لماذا تجذب بكين المغتربين من عشاق المغامرة؟

  • 1/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

العاصمة الصينية بكين، بفضل استثماراتها الضخمة في مشروعات تطوير الذكاء الاصطناعي، وانتشار الأجهزة والأنظمة التكنولوجية الأكثر تطورا في أنحائها، إضافة إلى ما تزخر به من مظاهر التعدد الثقافي والتنوع العرقي، واحدة من أكثر المدن إبهارا في العالم. ورغم تاريخها الضارب في القدم، الذي يعود إلى 3.000 عام، تخطو العاصمة الصينية خطوات سريعة لتصبح مركزا "للذكاء الاصطناعي" في العصر الحالي. وتمتلك بكين من المقومات ما يؤهلها لتصبح إحدى الوجهات الأكثر جذبا للمغتربين المغامرين الراغبين في خوض تجارب جديدة، بداية من شبكات الإنترنت فائقة السرعة، والأجهزة والأنظمة التكنولوجية الأكثر تطورا، مثل برامج التعرف على الوجه المنتشرة في أنحاء المدينة، ووصولا إلى استثماراتها الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى أن بكين لا تضاهيها مدينة أخرى من حيث التنوع العرقي والتعدد الثقافي.خمسة بلدان يعيش الناس فيها أطول الأعمارلماذا لم يتمكن أحد من العثور على قبر جنكيز خان؟قصة منازل وشوارع نصفها في هولندا والآخر في بلجيكا يقول كليمنز سيهي، المغترب الألماني، إن فرانك سيناترا تغنّى في الماضي بجمال نيويورك وحداثتها، ويضيف: "لو كان سيناترا حيا الآن، ربما كان سيغنى لمدينة مثل بكين". ويتابع سيهي، الذي يعمل مديرا إبداعيا بشركة "ترافيلرز أركايف"، بالقول إن الحياة في المدينة تجعلك تشعر أنك تعيش في العصر الأكثر تطورا على الإطلاق. يقول سايمون نورتون، الذي انتقل من انجلترا للعيش في بكين: "يسود هنا شعور عام بأنك في قلب مكان شاسع، وهذا ما يجعل الكثير من المغتربين يعيشون فيها لفترات طويلة". ويضيف: "يريد المغتربون أن يستكشفوا إلى أي مدى سيصل التطور في المدينة، وفي الوقت نفسه لا يريدون أن يغادروها قبل أن يشهدوا بأنفسهم هذا التطور".لماذا يعشقها الناس؟ أصبحت الحياة اليومية في بكين أسهل من أي وقت مضى، بفضل شبكات الإنترنت عالية الجودة، وتوظيفها لأحدث التقنيات والأجهزة التكنولوجية.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption قد يكون الطعام التقليدي مدخلا لتكوين صداقات مع أهل المدينة ويقول أندي بينافورت، القادم من مانيلا، ونائب رئيس تحرير مجلة "بيجين كيدز"، المعنية بالأسرة والطفل: "تستغني بكين تدريجيا عن النقود في مختلف تعاملاتها، وساهم الإنترنت في إضافة جميع وظائف ما يعرف بالمحفظة التقليدية إلى الهواتف الذكية، بحيث سهّل للجميع تنفيذ مختلف التعاملات الرقمية". لكن الهواتف الذاتية هي مجرد نقطة البداية لتطلعات بكين التكنولوجية. إذ انتشرت بالفعل في أنحاء بكين برامج التعرف على الوجه، وتستعين بها العديد من التطبيقات سواء لإتمام عمليات التحويل والسداد المصرفي، أو للسماح بدخول المباني للوصول إلى الشقق والمكاتب، أو حتى للتحقق من هوية سائقي سيارات الأجرة التي تستوقفها على الطريق. وأعلنت المدينة مؤخرا عن عزمها بناء مجمع لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بتكلفة 13.8 مليار يوان، وسيضم المجمع ما يزيد على 400 شركة تعنى بتطوير كل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي؛ بداية من تقنيات القياسات الحيوية للتحقق من الشخصية، ووصولا إلى السيارات ذاتية القيادة. ولا شك أن الأجهزة التكنولوجية المتطورة لها مزاياها العديدة، لكن الطعام التقليدي قد يكون الطريق إلى قلوب السكان الجدد، ومدخلا للتعرف على أصدقاء من أهل المدينة. ويقول سيهي: "ستتعرف على الشاب الذي يبيع أطباق الديم سام على مقربة من منزلك". وبالطبع تتميز تلك الأطباق الصينية بمذاقها الذي لا يقاوم. ويقول نورتن: "أشتري طبق جياوتسي (كرات العجين المحشوة) الرائع من البائع في طريقي إلى المحطة كل صباح، واستمتع في كل مرة بمذاقها الأخاذ". ويرتبط الطعام ارتباطا وثيقا بالمهرجانات والأعياد الصينية الكبرى طوال السنة، ويُنصح المغتربون بمشاركة الصينيين احتفالاتهم. ويعد عيد الربيع أو رأس السنة الصينية، الذي يستمر لبضعة أيام في فبراير/شباط هذا العام، أهم المناسبات الاجتماعية والاقتصادية في الصين، ولا يجد المغتربون أي صعوبة للمشاركة فيه. يقول سيهي: "أنصح المغتربين بعرض المساعدة على الأصدقاء الصينيين استعدادا للاحتفال، سواء بتنظيف المنزل أو تزيين الأبواب بالأوراق الحمراء، وكتابة التهنئة بحلول العام الجديد عليها. وتجتمع العائلة الصينية عشية رأس السنة الصينية حول مأدبة عشاء عامرة بالمأكولات، ثم يسهرون حتى ينتصف الليل، ويطلقون الألعاب النارية الملونة والصاخبة احتفالا بالعام الجديد". ويتابع سيهي: "إن قضاء هذه الليلة برفقة الأصدقاء وأفراد العائلة يفتح أفاقا جديدة للمغتربين". ما هي طبيعة الحياة في بكين؟