عفرين تشعل الصراع بين الأتراك والأكراد في ألمانيا

  • 1/24/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

احتجاجات واشتباكات وعنف في ألمانيا بين أكراد وأتراك مؤيدين لإردوغان ذلك منذ بدء الحملة التركية على عفرين. ومع تواصل حملة "غصن الزيتون" يتزايد القلق من تصعيد أكبر للأوضاع ومن انخراط اللاجئين السوريين في هذا الصراع أيضا. في الوقت الذي تشتد فيه حدة المعارك في عفرين السورية بعد الهجوم التركي عليها، يتزايد الجدل واحتقان الأجواء في ألمانيا بسبب هذا الهجوم خاصة بين الأتراك والأكراد المقيمين فيها. احتقان وصل إلى اشتباكات عنيفة كالتي عرفها مطار مدينة هانوفر بين مسافرين أتراك ومحتجين كرد أسفر عن اعتقالات في صفوفهم. هذه الأجواء المشحونة لم تقتصر على الجانب التركي فقط بل شملت أيضا اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا، على الأقل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بدا الانقسام واضحا حول الهجوم بين مؤيد ومستنكر حتى في صفوف من وحدهم بالأمس القرب الموقف المعارض للنظام السوري. انقسام وصل في بعض الأحيان إلى السباب والشتائم والتعليقات الطائفية. احتقان واشتباكات ولغاية الآن مازالت الكثير من المدن الألمانية تشهد احتجاجات ضد ما يحدث في عفرين  بما في ذلك العاصمة الألمانية برلين. وفي ليلة الأحد/ الاثنين قام مجهولون برمي مسجد تركي في كاسل بالدهان، وتعتقد شرطة ولاية هيسن أن لذلك علاقة بما تشهده عفرين. وفي بلدة ميندن قام مجهولون بتحطيم زجاج مقر جمعية "ديتيب" الإسلامية التركية، ورمي طلاء على جدران أحد مساجد الجمعية في مدينة لايبزيغ. وتعتبر "ديتيب" أكبر جمعية إسلامية مسجلة رسميا في ألمانيا. وتكمن أهميتها، بالإضافة إلى كونها المنظمة الإسلامية الأكثر انتشارا والأكبر في ألمانيا، في أنها حاضرة ومنظمة بشكل جيد في مختلف الولايات الألمانية، وتدير أكثر من 900 مسجد. ويخضع "اتحاد ديتيب" للسلطة الدينية التركية ويعد شريكا لكثير من الولايات فيما يتعلق بتنسيق حصص الدروس الإسلامية في المدارس الألمانية. وتواجه "ديتيب" انتقادات كبيرة (ظهرت بشكل أكبر في السنوات الأخيرة) بسبب قربها من الحكومة التركية ويعتبرها البعض ذراع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ألمانيا. ومع تزايد المخاوف والقلق من أن تتفاقم هذه التوترات وتنتقل إلى اللاجئين السوريين أيضا في ظل استمرار العملية التركية" غصن الزيتون" في عفرين وسقوط قتلى إضافيين، يرى عضو في منظمة ألمانية تعنى باللاجئين فضل عدم ذكر هويته أن السلطات الألمانية لا تدير الوضع بشكل جيد، حيث تحاول بشكل ما "إرضاء الجانب التركي وعدم إبداء أي موقف من شأنه التأثير على اتفاقية اللاجئين المبرمة مع تركيا". ويضيف المصدر في تصريحات لـDW عربية أن "حكومة أردوغان تضغط على الألمان وهم يتجاوبون معهذه الضغوط لأن ما يهم الألمان الآن هو الاحتفاظ بمكسب اتفاقية اللجوء". وعما إذا كانت هذه التوترات المقتصرة حتى الآن بين الأتراك والأكراد ستنتقل مستقبلا إلى صفوف اللاجئين السوريين أو غيرهم من اللاجئين، يستبعد المصدر المذكور أن يحدث ذلك، ويرى أن ما يجري في عفرين قد يُحدث شرخا بين اللاجئين لكن يبقى المشترك القوي بينهم في النهاية هو أنهم ضحايا أزمات وحروب وديكتاتوريات وجاؤوا إلى هنا هربا منها، وهذه قضية مشتركة كبيرة. ويتفق مع هذا الطرح أيضا محمد ميرو عضو المركز الكردي للدراسات والاستشارات القانونية الذي  يقول لـDW عربية إن الاشتباكات العنيفة اقتصرت حتى الآن على الكرد والاتراك وهي في حد ذاتها حالات قليلة لا تقارن بأعداد اللاجئين والمهاجرين منهم. رابط على موقع التواصل الإجتماعي تويتر باسم Azadîy Kurdistan يدبن الهجوم التركي على عفرين. هل ينخرط اللاجئون في الصراع؟ ويضيف ميرو "صحيح أن ما يحدث في عفرين سيخلف احتقانا لفترة محدودة في صفوف اللاجئين السوريين أيضا، لكنه لن يتطور إلى ما هو أسوأ لأن كل اللاجئين هاربون من ويلات الحرب، والمشاكل بشكل عام هي مع الحكومات وبينها وليس بين الشعوب". ويردف ميرو قائلا :"نجد أحيانا بعض المتعصبين من كل طرف ويظهر ذلك أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي لكن على الواقع لا توجد سوى حالات فردية وهناك أكراد وأتراك يقفون معا ضد الحملة على عفرين". لكن على النقيض من ذلك يتوقع الدكتور فرهاد إبراهيم سايدر، الخبير في الشأن الكردي بجامعة إيرفورت الألمانية، الأسوأ مستقبلا. إذ يقول سايدر إن عدد الأتراك في ألمانيا يقدر بثلاثة ملايين والأكراد بمليون ونصف على أقل تقدير، أي أنهم ثاني أكبر مجموعة إثنية في ألمانيا و"لم يسبق أن وحدت قضية ما الأكراد في ألمانيا كما فعلت الحملة ضد عفرين". ويضيف الخبير الكردي في حديث لـ DWعربية أن الأكراد الموجودين في ألمانيا لطالما كانوا منضوين تحت منظمات مختلفة ولديهم توجهات مختلفة وحتى اختلافات فيما بينهم "لكنها اختفت حاليا منذ إعلان الهجوم التركي على عفرين وإذا اشتدت المعارك أكثر أتوقع أن يزداد التوتر والاشتباكات" حسب رأي الخبير. أما فيما يتعلق بأية توترات محتملة بين العرب والأكراد مستقبلا خاصة في صفوف اللاجئين السوريين فلا يستثني الدكتور فرهاد سايدر ذلك قائلا: "هؤلاء لهم علاقة وثيقة بالوطن ورابط سياسي أقوى فقد جاؤوا فقط في السنوات القليلة الماضية وهو أقرب للأحداث هناك من المهاجرين العاديين الذين جاؤوا منذ سنوات طويلة، بالتالي لا أستبعد وقوع توترات أو حتى اشتباكات بينهم أيضا في المستقبل خاصة إذا طالت مدة الحملة على عفرين كما ذكرت سابقا". وعن الحلول أو الإجراءات التي يمكن اتخاذها للحيلولة دون تأزم الأوضاع أكثر ووقوع اشتباكات إضافية مستقبلا، يرى سايدر أن على السلطات الألمانية التحرك فورا من خلال ربط الدولة لاتصالات مع الجماعات والجمعيات النشيطة من الطرفين الكردي والتركي لتهدئة الأوضاع، كما ينبغي على وزارة الخارجية أن تفكر مثلا في تنظيم طاولة مستديرة لخلق حوار بين الأطراف المتصارعة. تغريدة على تويتر من شخص يدعى Burak  في ألمانيا يشجع الهجوم التركي على عفربن.  طائفية ومعارك افتراضية الإعلام التركي انخرط أيضا بشكل كبير في تشجيع الحملة على عفرين فقد نشرت قناة تي آر تي عربية التركية مثلا في صفحتها على فيسبوك خبرا مرفقا بصور حول ما أسمته "انضمام شباب وكهول في عدد من الولايات التركية يتقدمون لطلبات للانضمام إلى القوات المسلحة والجيش للمشاركة في مواجهة العناصر الإرهابية ضمن عملية غصن الزيتون بمنطقة عفرين". وتفاوتت التعليقات على المنشور بين مؤيد لحملة أنقرة ورافض لها. أحد المعلقين أشاد بـ"جيش الإسلام" كما أسماه وأبدى استعداده للانضمام إليه شخصيا، بينما حمل آخر الدول العربية مسؤولية ما يحدث في عفرين لأنها صمتت عن تدخل "دولة أعجمية" في دولة عربية. وخارج هذا المنشور أيضا بدا الطابع الديني والخطابات القومية والطائفية أيضا مسيطرا على مجريات النقاش والعديد من المنشورات على كل من فيسبوك وتويتر، وصف فيها البعض إردوغان بـ "الفاتح" و"قائد جيش الإسلام" ووصف معلقون آخرون القوات الكردية في عفرين بأنهم ملحدون أو إرهابيون. من جهة أخرى استخدم بعض رواد تويتر وفيسبوك كلمتي "احتلال تركي" او "اجتياح تركي" لوصف العملية التركية في عفرين واتهموا أردوغان ومقاتلي المعارضة الذي يساندونه في العملية بأنهم متطرفون وإرهابيون. وحتى على الصعيد الرسمي، لم يتردد أردوغان، في دعوة آلاف المساجد في بلده إلى الصلاة لنصر الحملة التي يقودها في عفرين، في خطوة أثارت المزيد من الجدل والاستقطاب، حيث اتهم الأكراد المساجد الخاضعة لسلطة "اتحاد ديتيب" بالدعوة لأردوغان في الصلوات، بحسب ما نشرت مجلة دير شبيغل الألمانية، إلا أن الاتحاد نفى في بيان له هذه الاتهامات، وهو ما يرى معه فرهاد سايدر أن الحملة على عفرين اتخذت بعدا دينيا واثنيا وقوميا بشكل أصبح فيه "معاداة كاملة للأكراد". الكاتبة: سهام أشطو

مشاركة :