يواجه المخرج الإيراني محمد رسولوف تهديداً بالسجن مدة ست سنوات من قبل السلطات الإيرانية، بسبب «رجل نزيه» الحائز جائزة قسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» الأخير. وقد تم إيقاف المخرج بمجرد عودته إلى بلاده من مهرجان سينمائي في الخارج في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وصودر منه جواز السفر في مطار طهران وخضع لاستجواب، ثم وجهت إليه تهمة «القيام بنشاط ضد الأمن القومي والدعاية ضد النظام» وهي تهم يمكن لها أن تتسبب بالحبس ست سنوات. سبق لرسولوف وأوقف مع جعفر بناهي في نهاية 2010 لاشتراكهما خلال الأحداث التي رافقت إعلان نتائج انتخابات 2009 في تحقيق فيلم من دون الحصول على موافقة السلطات المختصة. واتهما يومها «بأفعال دعائية معادية للجمهورية الإسلامية في إيران» وخفّض الحكم على رسولوف من ست سنوات إلى سنة مع وقف التنفيذ («الحياة» 27 تشرين أول - أكتوبر- الفائت). وتابع المخرج صنع الأفلام في إيران وحقق منذ ذلك الحين فيلمين هما «وداعاً» (2011) و «المخطوطات لاتحترق» (2013). ونال «وداعاً» جائزة قسم «نظرة ما» في مهرجان كان ولكن المخرج منع من مغادرة إيران لاستلامها. يروي الفيلم يأس محامية إيرانية وإحساسها بالغربة في بلدها بعد أن سحبت منها رخصة العمل، وتعرضت لمضايقات من السلطات بسبب زوجها المتواري خشية اعتقاله، فتقرر الهجرة والهرب. وكان المخرج صرح خلال عرض فيلمه «رجل نزيه» في مهرجان كان 2017، أنه حصل على تصريح بالموافقة على تصويره، لكن السلطات الإيرانية قرّرت عدم عرضه في مهرجان «فجر» في شباط (فبراير) الماضي، ما أصابه بخيبة كبيرة، وأضاف بأنهم حاولوا أيضاً إقناعه بعدم عرض الفيلم في مهرجان «كان». وقال المخرج في حوار رافق خروج فيلمه «لرد» في مهرجان «كان» الأخير، أن ما دفعه إلى كتابة هذا الفيلم هو موقف تعرّّض له قبل عشرين سنة مشابه لما واجه بطله ولاسيما في محاولاته الضغط على نفسه وعدم الانفجار أمام مضايقة السلطات له من دون سبب. وفي سؤال حول الرقابة ردّ بأنها «تحفّز عملية الخلق لدى الفنانين ولكن ليس دائماً». وأضاف «نصل أحياناً إلى حالة من اليأس التام، فحين تمنعك الرقابة من التواصل مع جمهورك يجب أن تجد طريقاً خفياً غير مباشر وأن تكافح كي لا يتم تهميشك، والرقابة التي تدفعك إلى التهميش تخلق صورة ملعوباً بها سواء لك أو لعملك كما أنها تغيّر من مشاعر الجمهور». وشرح رسولوف أن رضا في الفيلم يعاني من «التركيبة التي أنجبها النظام، تركيبة فيها كل القمع الاجتماعي الذي يعاقب هؤلاء الذين لايتبعون الخط نفسه والقيم الموضوعة». وعن خشيته من تنفيذ حكم فيه قريباً أجاب أن النظام يعمل على نحو صعب التفسير: «أشعر بأن سيف ديموقليس مسلط فوق رأسي»، مضيفاً أنه يعتقد أن ردود الفعل الغربية هي ألتي منعت تنفيذ الحكم السابق فيه. إذ أفــــرج عنه حينها بكفالة. وعبّر رسولوف عن مشاعر الخوف والقلق التي تعتريه في كل مرة يغادر فيها، أو يعود إلى إيران قائلاً «لا أشعر بنفسي حراً بل أعيش مـــع الخـــوف، كل مرة أريد فيها ترك بلدي أخشى أن أمنع وأخــــاف العودة. لكنها حياتي ويجب أن أستغل كل انفتاح صغير وكل فجوة للخلاص من الرقابة وأن أكون خلاقاً». وعلى رغم إقامة عائلة المخرج في ألمانيا إلا أنه قرر العودة إلى بلده لأنه «إيراني وأصنع أفلامي في إيران» و «الوضع لن يتغير إن بقينا في الخارج» كما قال. وقد دعا موزع فيلمه في فرنسا إلى التوقيع على عريضة تطالب بالتضامن معه وبـ «حرية التعبير».
مشاركة :