في ختام يومين حافلين بالمحادثات في القاهرة حول «سد النهضة» الإثيوبي وإمكانات التعاون الاقتصادي بين البلدين، تعهد رئيس وزراء إثيوبيا هيلي ميريام ديسالين في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعدم إضرار «سد النهضة» بمصالح مصر المائية، فيما أعرب السيسي عن قلقه من تعطل دراسات السد الفنية. ووقع السيسي وديسالين مذكرات تفاهم بين البلدين، في مقدمها مذكرة «مشاورات سياسية وديبلوماسية»، وقعها وزيرا الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الإثيوبي وركنه جبيو. وكان السيسي تحدث في بداية المؤتمر الصحافي عن مضمون محادثاته مع ديسالين التي تناولت فرص زيادة التعاون الاقتصادي، على ضوء اهتمام القطاع الخاص المصري بزيادة استثماراته في السوق الإثيوبية، معلناً عن اتفاق على تقديم كل التسهيلات الممكنة بغرض دعم هذه الاستثمارات، بما في ذلك التعاون لإقامة منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا، والتعاون في مجالات الاستثمار الزراعي، والثروة الحيوانية، والمزارع السمكية، والصحة، فضلاً عن تكثيف الجهود لزيادة حجم التبادل التجاري، ما يؤدي إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين، وتقديم نموذج ناجح للتكامل المطلوب أفريقياً. وأكد السيسي لديسالين إيمان مصر الذي لا يتزعزع بحق إثيوبيا وكل الدول الشقيقة وشعوب العالم في التنمية، وما يتمتع به حوض نهر النيل من موارد وإمكانات هائلة تجعله مصدراً للترابط والبناء والتنمية، لا مصدراً للصراع، خصوصاً مع ما يتوافر من آفاق للتعاون في مجالات الربط الكهربائي، والزراعة والتصنيع، والاستثمار، والتبادل التجاري، من خلال إعمال مبدأ «المنفعة المشتركة». وقال السيسي خلال المحادثات مع ديسالين أن نموذج التعاون في حوض نهر النيل لا يجب أن يكون في أي شكل من الأشكال «معادلة صفرية»، وإنما قاطرة لتحقيق التنمية والرخاء لشعوبنا، من خلال التعاون وتفهم شواغل الطرف الآخر، خصوصاً حينما تتعلق تلك الشواغل بشريان الحياة الرئيسي لشعب يتجاوز عدد سكانه المئة مليون نسمة، ويعتمد في شكل رئيسي على هذا النهر كمورد للمياه. وأعرب عن قلق بالغ من استمرار حالة الجمود التي تعتري المسار الفني الثلاثي المعني بإتمام الدراسات المتفق عليها لتحديد الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة لـ «سد النهضة» على دولتي المصب وكيفية تجنبها. وأشار إلى تقدير مصر تعهدات إثيوبيا الدائمة وحرصها على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية، قائلاً إن السبيل الأمثل والوحيد لترجمة ذلك هو استكمال الدراسات المطلوبة والالتزام بنتائجها، بما يضمن تجنب أي آثار سلبية للسد على دولتي المصب. وأشار إلى ما طرحته مصر على الأشقاء في إثيوبيا والسودان مشاركة البنك الدولي في اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية المعنية بـ «سد النهضة» كطرف فني محايد للبت في الخلافات الفنية بين الدول الثلاث. ووصف ديسالين اللقاءات مع الرئيس السيسي بأنها تاريخية، ونوقشت خلالها قضايا إقليمية وعالمية، وطرق تعزيز الروابط والعلاقات مع مصر، وقضايا الإرهاب والتطرف الديني. وقدم تعازيه لمصر حكومة وشعباً في ضحايا الهجمات الإرهابية التي شنت ضد الأبرياء في مسجد الروضة. وأكد أن «نهر النيل يعد أحد مكونات الروابط الوثيقة بين الشعب المصري والإثيوبي، وكان وسيبقى دائماً فرصة للتعاون بين الجانبين، وأنه لن يصبح أبداً موضعاً للنزاع أو التنافس». وأضاف أن «طموح بلاده التغلب على الفقر وهو ما يتطلب مقداراً كبيراً من الطاقة والموارد البشرية، وهذا ما قاد إلى بناء السد»، مشدداً على أن بناء السد «لن يؤثر في مصر بأي شكل سلبي، ولن يشكل أي ضرر لأي جهة»، لافتاً إلى أن سد النهضة عنصر مهم للتنمية لإثيوبيا و»يجب أن ننظر إليه كتنمية لكم أيضاً كما هو يمثل مصدرنا للتنمية بالنسبة لنا» و «لن يؤثر في مصر والسودان». وأكد مواصلة العمل مع الرئيس السيسي من أجل الوصول إلى نتائج تحقق مكاسب للطرفين وحل أي صعوبات تنشأ في ما بيننا من خلال مسار المفاوضات، مضيفاً أن بلاده على استعداد «لحل أي قضايا عالقة يمكن أن تعوق عملية التقدم». وصرح الناطق الرسمي باسم الرئاسة السفير بسام راضي بأن السيسي وديسالين عقدا في البداية لقاء منفرداً، ثم قاما برئاسة اجتماع اللجنة العليا المصرية الإثيوبية في حضور وفدي البلدين. وأضاف أن ديسالين أعرب من جانبه عن حرص بلاده والتزامها تعزيز التعاون مع مصر في مختلف المجالات، مشيراً إلى الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين، وأهمية العمل على تطوير التعاون الثنائي في شتى القطاعات.
مشاركة :