كتب - إبراهيم بدوي: أكد ميروسلاف لاتشياك رئيس الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن المنظمة الأممية لم تتلق أي طلب للتدخل في الأزمة الخليجية الراهنة، مثمناً دور الوساطة البناء الذي تقوم به دولة الكويت. وقال لاتشياك إن دول مجلس التعاون قوية وصلبة وصوتها مسموع والآن تخوض مخاضاً عسيراً والأمم المتحدة يمكنها أن تلعب دوراً شريطة أن يطلب منها ذلك، لكن لم نتلق طلباً للتدخل، مؤكداً أن المنطقة لديها قدرات داخلية تمكنها من حل مشاكلها بنفسها ونثمن الدور البناء الذي تلعبه دولة الكويت. جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها المسؤول الأممي بعنوان «كيف يمكن للأمم المتحدة أن تساهم في منع نشوب الصراعات في القرن 21؟» نظمها مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا أمس، بحضور سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة وسعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني المبعوث الخاص للأمين العام للجامعة العربية لشؤون الإغاثة الإنسانيّة ونخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين والباحثين والعاملين في مجال إدارة النزاعات والعمل الإنساني. وشدد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن القضايا المحلية والإقليمية يجب أن تحل محلياً وإقليمياً. وقال: لا ننصح بتدخل الأمم المتحدة في الأزمة الراهنة ودول الخليج قادرة على حل الأزمة بنفسها.رسالتي للقطريين: ابقوا منفتحين وقدوة للعالم قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة إن هذه الزيارة تعد الثانية إلى الدوحة، معرباً عن إعجابه بما تحقق من إنجازات. وأضاف: رسالتي لكم انفتحوا أكثر وقدموا أنفسكم قدوة للآخرين. وتابع: لمنع نشوب الصراعات يجب علينا أن نبدأ بالتعليم والتثقيف واستحداث فرص العمل ويجب انفتاح المجتمعات لتعزيز ثقافة السلام باعتبارها عوامل مهمة في منع نشوب الصراعات.مجلس الأمن لا يعكس القرن الـ 21 قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة إن المنظمة الأممية لابد أن تتغير مع تغير العالم، ومجلس الأمن لا يعكس القرن 21، والذين يعارضون الإصلاحات، يعارضون الأمم المتحدة، ولا بد أن تتم التعديلات لنصل إلى أمم متحدة عصرية. وأضاف: هناك إجراءان ماضيان على قدم وساق؛ هما إصلاح مجلس الأمن وهو شائك ومعقد، ولا نرى نتائج كثيرة لأنه إجراء حساس جداً. وهناك إصلاح يسمى بتجديد الجمعية العامة. وقال إن هناك إجراءات قدمها الأمين العام للأمم المتحدة إحداها متصلة ببنية السلام والأمن، وأخرى مرتبطة بمنظومة التنمية، وأخرى بمنظومة الإدارة، وهناك سعي لتطبيق هذه الإصلاحات، والجمعية العامة تتبنى ما يعرضه، لنصل إلى أجندة الإصلاح.آثار سلبية لخفض الدعم الأمريكي للأمم المتحدة قال ميروسلاف لاتشياك إن الولايات المتحدة تضمن جزءاً هاماً من ميزانية الأمم المتحدة، وإن انسحبت دولة من العقد، فسيلقي ذلك بظلال سلبية على كافة الدول. وأوضح أن واشنطن هي المساهم الأكبر في المنظمة بميزانية قيمتها 580 مليون دولار سنوياً، تمثل 22% من ميزانية الأمم المتحدة، وهو مبلغ يساوي 7 ساعات من الإنفاق على منظومة عسكرية، وهناك نهج حازم يتبع من خلال الميزانية، وينبغي توخي الحذر، وأن لا يحول ذلك دون اتخاذ الإجراءات، لأن الأمم المتحدة توفر الكثير من الخدمات الإنسانية للعالم، من قبيل توفير لقاحات لملايين البشر.