تعوّدوا على الأخطاء الطبية | لولو الحبيشي

  • 8/31/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لا أدري ماذا يريد المواطن الذي توفي أحد أفراد أسرته بخطأ طبي في إحدى الورش البشرية، ماذا يريد أكثر من منع الطبيب القاتل من السفر، تمهيدًا لتغريمه خمسين ألف ريال؟! ويحتج -هداه الله ورحم ميته- بأن خمسين ألف ريال ثمن بخس لجريمة شنعاء، لكن ما العمل ما دام تُجَّار البشر هم الوحيدون الذين لا يرفعون الأسعار، والعامة -أصلحهم الله- طمّاعون يريدون استغلال المواقف وحل مشكلاتهم المالية على (قفا وزارة الصحة)، فماذا يعني أن يُخطئ الطبيب، ويميل قليلًا بمشرطه فيقطع شريانا أو مصرانًا أو حتى عصبًا، ماذا يعني إن اشتبه الأمر عليه، فالشرايين متشابكة والمصارين متعاركة والأعصاب متهالكة؟! واستنادًا على الآية الكريمة: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) يحلم ذوو القتلى في (ساحات العمليات) بأن لجان التحقيق حين تكتشف أن الطبيب الذي أجرى العملية الجراحية ليس جراحًا، أو ربما كان طبيبًا بيطريًا، أو ليس طبيبًا من أصله، سيسمح له وذووه بارتداء زي الأطباء، ودخول غرفة العمليات واستلام المشارط والمقصات (ما فيش حد أحسن من حد)، ثم يُخدِّر الطبيب المزوّر، ويقال لذوي القتيل: اقتصوا من القاتل وأجروا له ما تشاءون من عمليات! لا أدري لماذا نعمل (هولّيلة) للشماتة بالخطأ الطبي؟! وكأن الطبيب ليس بشرًا وجل من لا يخطئ، لماذا نُمرِّر خطأ المعلم في تفسير كلمة الطارق بأنه اسم من أسماء يوم القيامة، ونُمرّر خطأ الحَكَم في إلغاء هدف صحيح، وخطأ العبث في مكوّنات مياه الشرب، وأخطاء المذيعين، وإملاء المُغرِّدين، ونأتي على ضعف الأطباء (ونتصدر)، وكل تلك الأخطاء مجرد أخطاء مهنية، لكن ذنب الطبيب أن خطأه لا يُمسح بممحاة! وها نحن نرى انتصار المولى لوزارة الصحة في قضية (رهام) فقط أعطى الله الصحة على قدر نواياها البيضاء، فها هي (رهام) التي أقمنا الدنيا على رأس الصحة من أجلها أثبتت الفحوصات السعودية والأمريكية -بجلالة مختبراتها- خلو جسمها من فايروس الإيدز ولله الحمد والمنة، صحيح أن الدم الذي نُقِلَ لها كان ملوثًا، وصحيح أن الكيس المُلوّث وضع مع الأكياس الصالحة، وصحيح أن الذي نقل الدم لرهام لم ينتبه، والذي صنّفه أصلًا لم يتخلص منه فورًا، لكن حمدًا لله الذي ستر و(جاب العواقب سليمة)! طريقتنا في التعامل مع الأخطاء الطبية متشنجة وستقضي علينا بالكمد والضغط والسكر، وعلينا أن نقي أنفسنا شر الأمراض المزمنة ونتفادى أن تذلنا الأمراض وتضعنا بين يدي أطباء (أنت وحظك)، ولهذا علينا من اليوم وصاعدًا ألا نُكبِّر الأخطاء الطبية ونجعلها أبشع الأخطاء المهنية، فنحن مؤمنون بأن لا أحد يموت (ناقص عمر)، وعلينا التعامل مع تعتعة مشرط الطبيب كما نتعامل مع تعتعة المذيع، و(انبراش) مشرط الجراح في الموضع الخطأ (كانبراش) لاعب على آخر، وصرف دواء بالخطأ كصرف البقال لبضاعة بدل أخرى، أقول هذا بعد مطالعة خبر وفاة امرأة تعاني من فتق في السرّة، بعد عملية جراحية فاشلة أدت لالتصاق الأمعاء وحدوث ثقوب وتسربات أدخلتها في غيبوبة قبل أن تتوفى رحمها الله، خطأ مهني عاااااادي، صحيح أن أسرتها فقدت ركنًا أساسيًا الله يعلم ما ستؤول إليه مصائر أطفالها وأهلها المحترقين حزنًا عليها، لكن ليس أمامهم وأمامنا إلا التعوّد والصبر، تعودوا بارك الله فيكم، تصرفوا فيما تملكون، ودربوا أنفسكم على تقبل الأخطاء الطبية مهما قست، فإن أمرضكم الهم ستكونون عُرضة لفقد ضحية أخرى. lolo.alamro@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (71) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :