منذ جلوس أحمد عيد الرئيس الحالي للاتحاد السعودي لكرة القدم ورياح المعارضين لجلوسه تلوح بالأفق حتى إن سلاسة العملية الانتخابية في تجربتها الأولى في الكرة السعودية لم تكن تلك الانتخابات التي تتسم بالرومانسية الحالمة بين المنافسين. عيد بدخوله للاتحاد واعتلائه للمرتبة الأولى وسيطرته على هرم الكرة السعودية حرك حوله الكثير لبعض المنتقدين لمجرد الانتقاد.. أولئك الذين لا هم لهم إلا الحصول على مكاسبهم الشخصية دون الالتفات إلى مصلحة أنديتهم أو منتخب بلادهم أو حتى دون أدنى احترام للأخلاق الرياضية والمثل الاجتماعية. وتعد التطورات الساخنة التي شهدتها الأحداث والاجتماعات الدورية الأخيرة للاتحاد السعودي امتدادًا للضغوط التي لا يزال أحمد عيد يتلقاها ويتعامل معها بحنكة وحكمة وهدوء بالٍ جعلت من البعض يندفع لتفسير ردة فعله الساكنة بأنها دليل ضعف دون أن يُعاد النظر في ذلك، ويتم منحه الثقة التامة بقدراته وكفاءته الشخصية. الرجل يحاك له الكثير من الكيد ويبدو جيدًا أنه يُحاط بمن لا يريده أن يعمل وهنا مكمن الخطر. ومؤخرًا لاحت في الأفق الكثير من الأحداث التي تؤكد أن الوضع في اتحاد كرة القدم قد أصبح خارج السيطرة وتدور حوله الكثير من علامات التعجب والاستفهام، إذ كيف يقوم الدكتور عبدالرزاق أبو داود على سبيل المثال رئيس لجنة المسئولية الاجتماعية وهي من اللجان التي لا أثر لها، ومن اللجان الثانوية التي يُمكن أن يُقال عنها: إنها على الهامش. كيف لها أن يقوم بالتصعيد الإعلامي بجانب رئيس لجنة الدراسات الاستراتيجية عبداللطيف بخاري بكشف أوراقهما ونشر التفاصيل أمام كافة الوسائل الإعلامية المختلفة؟ الأمر لم يقف عند هذا الحد فالواقع المأساوي مُر الطعم ومسرح الأحداث في الكرة السعودية سيستمر وربما -لا قدر الله- أن تتسبب هذه الأحداث بتدخل عاجل من الاتحاد الدولي يقوم على أثره بإيقاف الكرة السعودية عند حدودها ذلك حين يكون الضجيج أهم من الأداء والعمل على تحسينه وتكون الأحداث الساخنة مؤشرًا يثير الشكوك ويجعل الريبة سمة من سمات وسطنا الكروي، حينها لا ينفع الندم وهذا ما نخشاه جميعًا في الوسط الرياضي. تعكير أجواء للبحث في هذا الموضوع كان للدكتور تركي العواد اللاعب السابق في نادي الهلال والناقد الرياضي حاليًا رأي فيما ذكر أعلاه، حيث قال: «تحتاج الكرة السعودية إلى وقفة صادقة من رجالها الصادقين خاصة وأن كثرة الأحداث مؤخرًا في أروقة الاتحاد السعودي والتي وصل تأثيرها إلى الإعلام هي مؤشر على أن واقع الكرة السعودية يحتاج إلى عقول واعية تعمل باحترافية وتضع مصالحها الشخصية في قائمة آخر الاهتمامات». وأضاف «نحن كرياضيين نثق أن الموجودين حاليًا في الجمعية العمومية للاتحاد والكوادر الإدارية الأخرى على كفاءة عالية ولديهم القدرة على العمل بصدق، ولكن نحتاج إلى آليات وأنظمة تسهم في حصر خلافات الاتحاد داخل أروقته وعدم وصول أبسط الأمور فيه للإعلام حتى لا تتفاقم المشاكل وتتحول إلى مساحة لإثارة الرأي العام وتعكير الأجواء في الشارع الرياضي». واختتم حديثه بقوله: «أحمد عيد والموجودون معه حاليًا في الاتحاد السعودي قادرون على تجاوز كل الظروف التي تحيط بهم ويمتلكون الوعي التام بأن نتائح أول عملية انتخابية في الاتحاد السعودي لا بد أن تواجهها العراقيل والانقسامات والأجهزة المشرفة على الاتحاد السعودي حتما لا ترحب بمثل هذه الأجواء ولا تفضل وجودها وحين الحاجة ستقف حتما بالمرصاد لكل من يسعى لاستغلال الموقف وإشعال المزيد من الفتن في أروقة الاتحاد السعودي». وضع مأساوي الإعلامي