تحذير من «المحاصصة الطائفية»..العراق على أبوب موسم انتخابي «ساخن»

  • 1/24/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

مع إقرار موعد نهائي للانتخابات التشريعية في العراق ـ 12 مايو / آيار المقبل ـ  بدأت التحركات السياسية تتسارع، ومعها مخاوف من تصاعد الصراع السياسي إلى مستوى عنيف، بين التحالفات الانتخابية المصدق عليها  وعددها 27 تحالفًا انتخابيًا، ( تضم 143 حزبا سياسياً)، والأحزاب التي لم تدخل في التحالفات الانتخابية بإمكانها المشاركة في الانتخابات بشكل منفرد.. وكل هذه التحالفات ليست هي التي ستحسم طبيعة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لأن التحالفات المقبلة بعد الانتخابات وظروف تشكيلها هي التي ستحدد الوضع.           ويتوقع سياسيون عراقيون، موسما انتخابيا ساخناً بعد أن بدأت مبكرا المنافسة وتبادل الاتهامات، قي صور متعددة من  «التشهير الانتخابي»، وأن مثل هذه الحالات ستتكرر خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، خصوصاً بين القوى والأحزاب التي تتنافس على مناطق واحدة.. وكانت منظمات محلية حذّرت من تنامي ظاهرة استعانة السياسيين العراقيين بما يسمى «الجيوش الإلكترونية»، وهي مواقع وصفحات تنشر شائعات أو وثائق مزوّرة أو حقيقية بهدف التشهير السياسي، وتُموّلها جهات مجهولة!!       وبدأت الاتهامات بعد تصويت البرلمان على تعديل يمنع غير الحاصلين على شهادة جامعية من الترشح، إذ يتوقع أن يحرم هذا القرار من الترشح عشرات المرشحين، ومنهم نواب في البرلمان الحالي.. وتَعتبر الجهات المتضررة مثل هذه الإجراءات استهدافاً انتخابياً، فيما تراها أطراف أخرى ضرورية لرفع مستوى أداء البرلمان المقبل. ومن المتوقع أن يتعرض هذا البند إلى طعن دستوري، إذ لا يشترط الدستور شهادة معينة للمرشحين.   وفي ظل أجواء ملبدة بسحب كثيقة خشية انفلات العنف في موسم الانتخابات، يتوقع الباحث العراقي المتخصص في الشئون الدولية والإقليمية، نجاح محمد علي، أن شيئا لن يتغير في العراق بعد الانتخابات التشريعية، موضحا أن «العملية السياسية الفاسدة التي جاء بها الاحتلال، ستبقى تنتج فاسدين، لأن كل زعماء الكتل المشاركين في الانتخابات متهمون بالفساد، وعليهم ملفات مباشرة أو غير مباشرة، وضالعون في تدمير العراق، وتحويل المواطنة إلى مكونات أضعفت الوطن، وهددت بتقسيمه، وأن كلهم يلعبون على الطائفية، ويستخدمونها وسيلة للحصول على مكاسب سياسية».     وإذا كانت قضية وجود نحو 3 ملايين نازح بعيداً من مدنهم الأصلية، بينهم 400 ألف نازح يحق لهم الاقتراع، لا تزال تشكل عائقاً أساسياً أمام الانتخابات، فإن  رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وعد «بالعمل على إعادة النازحين إلى مناطقهم ضمن إجراءات الاستعداد للانتخابات».. فيما تعارض قوى أخرى، مثل التيار الصدري، إقامة الانتخابات بالشكل الحالي للتحالفات الانتخابية، من باب أنها تعيد إنتاج الوجوه القديمة، التي كانت سبباً فيما وصل إليه العراق من حالة متدنية، من عدم إحداث تنمية اقتصادية حقيقية.. ويرى الصدر، أنه لو أقيمت الانتخابات بنفس التحالفات الموجودة، ستؤدي إلى استمرار العراق في نفس الخندق الطائفي، الذي يعاني منه منذ نهاية الغزو الأمريكي 2005، بسبب نظام «المحاصصة الطائفية» الذي رسخه بول بريمر الحاكم الأمريكي في العراق.. بينما يؤكد رئيس المرصد العراقي، هادي جلو مرعي، أن «الصدر» يسعى إلى طريقة حكم تكنوقراط بعيدا عن الطائفية والمحاصصة الحزبية، ولذلك رفض الانضمام  لتحالف «العبادي»، لأنه ضم الكتل الشيعية فقط دون الكتل الأخرى المكونة للشارع السياسي بالعراق.             ولا تزال الانتخابات البرلمانية العراقية ـ بحسب تحليل الدوائر السياسية في بغداد ـ  محور تدخلات قوى إقليمية ودولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أعلنت بصراحة من مقر سفارتها بالمنطقة الخضراء، احتجاجها على ما يحدث داخل البرلمان العراقي، بشأن محاولات جرت لتأجيل إقامة الانتخابات.. وأن دولة المكونات التي أنشأتها سلطة الاحتلال الأمريكي، ونص عليها الدستور لا يمكن أن تكون واقعا إلا من خلال نظام سياسي يستند إلى مبدأ المحاصصة، حينها فقط تجد الطائفية الطريق أمامها سالكة من السياسة إلى المجتمع.             ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي العراقي، فاروق يوسف، أن هناك تنسيقا أمريكيا ـ إيرانيا، يستند على تلك الآلية التي لا تسمح بقيام دولة المواطنة، وهو ما يعني بقاء العراق أسيرا لنزاع طائفي، ليس على مبدأ «مَن يحكم مَن» بل على الأسس التي يتم من خلالها توزيع الثروات بين الأحزاب التي تتسابق في ما بينها من أجل الكسب غير المشروع، وأن الفساد الإداري والمالي الذي صار عنوانا لذلك «الحكم الوطني» انما هو نتاج بنية لا يمكن المس بها حفاظا على «العملية السياسية» التي أجمعت الأطراف المتناحرة كلها على التمسك بها، كونها قارب النجاة التي يبقي الفاسدين في منأى عن المساءلة القانونية. فانهيار تلك العملية كما صار متداولا يعني انهيار دولة العراق. بمعنى أن العراق بصيغته الأمريكية باق ما دامت ماكنة الفساد مستمرة في العمل.           ويبدو أن قرار المحكمة الاتحادية، بعدم تأجيل الانتخابات، جاء منسجما مع إرادة الأحزاب الشيعية التي تملك الأغلبية في مجلس النواب إضافة إلى تفردها في إدارة الدولة، بحسب رؤية المحلل السياسي فاروق يوسف، لأن النواب السنة  فقدوا القاعدة الشعبية التي يستندون إليها بعد تخاذلهم في الدفاع عمَن انتخبهم، وكذلك النواب الأكراد باتوا في عزلة بعد أن هُزم مشروع أحزابهم في الانفصال عن العراق، وهذه المعطيات هي التي دفعت التحالف الوطني (مجموعة الأحزاب الشيعية الحاكمة) إلى الضغط في اتجاه اجراء الانتخابات في موعدها بالرغم من تأكدها من أن المناطق ذات الاغلبيتين (السنية والكردية) لم تعد بيئة صالحة للقيام بنشاط من ذلك النوع. وهو نشاط يتطلب الكثير من الاستقرار.. وأضاف: لذلك فإن الانتخابات المقبلة في العراق لن تكون سوى محاولة لإضفاء نوع من الشرعية على اجماع لم يجر إلا بسبب افلاس الطرفين الكردي والسني بعد أن تسببا في الحاق الأذى بالمناطق التي يمثلانها.

مشاركة :