له بالختام تهنئة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، بالنجاح الباهر لهذه الدورة. ولم يفوّت عبدالله الفرصة لتحية فلسطين الأبية بكلمات منها «لأجلك يا مدينة الصلاة، أعلن دعوتي هذه لكل المسرحيين العرب في كل أصقاع العالم، أن يشرعوا ومن هذه اللحظة، بربط توقيت كل فعالياتهم من ندوات وورش وعروض بتوقيت القدس، لتكن القدس وقتنا وميعادنا، ولتبقى حاضرة في الدرب الذي يجمعنا بجمهورنا، ومن هنا، من تونس الخضراء، تونس الحياة، أحيي باسم الهيئة العربية للمسرح مبادرة المسرحيين المشاركين في هذه الدورة، بدعوة الهيئة العربية للمسرح لعقد ملتقى دولي حول فلسطين والقدس في المسرح، وهو الأمر الذي يشرفنا أن نعمل عليه معاً، ولن نكف عن حلم لقاء المسرحيين العرب على أرضها محررة كريمة». وأضاف: «لا تذهبوا عن المسرح بعيداً، لا تتركوه لبرد الوحشة، لا تتركوه للوحدة، لا تتركوه معتم الجنبات، لا تذهبوا وتتركوه ولو ساعة، فكيف للمرء أن يعيش دون خفقان قلبه؟ دون نبض روحه وعقله؟».
مشاركة :