مصدر الصورةGetty ImagesImage caption تعلم مبادئ لغة المندرين (الصينية) سيساعد المغترب في الاندماج في المجتمع يقطن بكين عدد كبير من المغتربين، ولا تزال تستقطب المزيد، ولكن الجهل باللغة الصينية وسهولة إقامة علاقات مع الغير من المغتربين في المدينة قد يقفا عائقا أمام إندماج المغترب في الثقافة المحلية. يقول سيهي: "قد يعيش بعض المغتربين لسنوات في الصين، ولكنهم لا يكادون يعرفون شيئا عن الجوانب الثقافية للبلد الذي يستضيفهم. فإذا لم تنجح محاولاتك الأولى للتواصل مع الشعب الصيني، قد تشعر أنه من الأفضل قضاء الوقت مع الأصدقاء من الأجانب." ولهذا قد تعمد الجاليات الأجنبية إلى إقامة مجتمعات منعزلة يسميها البعض "فقاعات المغتربين"، يرتبط أفرادها ببعضهم في أحيائهم الخاصة، ويترددون على المطاعم الغربية، ولا يقيمون علاقات صداقة إلا مع أجانب مثلهم. وأقصر الطرق للاندماج الثقافي هو تعلم مبادئ لغة المندرين الصينية، وهذه اللغة أسهل مما يظن البعض. ويقول سيهي: "إذا خصصت ساعة أو ساعتين في الأسبوع فقط للحصول على دروس خاصة في اللغة الصينية، أو لسماع البرامج الإذاعية الصينية للمبتدئين، فهذا لن يتعارض بالتأكيد مع جدولك اليومي المزدحم". وربما يكفي تعلم بعض العبارات المتكررة عند التسوق، أو عند طلب الطعام من المطاعم، أو حتى النقاش مع قائد سيارة الأجرة. ولا يقتصر الاندماج الثقافي على تعلم اللغة فقط، بل يتعداه إلى معرفة المفاهيم المتأصلة في الثقافة الصينية، مثل مفهومي "غوانكسي" و"ميانزي". ويقول بينافورت: "بينما يعني مفهوم غوانكسي إقامة علاقات مع أهل البلد، فإن مفهوم ميانزي يعني أن تحرص على حفظ ماء وجه من تحدثه، أي أن تبذل كل ما في وسعك حتى لا تعرضه للإحراج". ويضيف: "في حين اعتاد الناس في الغرب على التحدث بصراحة وبلا مواربة، فإن الصينيين يعتزون بكرامتهم. وإذا تعاملت معهم بتعالٍ أو جعلتهم يحذرون منك، سيذيع صيتك في المدينة بأكملها".معلومات أخرىمصدر الصورةGetty ImagesImage caption لكي تفهم الثقافة الاجتماعية الصينية عليك أن تتعرف على جوانبها العديدة لا يعني الاندماج في الثقافة الصينية أن تكون وديعا على طول الخط، بل عليك أن تتحلى بشيء من الشدة أحيانا. ويقول مايكي وو، من سان فرنسيسكو، وصاحب مدونة "حياة وو": "إذا لم تكن قوي الجانب، سيستغل الناس ضعفك". وهذه النصيحة تنطبق تماما على التسوق. ويقول وو: "كل شيء قابل للمساومة". حاول أن تساوم دائما للحصول على الثمن المناسب، إلا إذا كنت تشتري من مؤسسة رسمية. فإن الثمن المكتوب على السلعة ليس هو الثمن الحقيقي على الإطلاق. ولا تثق في كلام التجار ثقة عمياء، لأنهم سيحاولون خداعك على الأقل في 70 في المئة من المرات". ويمثل تلوث الهواء الكثيف مشكلة أخرى من المشكلات اليومية في بكين، على الرغم من أن الحكومة قد نجحت في القضاء على جزء من المشكلة في السنوات الأخيرة. ويحرص السكان على الخروج في الهواء الطلق في الأشهر الأكثر دفئا، عندما يقل مستوى التلوث، وينتهزون فرصة صفاء السماء للتنزه في أزقة بكين السكنية التاريخية في "هوتونغ"، أو لزيارة متنزة "ريتان"، الذي يحتضن معبد الشمس، الذي أقيم في عهد أسرة مينغ الحاكمة. ويقول نورتون: "توفر مدينة بكين فرصا لا توفرها أي مدينة صينية أخرى لخوض تجارب جديدة تجتذب محبي المغامرة والاستكشاف، منها فنونها الرائعة وحفلاتها الموسيقية، ونواديها الليلية الصاخبة، وعجائبها التاريخية، والمناطق المخصصة للشركات فائقة التطور، وحتى الأحياء ذات الأزقة القديمة المتهالكة." يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Travel .

مشاركة :