لست مضطرة إلى أخذ إجازة والذهاب إلى «ديزني لاند»، أو أيّ مكانٍ آخر فاخر، وشراء التذكارات كي تعزّزي علاقتك بصغيرك. كذلك لا تحتاجين إلى شراء هدايا باهظة الثمن له. ولا داعي لتمضية كلّ لحظةٍ معه كي تشعري بأنّك قريبة إليه. ربّما تعلمين هذا، ولكن لما كنت تريدين الأفضل لطفلك وتودّين إسعاده ورؤية ابتسامته، فتنسين هذه الأمور كلها. تملئين عربة تسوّقك بألعاب عشوائيّة، وتحجزين رحلات تعجزين عن تحمّل تكاليفها آملة بأن ترضي طفلك، متناسية أن التواصل يحدث بطرائق بسيطة في يومياتكما. صحيح أنّ الرحلة الكبيرة تحمل لكما ذكريات سعيدة، ولكن لعبة «لنتظاهر أنّنا...» مع طفلك البالغ من العمر ثلاث سنوات تؤدي الغرض ذاته أيضاً. إذ يحمل ما نقوم به في حياتنا اليوميّة أهمية أكبر ممّا نفعله في مناسبات محددة. في ما يلي، يشاركك معالجون استراتيجيّات صغيرة ولكن بغاية الأهمّيّة لمساعدتك في تعزيز التواصل مع طفلك. العبا معاً يشكّل اللعب إحدى أهمّ الطرائق التي تسمح لك بالتواصل مع طفلك، بحسب ريبيكّا زيف، معالجة نفسية متخصّصة في العمل مع الأطفال والمراهقين والعائلات. عندما تلعبين مع طفلك، «فأنت تتواصلين معه، وهو في المقابل يشعر بأنّه مهم ومحبوب ومرح»، على حدّ قولها. وتتابع: «اللعب وسيلة طفلك الأساسيّة للتعبير عن ذاته». أمّا لورا أثيه لويد، عالمة نفس متخصّصة في العمل مع الأطفال والراشدين، فتقول: «اللعب هو «العمل» بالنسبة إلى الأطفال؛ فهو مهمٌّ وأساسي للغاية في ما يتعلّق بالنمو الجسدي والمعرفي والعاطفي». تقترح الدكتورة زيف عليك تخصيص وقتٍ كلّ يوم للعب مع طفلك. دعيه يختار اللعبة وانزلي إلى مستواه (أي اجلسي بالقرب منه على الأرض) ودعيه يتولّى القيادة. على سبيل المثال وحسب الدكتورة أثيه لويد، يرغب طفلك البالغ من العمر سنتين في أن يقدّم لك طعاماً «طهاه» بنفسه. أو تريد طفلتك ذات الخمس سنوات استخدام شخصيّات بيت الدمى لتروي لك قصّة مفصّلة. أو ينوي طفلك البالغ ثماني سنوات اللعب في إحدى ألعاب الألواح. لا تملي قواعد اللعب على طفلك، ولا تجبريه على اتّباع قوانين صارمة في اللعبة أو النشاط الذي يقوم به، كالتلوين. بل دعيه يبدأ وراقبيه ثمّ «كوني مرآةً لما يفعل». فإذا كان يرسم نقاطاً في دفتر التلوين، قومي بالحركة ذاتها، وإذا كان لا يلوّن حتّى بل يفرغ مقلمته من أقلام التلوين ثمّ يعيد ترتيبها فيها، اتّبعي خطاه. تشمل الوسائل الأخرى التي يمكنك اللجوء إليها لتلعبي مع طفلك: الطهو والخبز وتحضير أيّ طبقٍ والمشي واللعب بدولاب الهولا هوب والرقص والقراءة. لا توطّد نشاطاتٌ كهذه تقومان بها سويّاً علاقتك بطفلك فحسب، بل تعزّز تقدير الأخير نفسه أيضاً، حسب شون غروفر، عاملٌ اجتماعي مرخّص ومعالج نفسي وصاحب كتابWhen Kids Call Shots: How to Seize Control from Your Darling Bully – and Enjoy Being a Parent Again (عندما يتوكّل طفلك زمام الأمور: كيف تنتزعين السيطرة من عزيزك المشاغب – وتستمتعين مجدّداً بكونك أمّاً). ويتابع غروفر: «تزوّد هذه الطريقة طفلك بذكريات رائعة عن انخراط والديه بنشاطاته وتفانيهما. فحين يشعر بأنّهما يقدّرانه، بدوره يقدّر نفسه أكثر ويعمل جاهداً لتحقيق أهدافه». كوني المعلِّقة في لعبته ينصحك كلٌّ من الدكتورة زيف وآدم بليتر، عالم نفس للصغار، بأن تقولي ببساطة بصوتٍ عالٍ كل ما يقوم به طفلك. تذكر الدكتورة زيف: »اعتبري نفسك المعلّقة في لعبة كرة القاعدة تخبرين المشاهدين عن كلّ خطوةٍ تجري على الملعب». كذلك تشمل هذه الطريقة تسليط الضوء على سلوكيّاته الإيجابيّة. فيعلّق بليتر، الذي يعمل مع عائلات عدّة تكافح لإيجاد التوازن بين التواصل مع أطفالها وإدارة مسؤوليّاتها وضغوطاتها كأفراد راشدين: «كلّما تطرّق الأهل أكثر إلى هذه السلوكيّات الإيجابيّة، عمل الطفل ليحصل على لفت الانتباه الإيجابي هذا، وهو ببساطة إعطاء الوالدين انتباههما الكامل له في هذه الدقائق القليلة». بهذه الطريقة تعزّزين علاقتكما فيشعر طفلك بدعمك وتشجيعك له. تقدّم لك الدكتورة زيف هذا المثل عمّا قد تبدو روايتك، التي تستند بالطبع إلى عمر طفلك: «تبدأ بتحضير الحساء. ها أنت تضع كثيراً من الخضراوات اللذيذة... والآن قليلاً من الباستا، والحليب وكثيراً من الفلفل! آه، والآن تشعل النار وتجعل الطعام ساخناً للغاية. نسمع صوت الأزيز!». شاركي طفلك اهتماماته تنصحك الدكتورة أثيه لويد بالتعرّف إلى شخصيّات طفلك الإلكترونية المفضّلة وتعلّم كلمات أغانيه المحبّبة على قلبه. وتتابع: «قد تسأمين من الاستماع إلى أغنية «أطلقي سرّك» من فيلم «فروزن» للمرّة الألف، لكنّ هذا الوقت يمرّ بسرعة وستشعرين بالحنين يوماً ما إلى هذه اللحظات». علاوة على هذا، طوّري اهتمامات طفلك، فإذا كان يحبّ القطارات، لا تشتري له طقم قطارٍ فحسب، بل خذيه في رحلةٍ مصوّرةٍ على متن قطار. تقول الدكتورة أثنيه لويد إنّ التعلّم التجريبي يوطّد علاقتك بطفلك بشكلٍ خاص ويكوّن ذكريات رائعة وحيويّة لدى الأخير. أشركيه في اهتماماتك ينصحك بليتر بإشراك طفلك في نشاطات تناسب عمره وتركّز على الوالدين في آن. على سبيل المثال، قد تصطحبينه معك في نشاطاتٍ رياضيّة أو حفلات موسيقيّة أو تركبان الدرّاجة سويّاً أو تزوران متحفاً علميّاً. هذا مهمٌّ بشكلٍ خاص لأنّ كثيراً من الأطفال اليوم يسيطرون على والديهم. فيزداد، أكثر فأكثر، عدد العائلات التي تصبّ تركيزها كلّه على رغبات الأطفال واهتماماتهم، لكنّ هذا الأمر يؤثّر سلباً في الروابط، بحسب بليتر، لأنّ الأطفال يتحكّمون بالأمور أكثر من والديهم. ويتابع: «أضف إلى النقطة الأخيرة وصول الطفل إلى عالم الكبار على الإنترنت، غالباً، والاستمرار في محو الحواجز بين الأجيال. يؤدّي هذا الأمر إلى تزايد الضغط على الطفل ليتصرّف أكثر كالكبار، والقلق بما أنّه يغرق أحياناً تحت مستوى عالٍ من صناعة القرارات والسلطة». لفرض توازنٍ، يقترح عليك بليتر التمرين التالي: قصّي ستّ قصاصات ورق واعطي ثلاثاً لطفلك وأبقي ثلاثاً لك. دوّني على كلّ ورقة نشاطاً مختلفاً تعلمين أنّ طفلك يستمتع به وأنت مستعدّة للقيام به، ثمّ دعيه يختار ثلاثة نشاطاتٍ تستمتعين بها وهو مستعدّ للقيام بها. ألقي بالقصاصات الستّة في قبّعة وفي كلّ مرّةٍ اختاري إحداها، مدركةً أنّ لديكما ستّة أنشطة لتقوما بها سوّياً باهتمامات مشتركة تعزّز رابط الأهل/ الطفل. في النهاية، تكمن أفضل طريقة للتواصل مع طفلك في إعطائه كامل انتباهك، ورؤية الأمور من منظاره. كما تقول الدكتورة أثيه لويد: «بالنسبة إليّ، مفتاح التواصل مع الطفل هو التعوّد على رؤية الأمور من منظاره». هكذا تستمعين إليه بصدقٍ، وهذه وسيلة قويّة لإظهار حبّك له.
مشاركة :