لم يكن يدور في خلد الوالدين أن مجرد كلمة عابرة قد تدفع ابنهما إلى التفكير في إنهاء حياته، معتقدَين أن ممازحتهما له بشكل مستمر كفيلة بأن تقربهما منه، بيدَ أن الأمور كانت تسير بعكس ما كانا يصبوان إليه، لأن كلامهما «المازح» كان جارحاً بحق المراهق الذي فكر أن الأمر جادّ ولا بد أن يضع حداً لحياته بعد أن «أقنعاه» حسب اعتقاده أنه ليس ابنهما، معتبراً أن كلامهما واقعي ومهين بالنسبة إليه. تلك القصة كشفها الرائد الدكتور محمد علي عبيد مدير مركز الاتصال بإدارة القيادة والسيطرة في شرطة دبي، مسلطاً الضوء على بعض الاتصالات التي تُصنّف تحت خانة الطريفة، والتي تلقاها مركز الاتصال «901»، ومنها تلك المكالمة التي وردت من مراهق خليجي يبلغ من العمر15 عاماً أبلغ فيها أنه يقف فوق سطح البناية التي يقطن، وأنه سيقدم على الانتحار، لأن أهله يدعون أنه ليس «ابنهم» وأنهم وجدوه بجوار حاوية القمامة منذ كان رضيعاً. وأشار الرائد محمد علي عبيد إلى أنه بمجرد ورود الاتصال من المراهق تم إرسال دورية أمنية لمقر سكنه، واستمرت موظفة مركز الاتصال مريم المرزوقي في الحديث مع المتصل حتى وصول الدورية خاصة أنه هدد بإلقاء نفسه فعلاً وأنه يوجد أعلى البناية، التي يقطنها في منطقة أبوهيل، ولكن استمرار تبادل الحديث مع الطفل جعله يسأل الموظفة سؤالاً تلقائياً وهو «هل تحبيني»، كما سألها عن عمرها وأخبرها أنه يريد الحديث معها كثيراً لأنه يفتقد الحديث مع أهله وإخوانه، واقتنع بعدم الانتحار، وعندما وصلت الدورية اصطحبته لأهله، وتبين أن الأهل لم يكونوا على علم بتواصله مع الشرطة أو حتى غضبه منهم لتلك العبارة، التي يرددونها دوماً له من باب المزاح. وأوضح الرائد عبيد أن ضمن المكالمات التي تلقاها مركز الاتصال مكالمة من سيدة خليجية كانت تتحدث بعصبية شديدة، وحجزت في أحد الفنادق عبر أحد التطبيقات على الإنترنت لفندق في دبي، وعندما وصلت لم يعجبها الفندق فاتصلت بالشرطة، وسمعت الموظفة مشكلتها، وطلبت منها الاتصال على إدارة الأمن السياحي إلا أن المرأة صرخت في الموظفة وعنفتها، لأنها ظلت تستمع لشكواها ولم تحولها من البداية على الجهة المختصة، ومن ثم أغلقت الهاتف.
مشاركة :