--> ليس سهلاً أن يقبل الإنسان تعرض بلده أو بلد عربي شقيق إلى أي أذى من قوى خارجية؛ لأن مقدرات الوطن هي ملك لأبنائه جميعاً، وكذلك هو الحال في سوريا الشقيقة حيث يقف المواطن السوري المكلوم والمواطن العربي المأزوم بين خيارين أحلاهما مر، فإما التدخل الخارجي أو استمرار النظام في وحشيته وقتله للأطفال والنساء والأبرياء وارتكاب المجازر ضد المدنيين واحدة بعد أخرى، وفي كل مرة يتزايد عدد الضحايا ويتم استخدام وسائل أكثر فتكاً وتدميراً للأرواح وخراباً للعمران بلا هوادة أو رحمة، فلم يعد يهم الطاغية إلا المحافظة على بقائه ولو قام ذلك على تلال من جماجم أبناء شعبه المنكوب. لقد تمادى الطاغية كما فعل العديد من أمثاله على مدى التاريخ وأصم أذنيه عن كل الأصوات الداعية لحقن الدماء والحلول السياسية التي تكفل حق المواطنين السوريين في تقرير مصيرهم والاستجابة لدعواتهم لرحيل النظام التي بدأت سلمية لا تملك إلا أصوات المشاركين في المسيرات والاعتصامات المحتجين على ظلم النظام والمطالبة برحيله إلى أن واجهتها أجهزته القمعية بالقتل والقمع والحصار، ولما اضطر بعض أفراد الجيش الوطنيين للانشقاق ومواجهة النظام بأسلحته التي أمرهم بتوجيهها لصدور أبنائهم وأمهاتهم واخوانهم وانضم إليهم بعض اخوانهم الغيورين على وطنهم جن جنونه واستخدم كل الأسلحة المتوفرة لديه من طائرات ودبابات بل وصواريخ بالستية ضد الشعب الأعزل الذي لم يزده ذلك إلا تصميماً على نيل حقوقه والثأر لدماء أبنائه، ولما لم تفلح كل محاولات النظام وجرائمه في كسر إرادة السوريين لم يتورع زبانيته عن استخدام الأسلحة البيولوجية والكيماوية المحرمة دولياً لإبادة مقاومته وقهره، وكلما وجد الطاغية أن العالم قد سكت وبفعل الفيتو الروسي على أفعاله وجرائمه زاده ذلك عدواناً وتجبراً، وأصيب بعمى الكبر الذي لم يعد يرى معه الخطوط الحمراء التي تحدث عنها العالم، وحذره من تجاوزها وصولاً إلى قيامه باستخدام السلاح الكيماوي في غوطة دمشق على نطاق واسع ما أدى إلى مصرع الآلاف من الأبرياء، الأمر الذي لم يعد معه أمام المجتمع الدولي عذراً للسكوت كما فعل في المرات السابقة، بل لم يعد أمام حماته في روسيا وحلفائه في غيرها من الدول الطامعة في السيطرة على المنطقة، ما يقولونه سوى انكار استخدامه الأسلحة المحرمة دولياً ضد شعبه ومواطنيه دون دليل ولا برهان، في الوقت الذي تؤكد استخدامه لتلك الأسلحة العديد من الدول الكبرى والتي تمتلك من الوسائل التكنولوجية ومن بينها الأقمار الصناعية مما مكنها من الوصول الى قناعة تامة بهذه الفظائع وغيرها مما تم التغاضي عنه أكثر من مرة. إن القلب ليخشع والعين لتدمع وهي ترى ضحايا طغيان هذا النظام من الشعب والجيش السوري، كما ترى أن السلاح الذي يملكه الجيش العربي السوري قد يدمر، وهو السلاح الذي وددنا أن يوجه للعدو الصهيوني ولو مرة واحدة رغم تهديدات النظام بالرد المناسب كلما تعرض لعدوان إسرائيل المتكرر دون أن يجرؤ على ذلك مرة واحدة كما تكررت جرأته في العدوان على شعبه، بل وفي تدبير المؤامرات والتفجيرات ضد الشعوب العربية في لبنان وغيرها. وإذا كان لأي مواطن عربي أن يأسف لتدمير مقدرات سوريا وقوتها فإن آخر من يحق له ذلك هم اليساريون ومدعو القومية والوطنية الذين تتبدل مواقفهم ليس حسب أمزجتهم ومصالحهم فحسب، بل تبعاً لمرجعياتهم الخارجية والأجنبية أيضاً. وإذا كان ثمة أحد يتحمل مسؤولية العدوان على سوريا وما قد يلحق بها من أذى فهو هذا النظام الذي تسبب برعونته وظلمه وطغيانه في هذا العدوان. وهذا هو شأن الطغاة دائماً فلطالما جلبوا الويلات على شعوبهم وأوطانهم. تويتر: @fahad_otaish مقالات سابقة: فهد الخالدي : -->
مشاركة :