استمرار الهتافات أن مرسي رئيسي تشي بوفاء عظيم من مؤيدين ليس بالطبع كلهم من جماعة الإخوان المسلمين، ولكن كثير منهم ممن يريدون أن يورثوا لأبنائهم قيمة الاحتكام للمسارات والأدوات الديمقراطية المتعارف عليها، حتى في بلاد تركب الأفيال، والتي سبقتنا وتجاوزتنا بعشرات السنين الضوئية. لكن الواقع مؤلم، ونحن في العام الخامس من الانقلاب، فالقتل خارج نطاق القانون يحقق أرقاماً قياسية، خاصة بعد تولي جلاد الداخلية مجدي عبدالغفار حقيبة الداخلية في مارس 2015، وبالطبع معه الاختفاء القسري المصدر الرئيسي للقتل والتصفيات الجسدية... بينما الإعدامات الجائرة لأبرياء تم تسريع وتيرة تنفيذها حتى بلغت 27 ضحية في قضايا مسيسة تماما "آخرهم أبرياء كفر الشيخ في 2 يناير/كانون الثاني الجاري، وما زال 28 آخرون ينتظرون تنفيذ الإعدام في أي لحظة بعدما باتت أحكامهم نافذة واستنفدت درجات التقاضي. ملف المعتقلين مخيف، ويتجاوز 60 ألف معتقل! قتل منهم منذ يوليو/تموز 2013 أكثر من 600 معتقل ومحتجز بالتعذيب وبالإهمال الطبي وبالتكدس وسوء التهوية، فضلاً عن ملف المطاردين بالداخل، وهو المسكوت عنه وربما يكون أسوأ بكثير من ملف المطاردين بالخارج في السودان وتركيا وغيرها من الدول، لما يعانيه هؤلاء من ملاحقات أمنية مستمرة خلاف ضيق العيش واستحالة العمل، وأخيراً ملف سيناء وأهلها الذين يخونون ويقصفون ويهجرون ويقتلون في صمت، ولا بواكي لهم، وكأن قتل 335 مصلياً منهم بمسجد الروضة مشهد عابر مر على ضمير الدولة المصرية مثله مثل مقتل شرطي في كمين! ما سبق لمحات سريعة لا تستطيع أن تجسد حجم الكارثة وتبعاتها، ولكنها تفضح حالة يتم تجاهلها من قيادات ونخب تجد أن صناعة معارك صغيرة أو إصدار بيانات أفضل لها من الاشتباك مع الواقع المرير. ومع العجز والفشل المريرين اللذين عايشتهما وعاينتهما بنفسي أرى أن إعلان رئيس أركان الجيش المصري السابق سامي عنان ترشحه للرئاسة بارقة أمل في حلحلة مصر من داخل قاع الوحل التي تقبع فيه، خاصة في ملف حقوق الإنسان. وهنا يجب الإشادة ببيان عنان وتركيزه على هذا الملف بإعلانه اختيار نائب له وهو المستشار هشام جنينة؛ ليكون مسؤول هذا الملف.. لكننا نحتاج تأكيدات وتطمينات أكثر لكي تبدد مخاوف من يفضل الموت كمداً وعجزاً عن التصويت لعسكري آخر، بعد ما شاهده في مصر خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. إذن مطلوب من سامي عنان وفريقه كلام واضح وصريح في برنامجه الانتخابي عن: - إلغاء كافة الأحكام المسيسة النهائية التي صدرت بعد 3 يوليو/تموز 2013 سواء بالإعدام أو السجن. - الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين والمختفين قسرياً. - إلغاء كافة القوانين الاستثنائية التي صدرت بعد الانقلاب، مثل حالة الطوارئ وقوانين المنشآت العسكرية والتظاهر والإرهاب.. إلى آخره. - تحقيق العدالة الانتقالية في خطوات واضحة بفتح تحقيقات شفافة في ما ارتكب من مجازر وجرائم في حق المصريين بعد الانقلاب. - الإعلان عن وقف العمليات العسكرية في شمال سيناء ووقف التهجير القسري فوراً، وأن الحل هناك سياسي بمصالحة شاملة تزيل كل أسباب الاحتقان. - رفع أسماء جميع من تم وضعهم على قوائم الإرهاب. - إعادة أموال وممتلكات الأشخاص والجمعيات والمؤسسات التي تم تأميمها وتجميدها. - إعادة الحياة لمنظمات المجتمع المدني في مصر وإلغاء كافة القيود عليها، خاصة المنظمات الحقوقية. - إلغاء كافة قوائم المنع من السفر والترقب للوصول لمن تم إدراجهم عليها بعد الانقلاب. - سرعة تنفيذ كل ما سبق بخطوات حاسمة لتحقيق العدالة الانتقالية في مدة لا تتجاوز شهراً من تاريخ توليه منصب رئيس الجمهورية. أخيراً أقول لعنان وفريقه:افعلوا ما سبق، وأزعم أنه يضمن لكم ملايين من أصوات الموجوعين والمضارين في مصر. وأقول لأهلي وناسي في مصر: الشجرة القوية لا يهزها إلا أحد فروعها، وواضح أن عبقرية جمال حمدان تطل علينا برأسها كل يوم وهو يحدثنا أن التغيير في الدولة المصرية يكون من داخلها.. فلنجرب نصيحة حمدان إلى أن نستعيد أنفسنا، ونتعلم من أخطاء بالجملة وقعنا فيها، ونكون قادرين على التغيير بثورة حقيقية لا نفرط فيها ولا نسلمها لمن ثُرنا عليه! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :