تقليص مساعدات الأونروا له وقع الكارثة على الفلسطينيين في لبنان

  • 1/18/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

برج الشمالي (لبنان) (أ ف ب) - تعتمد أم محمد وهي من سكان مخيم برج الشمالي في جنوب لبنان تماما على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) سواء في الحصول على العناية الطبية او تعليم أطفالها وحتى جمع النفايات. وبعد تقليص المساعدات الأميركية للمنظمة الدولية، يخشى اللاجئون من كارثة تحيق بهم. وتقول أم محمد التي تبلغ من العمر نحو أربعين عاماً وتعيش في مسكن متواضع في المخيم القريب من مدينة صور، "سيتعذب الناس كثيراَ. الأونروا هي أملنا الوحيد". وتواجه المنظمة الأممية "اخطر أزمة مالية" منذ انشائها قبل نحو سبعين عاماً بعدما أعلنت واشنطن الثلاثاء أنها ستقتطع 65 مليون دولار من 125 مليوناً هي مساهمتها الطوعية المتوقعة فيها. وتهدد هذه الاقتطاعات الكبيرة مئات المدارس والعيادات والمستشفيات التي تديرها الأونروا وتشكل شرياناً يمد بالحياة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني موزعين على بلدان عدة في الشرق الأوسط، ويعيش القسم الأعظم منهم في فقر مدقع. وللوصول إلى منزل أم محمد في قلب مخيم برج الشمالي ينبغي السير عبر أزقة ضيقة تفوح منها رائحة المجاري التي تزكم الأنوف. وتضيف أم محمد "ليس لدينا المال لندفع تكاليف المعاينة الطبية، ولا التعليم". فقبل أسبوعين فقط، تكفلت الأونروا بنصف تكاليف التحاليل الطبية التي أجرتها. ويذهب أربعة من أطفالها إلى مدارس الوكالة. - بالكاد ألتقط أنفاسي - يعيش أكثر من 174 ألف لاجىء فلسطيني في لبنان وفق إحصاء نشرته السلطات اللبنانية في أواخر 2017، وهو عدد يقل عن تقديرات الأونروا. ويقول فريج، أبو محمد، "إذا أغلقت المدارس، سيصبح الأولاد في الشارع". ويضيف بصوت يملأه الأسى، إن "تكفل الأونروا بتعليم الأولاد يسمح لي بالكاد أن ألتقط أنفاسي، فأنا عاجز عن إرسالهم إلى مدارس خاصة أو رسمية". يعمل أبو محمد في إصلاح الأثاث الذي يعيد بيعه ليحصل على بعض من مال يعيل به عائلته. ولقد ترك ابنه الأكبر المدرسة الثانوية وهاجر مخاطراً بحياته عبر البحر إلى أوروبا بحثاً عن فرصة أفضل. تحول برج الشمالي بمرور السنين إلى ما يشبه مدينة صغيرة تنتشر فيها المباني الصغيرة والبقالات والمدارس لاستقبال آلاف اللاجئين. وعلى الرغم من الصعوبات المالية التي أرغمت الأونروا على تقليص خدماتها، لا تزال المساعدات التي تقدمها أساسية ولا غنى عنها. وفي لبنان، حصل 160 ألف شخص في سنة 2017 على معاينة في عيادات الأونروا التي تصرف كل سنة 14 مليون دولار بدل تكاليف العلاج في المستشفى. وفي المخيمات، تدير الوكالة جمع النفايات وتساهم أحياناً في إصلاح المساكن. ويقول مدير الوكالة في لبنان كلاوديو كورودوني "لا شك في ان تقليص المساعدات سيؤثر على كل هذه الخدمات" اذ "لا يمكن لأي هيئة أخرى أن تحل محل الوكالة. الدولة اللبنانية تواجه صعوبات من نوع آخر فهي تتولى اصلاً رعاية شؤون عدد كبير من اللاجئين السوريين" الذين جاؤوا بمئات الآلاف الى لبنان هربا من الحرب المشتعلة في سوريا منذ 2011. أما المجلس النروجي للاجئين، فيرى أن قطع مساعدات الأونروا سيرغم المنظمات الخيرية الأخرى على زيادة مساهماتها. - "مع السلامة" - يذكر المجلس النروجي للاجئين بأن مدارس الأونروا تواجه في الأصل مشكلات مالية. ويقول مايك بروس المتحدث باسم المجلس في لبنان ان "النظام لا يمكنه تحمل صدمة أخرى". وفي مدرسة فلسطين الابتدائية والمتوسطة للبنين التي تستقبل 650 تلميذاً، كان الأطفال يجرون في الملعب حول عارضات أهداف لكرة القدم بلا شبكة. وعلى جدران الملعب إلى جانب رسوم شخصيات "السنافر" الملونة، رُسمت خارطة فلسطين التي اضطر أجدادهم للفرار منها خلال نكبة 1948 وقيام دولة إسرائيل. وبالقرب منها عبارة: "فلسطين لن ننساك". وتسيطر مشاعر القنوط والقلق على المدرسين. وتتساءل مدرسة اللغة الانكليزية إيمان فرحات التي تعمل في المدرسة منذ ست سنوات وهي في الثامنة والعشرين من عمرها، "هل سنقبض راتب الشهر المقبل؟ لا أعرف. الكل يشعر بخوف كبير. ممكن أن أعمل غداً، أو أن يقولوا لي مع السلامة". ولا يستبعد مدير المدرسة جهاد الحنفي أن يضطر خلال الأشهر المقبلة إلى الاستغناء عن نصف المدرسين، أو على المدى الطويل إلى إغلاق المدرسة. ويقول "تعليمياً، نحن أمام واقع كارثي بكل معنى الكلمة. الطالب الذي لن يتعلم سيصبح في الشارع وعرضة للمخدرات، أو عرضة لعمالة الأطفال ولأي تنظيم إرهابي".توني جمال غابريال © 2018 AFP

مشاركة :