صفيق من يُقيّم أمّة على تصرف فردي من أحد أبنائها، ومجحف من يُقيّم تصرفات أفراد شعب من نتاج تعبئة إعلامية مغرضة، وظالم من يعادي دولة نصرة لأهواء حزبية او فئوية، ومخطئ ذلك الذي يقيّم أهمية مكانة أمة، جار عليها الزمان، وعاكستها الظروف في مرحلة تاريخية، وهذا للأسف سوء حظ مصر مع البعض من جيل الشباب؛ جهلوا فضل مصر على الدول العربية، ومن بينها الكويت.. فكم هو مجحف ومؤلم ان يتنكر البعض لصنائع معروفها، خصوصاً ممن واكبوا أو علموا بريادتها. اقرؤوا التاريخ لتعرفوا دور مصر في النوازل والنوب، فمن غيرها عن بلاد الاسلام حين الشدائد يذب، ومن مثلها ألهم وَقاد حركات تحرر بلاد العرب، ألم تكن هي أداتها ووقود حراكها وصوتها ومستودعها الذي يقب، ومثل ذلك كان دورها في حركات التنوير للواجب تدب، وتبعث روح الحياة في النفوس إرادة وعزيمة جبارة تهب، فما الكنانة إلا العرب على ربوعها من بنيها سادة للواجب تُجب. كانت مصر ترسل الكوادر الطبية الى البلاد العربية، وتبعث المدرسين لتطوير التعليم فيها، وذلك من دون مقابل وعلى حسابها، فعلّمت عشرات الألوف جيلاً بعد جيل من طلاب العرب في جامعاتها، حتى ان بعضهم كان من دون أي رسوم دراسية، وبعضهم برسوم رمزية، وكان من ضمنهم رواد البعثات الدراسية الكويتية، فلا يوجد بيت من اهل الكويت الا وتجد أحداً من افراد أسرته قد درس في إحدى جامعات مصر. من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فكيف ينسى ما لمصر من شرف الريادة؛ في الأبحاث الإسلامية، ودراسات القرآن، وعلم القراءات، والفقه والقانون والدراسات الحقوقية، وفي إثراء شتى المجالات الفنية والأدبية شعراً ونثراً ورواية، وكذلك في الاعلام صحافة وتلفزيوناً وإذاعة، وفي المسرح والسينما، وفي كل شأن وعلم وفن تجد لها الريادة.. فصبراً يا مصر على ما سمعت من نكران الجاحدين، ومن سفاهة الرخم الناعقين، ومن كريه خطاب البغاث السياسيين. يا مصر هذه يد عن أصالة اهل الكويت تُصافحكم؛ فمعكم نفس الكريم تُصافح نفسه، وإن استنسرت البغاث، في غفلة من الزمان! لا عليك، فأنت أمّ البلاد، والغاية والمراد، ولا تزالين يا مصر تطوين الزمان بكفك، فيأتيك زمان سرور، وزمان شرور، ولا عليك.. فمن غيرك في الشموخ يبقى شاهدا على حلول هذا العصر، وأفول ذاك، فأنت سيف الضعيف وحلم المسكين ومواساة الحزين، وأنت أغلى درة فوق جبين الدهر غرة، وأنت تاج العلا على مفرق الشرق والمغرب، وشمس الذّهب تحمل الأرض وتغرب، ماضيك يحمل الحقّ وينتسب، وحاضرك في عزّه القبب. حجاج بوخضور
مشاركة :