يستضيف «دار المصور» في بيروت، معرضاً فوتوغرافياً لرياض دمشقية بعنوان «مشاهد من أفريقيا»، يغوص في العوالم الجميلة للقارة السوداء، بحثاً عن لقطات فنية في الطبيعة الخلابة. ويتضمن المعرض صوراً التقطها دمشقية خلال رحلته التصويرية في كينيا وشمال تنزانيا في صيف ٢٠١٧. تعكس هذه الصور حياة قبائل الماساي القاطنة في بيوت الطين، وتعايشهم مع العالم الحيواني في المحميات الوطنية. ريع المعرض يعود إلى دعم مدرسة الأخوة لتعليم الأطفال اللاجئين في مخيم برج البراجنة حيث يعاني معظمهم من صدمات واضطرابات نفسية. والأمر ليس بغريب على «دار المصور» التي تنشط منذ سنوات على نشر ثقافة الصورة، وتعليم الجيل الجديد أصول هذه الهواية- المهنة، عبر دورات تعليمية شهرية تنظمها بإشراف مصورين محترفين. ومن هنا تبدأ حكاية رياض دمشقية وهو أستاذ محاضر في الجامعة الأميركية في بيروت، عاد إلى ممارسة هواية التصوير تشجيعاً من الدار بعد انقطاع دام ثلاثين سنة. يدرك المتجول في المعرض، مدى القوة التعبيرية للأعمال المعروضة، ومحاولة إظهار التعايش والتأقلم ما بين قبائل الماساي والحيوانات في المحميات الطبيعية. ومن الصور بورتريه لآخر وحيد قرن ذكر في العالم، يبلغ نحو 44 سنة، وهو لم يعد قادراً على الإنجاب، ما يعني انقراض هذه السلالة، لكن العلماء يعملون على منع ذلك. وقبائل الماساي، مجموعة عرقية تستوطن قرب بحيرة توركانا. وتلك القبائل المنغلقة على نفسها، يكرس الفرد فيها حياته فقط لرعي الأبقار وتربيتها، وهم مسالمون على رغم مظهرهم إلا أنهم قوم محاربون عند الحاجة للدفاع عن أبقارهم، لهذا يخشاهم جيرانهم الرعاة من قبائل الزامبورو والكيكويو والباري ولا يدخلون معهم في صدام، خصوصاً عند تماس مناطق الرعي السهلية الواسعة التي تعرف بالسافانا. يعرف عن الماساي بأنهم مبدعون في زخرفة أجسادهم السمراء الفارعة بألوان ثابتة في معتقداتهم وهي الأبيض والأحمر والأخضر والأزرق والبرتقالي الطيني حيث يحظى كل فرد بلون بحسب عمره ومرتبته الاجتماعية والتي تبنى على عدد ما يملكه من رؤوس أبقار وتختار المرأة تلك الألوان لزينة حليها من الخرز الذي ترتديه النساء والرجال على حد سواء. يشترى الماساي الخرز الملون البلاستيكي والزجاجي من المناطق المدنية ويبيعه لهم تجار عرب وهنود من منطقة شرق أفريقيا وفي أوائل هذا القرن دخل النحاس والفضة ضمن تلك التجارة وتسمى العقود والحلقان «أركابوتي». قاومت شعوب الماساي كل أشكال التحول من الحياة الرعوية المتنقلة في سهول السافانا الخصبة بين حدود كينيا وتنزانيا. ويقوم الشباب ويعرفون «بالمحاربين» ببناء خيام من القش المدبب محكم التصميم على امتداد الأراضي الرعوية، ويسعون وراء ماشيتهم ويحاربون بأسلحة بدائية كل ما يعترض سبيل تلك الماشية من أخطار أهمها حيوانات السافانا المفترسة.
مشاركة :