سناء البيسي: "كيرياليسون" حمدي رزق قلم مغموس بمداد الخلطة المصرية الوطنية

  • 1/20/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كتبت الكاتبة الكبيرة سناء البيسى، مقالا مطولا تحدثت فيه عن كتاب "كيرياليسون في محبة الأقباط " للكاتب الصحفى حمدى رزق الذى صدر مؤخرا عن عن مؤسسة روز اليوسف "سلسلة الكتاب الذهبي" قراءة فى "دفتر أحوال أقباط مصر".قالت "البيسى" فى مقالها أحب الكتاب الدسم.. الشبعة من بعد جوعة.. الكتاب الذى يسرقنى يبتلعنى يأخذنى يكبلنى يأسرنى ينسينى كل ما حولى.. يخرس رنينى يوصد مرآتى ويحجّم خروجى ودخولى وسرحانى واجترار أحزانى وهدهدة أوجاعى، وحسرة عد خطوط تجاعيد جبهتى وأرجحة ضرسى، وغلق نور الصالة البعيد والمحبس العمومى بالحمام المرشّح، ومراجعة مدى القرابة والنسب لعائلات أعمدة وفيات الصفحة الأخيرة.. أحب الكتاب المتعوب فيه.. الكتاب الذى ما أن.. حتى الغلاف الأخير.. وإن كان الجلوس إليه على حساب الجلوس لمائدة الطعام والتسريحة والضيافة والمواصلة.وأضافت فى مقالها أن الكتاب يضيف ويكشف ويؤرّخ ويصحح ويفتح النوافذ على عالم جديد ظننتنى على عِلم به فاكتشفت بين كشوف صفحاته وهن معلوماتى وقشرة ظنى.. كتاب «كيرياليسون» لصاحبه وصاحبى حمدى رزق صاحب القلم المغموس بمداد الخلطة المصرية الوطنية السحرية الذى دخل فيه إلى قلب المسيحى المصرى الذى يردد كلمة «كيرياليسون» اليونانية التى تنقسم إلى كلمة «كيرية» أو «كيروس» بمعنى «يارب» وكلمة «ايليسون» ومعناها «ارحمنا» أى أنها بتلاقى شقيها بمعنى «ارحمنا يارب».. وأبصم بالعشرة أننى بعدما انتهيت من الكتاب بصفحاته الـ405 وجدتنى أردد كيرياليسون فاللـه معنا جميعًا..وأشارت إلى أنه على صفحات الكتاب سافرت إلى عصور كان الأقباط فيها يدرسون بالأزهر الشريف مثل عائلة أبناء العسال التى عاشت فى القرنين السادس والسابع الهجريين، ودرست فى رحاب الأزهر وتلقى أبناؤها تعاليم الإسلام واللغة العربية فانعكست تلك الدراسة الإسلامية فى كتاباتهم، ومثل الشيخ الرئيس ابن قيصر الأزهرى وهو من رجال القرن الـ13 الذى ألفَ كتابا فى «نحو» اللغة القبطية سماه «التبصرة» على غرار مؤلفات النحو العربى، والعالِم المصرى ميخائيل الصباغ (1774 ــ 1816م) الذى درس على أيدى علماء الأزهر ومنهم الشيخ الخراشى الأزهرى، وتادرس بن وهبة الطهطاوى وكان قد التحق بالأزهر ودرس علوم الحديث والفقه واللغة، وعندما تقدم للامتحان النهائى بمدرسة الأقباط، كان يترأس منصة الامتحان رفاعة رافع الطهطاوى، وكان من مؤلفات ميخائيل «الخلاصة الذهبية فى اللغة العربية».وكان السياسى القبطى الحزبى مكرم عبيد عامين قد درس فى الأزهر بمقتبل حياته، فحفظ القرآن، وتلقى علوم الشريعة، حتى إنه كان يكسب معظم قضاياه لاعتماده على آيات الذكر الحكيم، والقمص مرقص سرجيوس خطيب ثورة 19 والتى قادها من فوق منبر الجامع الأزهر بعباراته الحماسية النارية ضد الاحتلال البريطانى! وكانت ثقافته الإسلامية تعادل ثقافته المسيحية، وكثيرًا ما استشهد بالقرآن الكريم، والصحفى القبطى جندى إبراهيم شحاتة (1864 ــ 1928) الذى تلقى دروسه فى أحد الكتاتيب الإسلامية فى مدينة جرجا بصعيد مصر، وحفظ القرآن الكريم، ودرس فى الأزهر الشريف علوم العربية والشريعة، وميخائيل جرجس الذى درس بالأزهر من سنة (1885 ــ 1891) وهو من أهم الشمامسة فى ذلك الوقت، وفى تلك الفترة أتقن علوم النحو والصرف والبيان، كما حفظ ألفية بن مالك من الشيخ محمد بصرة وفى السنة الثانية من دراسته بالأزهر رأى البابا كيرلس فى صوته وحفظه السليم لكل ما تلقنه المؤهلات الوافية لرسامته شماسًا ـ وهى رتبة كنسية ـ ولما أتم ميخائيل دراسته بالأزهر عينه البابا مرتلا بالكاتدرائية المرقسية، وازداد تقدير البابا له فعينه أيضا مدرسا للألحان فى الإكليريكية فى 2 نوفمبر 1893.وتبدأ مبادرة «بيت العائلة المصرية» أثناء زيارة وفد الأزهر برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب إلى البابا شنودة الثالث فى 2 يناير 2011 لتقديم العزاء بعد الاعتداء على كنيسة القديسين بالاسكندرية فيلقى ترحيبا منه لتتلخص أهداف البيت الكريم فى الحفاظ على النسيج الوطنى الواحد لأبناء مصر..وأوضحت ان حمدى رزق جمع فى كتابه ــ المزود من شدة ثرائه بالهوامش الغزيرة الحافلة ــ تلك العلاقة الحميمية المتميزة التى كانت تجمعه بالبابا كيرلس السادس والتى عبر عنها محمد حسنين هيكل قائلا «كان بينهما إعجاب متبادل، وكان معروفا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبدالناصر فى أى وقت يشاء، وفى لقاء من اللقاءات العديدة بينهما فى عام ١٩٥٩ قال البابا (إنى بعون الرب سأعمل على تعليم أبنائى معرفة الرب وحب الوطن ومعنى الأخوة ليشب الوطن وحدة قوية)و أثنى جمال عبدالناصر على وطنية البابا كيرلس الذى أصدر بيانا مشتركا مع شيخ الأزهر الإمام الأكبر حسن مأمون جاء فيه «نبعثها صيحة حرة مدوية معلنة أننا نرفض تماما فكرة تغبير الوضع القائم بالقدس قبل العدوان الغاشم كما نرفض تدويل القدس» ومن أجمل العبارات التى أرسلها كيرلس السادس فى برقيته إلى بابا روما «سنموت مسلمين ومسيحيين شهداء يدافعون عن القدس».. وقد وقفت الكنيسة القبطية موقفا شديد الصلابة ممثلة فى مجمعها المقدس حول وثيقة الكاردينال بيا والفاتيكان حول تبرئة اليهود من دم المسيح.. وتلقى البابا كيرلس نبأ وفاة الرئيس عبدالناصر بحزن شديد وأصدر بيانا إلى الأمة جاء فى كلماته: «…. إن جمال لم يمت ولن يموت، إنه صنع على مدى عشرين سنة من تاريخنا ما لم يصنعه أحد من قبله فى قرون».. وظلت جميع الكنائس تدق أجراسها دقات الحزن وأقيمت الصلوات واتشحت جميع الكنائس بالسواد أربعين يومًا.ولفتت إلى أنه فى كتاب حمدى رزق الموسوعة أحداث وأنواء وتواريخ منها مرتان رأى فيهما حمدى رزق دموع البابا تواضروس الثانى.. دموعه الأولى يوم وفاة والدته التى نشر نعيها بصفحة الوفيات فى أهرام ٢٩ مارس ٢٠١٤ بسطور راجعها البابا بنفسه فى مقدمتها: «رقدت على رجاء القيامة سامية نسيم اسطفانوس، ابنة المرحومين نسيم اسطفانوس وجميانة عزيز بالبرارى زوجة المرحوم المهندس صبحى باقي، والدة صاحب القداسة البابا تواضروس الثانى، والمهندسة هدى صبحى زوجة المرحوم الدكتور مجدى اسكندر، والمرحومة المهندسة إيمان زوجة المهندس مدحت صبحى.. الخ».. والمرة الثانية التى كتب فيها حمدى رزق عن دموع البابا عندما شيعت الجنازات الرسمية لشهداء الوطن إثر الحادث الإرهابى الذى تعرضت له الكنيسة البطرسية بالعباسية وكان المشهد الجلل يتقدمه رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى معزيا بربطة العنق السوداء.واختتمت مقالها بأن حمدى رزق يبقى متابعا ومسجلا ومؤرخا لأخوة الوطن بقلب المحب الهاتف كيرياليسون فى وطن قال فيه البابا تواضروس «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن ولو حرقوا الكنائس حنصلى فى الجوامع مع المسلمين، ولو حرقوا الجوامع حنصلى احنا والمسلمين مع بعض فى الشوارع».

مشاركة :