تعهدت الدول المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار غزة بالقاهرة بتقديم 5.4 مليار دولار للفلسطينيين نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار بالغ جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وتعهدت قطر وحدها بالتبرع بمليار دولار من إجمالي التعهدات التي أعلنها وزير الخارجية النرويجي، بورغ بريند. وشردت الحرب التي استمرت 50 يوما قرابة 100 ألف فلسطيني، كما ألحقت أضرارا بالغة بالبنية التحتية في القطاع. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه الوقت قد حان لوضع خطة سلام دائم تضمن الكرامة للفلسطينيين والأمن للإسرائيليين. وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم 212 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع.كما تعهدت كل من تركيا والإمارات بالمساهمة بـ200 مليون دولار.وقالت مسؤولة السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن تبرعات الدول الأعضاء ستصل إلى 568 مليون دولار. وشارك المؤتمر ممثلون لنحو 50 دولة ومنظمة دولية. وحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلطيسينية محمود عباس إسرائيل على ترك الأراضي التي احتلتها عام 1967 والقبول بحل عادل للاجئين الفلسطينيين مقابل الاعتراف الكامل.وقال عباس إن "عدم التزام الحكومة الإسرائيلية بالقرارات الدولية وحل الدولتين، يدفع بمنطقتنا إلى دوامة العنف، من خلال أفعال الكثير من المستوطنين الإسرائيليين ووزراء في حكومة إسرائيل التي تنطوي على كثير من التطرف".ودعا المجتمع الدولي إلى "الالتزام بمسؤوليته عن عدم تكرار العدوان على غزة من خلال دعم مطلبنا بإقامة دولة فلسطين".وقال مراسلون إن بعض الأحياء في غزة تبدو وكأنها تعرضت لزلزال، بسبب القصف الإسرائيلي عليها.وكانت الحرب، التي انتهت باتفاق على وقف لإطلاق النار في 26 أغسطس/آب، قد أودت بحياة نحو 2200 فلسطيني معظمهم من المدنيين، بحسب الأمم المتحدة. وعلى الجانب الإسرائيلي، قتل ما لا يقل عن 67 جنديا، بالإضافة إلى ستة مدنيين.وقد خاض الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني ثلاثة حروب في ستة أعوام.وشدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على أن "حلقة البناء والهدم التي شهدها القطاع خلال السنوات الماضية يجب أن تتوقف".وتقول مراسلة بي بي سي في القاهرة، أورلا غيرين، إن إعادة إعمار غزة مرتبط بإسرائيل وسماحها بدخول ما يكفي من مواد البناء إلى القطاع. ويقع قطاع غزة بين إسرائيل ومصر، وطالما كان نقطة ساخنة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.وقد احتلت إسرائيل قطاع غزة في حرب 1967، وسحبت قواتها منه عام 2005. وتعتبر إسرائيل هذا إنهاء للاحتلال، ولكنها لا تزال تسيطر على أغلب حدود قطاع غزة ومجالها الجوي والبحري. وكانت الحرب الأخيرة في غزة قد أعادت تركيز الجهود الدبلوماسية نحو الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكن هذا لم يلبث أن تبدد بعد التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، وبعد أن خطف الخطر الذي يشكله تنظيم داعش الاهتمام.وفي هذه الأثناء يأمل فلسطينيون أن تساهم بعض النشاطات في إعادة قضيتهم إلى بؤرة الاهتمام.وتخطط السلطة الفلسطينية بتقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق من الشهر الجاري للاعتراف بدولة فلسطين وإعطاء مهلة زمنية لإسرائيل لإنهاء الاحتلال. ولن تكون الخطوتان الأخيرتان أكثر من رمزية لكن يأمل الفلسطينيون بزيادة الضغط على إسرائيل التي بدأت في الفترة الأخيرة بتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية.ويعتبر القانون الدولي تلك المستوطنات غير شرعية. وترفض إسرائيل ما تراه "خطوات فلسطينية أحادية الجانب" وتقول إن المفاوضات هي السبيل الوحيد للتوصل إلى الحل المبني على دولتين.وكانت المحادثات بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي قد توقفت في شهر إبريل/نيسان الماضي.وترى الولايات المتحدة أن الحل الوحيد الدائم لوضع غزة يكون بأن تبسط السلطة الفلسطينية نفوذها عليها ، كما صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي في واشنطن. وقال ان الولايات المتحدة تدعم الخطوات الفلسطينية في هذه الاتجاه، ومنها خطوة الحمدالله الأخيرة.ومع أن إسرائيل اعترضت على المصالحة الوطنية الفلسطينية في البداية، إلا أنها ابدت مؤخرا رغبة بالتعاون مع الحكومة، فقد سمحت لأعضائها بالسفر إلى غزة الخميس.ويتوقع أن ترفع قيودها عن دخول مواد البناء إلى غزة بناء على اتفاقية ساهمت الأمم المتحدة في التوسط من أجل إبرامها.وسيشرف مراقبون من الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية على استخدام تلك المواد حتى لا تستخدم في بناء أنفاق.ومع وجود مؤشرات مشجعة على أن الأزمة الإنسانية في غزة يمكن التعامل معها إلا أن حل المشكل الأساسية بين إسرائيل والفلسطينيين أكثر تعقيدا.ويرى الفلسطينيون أنه مع غياب الحل المتفق عليه من خلال التفاوض فإن الطريقة الوحيدة للوصول إليه هي من خلال الاعتراف الدولي.وكانت السويد الدولة الأولى التي اعترفت بدولة فلسطين المستقلة ، وقد شرحت القيادية الفلسطينية حنان عشراوي الموقف الفلسطيني بالقول "نحن نرفض ان يكون الاستقلال الفلسطيني خاضعا للموافقة الإسرائيلية، فهو حق طبيعي لنا".وأضافت أن هناك مسؤولية تاريخية على عاتق بريطانيا حيث كانت فلسطين تحت انتدابها حين تأسيس دولة إسرائيل.وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت لصالح منح فلسطين وضع "دولة مراقب غير عضو" في عام 2012 بموافقة 138 دولة. وحال مجلس الأمن الدولي دون أن تصبح فلسطين دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية بعد أن هددت الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأقرب، باستخدام حق النقض (الفيتو). ويدرك الفلسطينيون أن عودتهم إلى مجلس الأمن قد تبوء بالفشل، لكنهم يأملون بالحصول على دعم دولي لدولتهم. وتدعو مسودة قرار سيحمله الفلسطينيون الى المجلس إسرائيل للانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها في 5 يونيو/حزيران عام 1967 بحلول شهر نوفمبر/تشرين ثاني عام 2016، وتطالب بوجود دولي في القدس الشرقية لحماية الفلسطينيين. وفي حال فشلت الخطة يستعد الفلسطينيون بالانضمام إلى اتفاقية روما من أجل اتخاذ خطوات قانونية ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية. وكلا الخطوتين كفيلة بخلق توتر مع الولايات المتحدة لكنها ستجلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى بؤرة الاهتمام الدولي مجددا.
مشاركة :