غياب نظام أممي لمنع وقوع الصراعات أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن المحور الثالث حول منع نشوب الصراعات يتعلق بغياب نظام حقيقي بالأمم المتحدة يحول دون وقوع الصراعات، إضافة إلى صعوبة التحرك المباشر للتدخل في الصراعات؛ بسبب الإجراءات البيروقراطية التي تقيّد عمليات التدخل الإنساني وتؤخّرها، مما يجعل الأمم المتحدة تأخذ موقف رد الفعل تجاه الصراعات حول العالم ولا تعمل على الحيلولة دون وقوعها. وحول مستقبل صنع السلام في العالم، بدا لايتشاك متفائلا بقرارات صدرت مؤخراً رأى أنها ستساهم في تغيير فلسفة صنع السلام وحل الصراعات في العالم، داعياً قادة العالم إلى التعاون مع الأمم المتحدة في المرحلة المقبلة لتفعيل نظم جديدة تجعل عملية وقف النزاعات وصنع السلام أكثر واقعية.4 محاور لمنع نشوب الصراعات أكد ميروسلاف لاتشياك أهمية منع نشوب الصراعات من خلال أربعة محاور عامة؛ أولها، هو المحور الأخلاقي والإنساني الذي يحتّم على الأمم المتحدة أن تعمل على وقف أي صراع قائم في العالم والحيلولة دون وقوعها في مناطق أخرى، لا سيما أنه وفي القرن الجديد بدأت الصراعات تأخذ منحى أكثر عنفاً بتحولها إلى المدن والأحياء وتعمّد استهداف المدنيين.14.3 مليار دولار فاتورة الصراعات عام 2016 تحدث لايتشاك عن الفاتورة الاقتصادية التي تدفعها الأمم المتحدة جراء عمليات حفظ السلام، والتي تصل إلى أكثر من 8 مليارات دولار سنوياً، وهو ما رأى أنها مفارقة بسبب «عدم وجود أي سلام ليحفظ في تلك المناطق التي تنتشر بها قوات حفظ السلام»، مضيفاً أن فاتورة الصراعات في العام 2016 تسببت بخسارة أكثر من 14.3 مليار دولار، وعليه اعتبر أنه من الضروري البدء بالاستثمار في عمليات حفظ السلام التي تحول دون وقوع الصراعات بكونه استثماراً أكثر نجاعة؛ لأن «كل دولار يصرف للحيلولة دون وقوع الصراع، يوفّر 10 دولارات ستصرف على عملية حل الصراع».تفعيل التعاون مع المنظمات غير الحكومية أشار ميروسلاف لاتشياك في محور منع نشوب النزاعات إلى أهمية الشراكات التي يجب على الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، أن تبنيها مع المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية وكافة الفاعلين الدوليين؛ لجعل عملية صنع السلام أكثر تأثيراً وتوسعية، باعتبار أن مسؤولية صنع السلام تقع على جميع الأطراف وليس فقط على عاتق القادة السياسيين في العالم، كما جدد دعوته لباحثي مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة، بضرورة تزويد الأمم المتحدة بالخبرات التي وصلوا لها فيما يتعلق بعملية صنع السلام وتفادي الصراعات.تآكل احترام العلاقات الدولية بالمنطقة رداً على سؤال حول تعامل الأمم المتحدة مع صراعات المنطقة، قال المسؤول الأممي: نرى اعتداءات وتآكل احترام للعلاقات الدولية ونرى مؤسسات دولية آداؤها أصبح باهتاً وتخوض في أزمات ولا تستطيع أن تفي بتفويضها بسبب غياب الإرادة السياسية. وأضاف: كثير من الدول تؤكد أنه لا يتعين عليها احترام قواعد اللعبة، وإذا مضينا نحو ضرب عرض الحائط بالقرارات المهمة، فإن هذا سيؤدي إلى فشل تام لعالمنا الذي أرسى دعامته على رماد الحرب العالمية الثانية. وشدد على أهمية التوجه متعدد الأطراف والالتزام من كافة الدول بالقواعد المعمول بها.فشل التدخلات الدولية في الصراعات المحلية أكد المسؤول الأممي أهمية صناعة السلام والتنمية خارج حدود البلاد من خلال احترام الشركاء المحليين والبيئة والتراث والتقاليد المحلية، لافتاً إلى أن فشل التدخلات الدولية يكمن في الدخول إلى مناطق النزاعات المحلية بحلول مسبقة لا علاقة لها بالمجتمع الدولي، فضلا عن التعجرف وعدم الاستماع للسكان المحليين والرغبة في فرض حلول على هذه المجتمعات. وأكد ميرسلاف أنه لا بديل للإرادة السياسية وعلينا أن نقبل الأمور ونضيف من الأجندة ونتعامل معها وعلينا أن نكون صبورين في مهمتنا ولا بديل لذلك.
مشاركة :