صالح الحمادي الناقد الرياضي كان له رأي مختلف عما ذكره الدكتور العواد حيث قال: «ينبغي أن نستفيد من التجارب في الاتحادات الكروية الأخرى، وأن نضع استراتيجية صريحة تحمي الاتحاد السعودي لكرة القدم من الانقسامات وعلى العاملين في الجمعية العمومية أن يقوموا بوضع الحلول لكل العراقيل التي تواجه اتحادهم الموقر، والأهم من ذلك يجب إخراج الكرة السعودية من هذا المأزق حتى لا يتفاقم الوضع ويصعب وضع الحلول بعد ذلك». وأضاف «الحكمة والعقل يتفقان على العمل على استراتجيات واضحة والتعامل برقي وبشكل صريح هو الذي سيوحد الآراء في الاتحاد السعودي، والأهم من ذلك العمل على بناء شخصية قوية للاتحاد ولرئيسه أمام رؤساء اللجان ورؤساء الأندية حتى لا تفسر الأمور بما لا تحمله، وتكون الظنون والشكوك السائدة على الأجواء في الوسط الرياضي، ونحن في الكرة السعودية نواجه العديد من الملفات، ونرجو أن تكون القلوب صادقة، وأن تعمل الأنفس بوحدة الصف والالتزام بالمثل والأخلاق الرياضية التي تعزز الأخوة وتحافظ على بناء بيئة رياضية صحية وبيئة غير طاردة للمواهب والقدرات والإمكانيات». الثقة بالقدرات فيما كان للمدرب الوطني بندر الجعيثن رأي مختلف حيث قال: «الإعلام سلط الأضواء على الأحداث الأخيرة في اتحاد القدم وحولها إلى سيناريو مخيف وأعتقد أنه من الطبيعي أن تكون هناك أكثر من وجهة نظر في أي منظومة إدارية وهذا الوضع أمر طبيعي، ولا بد أن يتم قبوله بشكل عقلاني دون انفعال ودون تعصب لرأي على حساب رأي آخر، ومن الأفضل في المرحلة الراهنة التركيز على جمع الكلمة ووحدة الصف حتى لا يستثمر ضعاف النفوس ما يحدث لصالحه، ويقوم بـ«الشوشرة» وزيادة رقعة الاختلاف بين أعضاء الجمعية العمومية وبين أعضاء مجلس اتحاد القدم، وأعتقد أنه يجب أن نمنح العاملين في اتحاد القدم الثقة التامة، وأن نقوم بتسهيل الأجواء وتذليل الإجراءات لكي يكون الاتحاد في أفضل حالته وفي عافيته الإدارية والفنية حتي يستطيع أن يكون له ثقله الدولي الذي يسهم في دفعه إلى تقديم مصلحة الكرة السعودية على المصالح الشخصية، والعمل على تطوير القدرات فيها، وتأهيل الكوادر لتكون الكرة السعودية واجهة مشرفة للبلد». وأضاف «نحن بحاحة ماسة إلى العمل الصادق والميل إلى النظر إلى الأمور بوعي، وتقبل الطرف والرأي الآخر بصفة ودية وبدون أي مجاملات أو تملق أو مساعٍ خبيثة لا تصب في صالح الرياضة السعودية ولدى رجالات اتحاد القدم القدرة والكفاءة التي تساعدهم حتمًا على ذلك». كلام خلف الجدران متعهد اللاعبين الحالي واللاعب السابق صالح الداؤود علق على حال الكرة السعودية في الوقت الراهن قائلًا: «أدرك تمامًا أن الصراع الحاصل الآن في الكرة السعودية لا يمكن مقارنته بالصراع في الكويت؛ خصوصًا وأن الصراع هناك اختلط فيه الشق الرياضي بالسياسي لوجود شخصيات اعتبارية كالشيخ طلال الفهد ومرزوق الغانم إلى جانب دخول مجلس الأمة على خط الصراع ما اضطر أمير البلاد للتدخل، لكن الصراع هنا قد يتطور إلى أمور بعيدة؛ خصوصًا مع تلويح بعض رؤساء الأندية بتجميد المشاركة في الدوري، وهو كلام لا يقال خلف الجدران إنما يتداوله بعض رؤساء تلك الأندية بصوت مسموع، بل إن بعضهم قد لوّح في الموسم الماضي في قضية إيرادات رعاية الدوري بتعليق المشاركة فيه علانية، وهو تطور خطير في تاريخ الرياضة السعودية، ومثل هذا الحال يوكد أن الأمر يستدعي أن يقف الجميع وقفة مصارحة ينعكس أثرها على الكرة السعودية حتى لا تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه. أبرز القضايا والإشكالات التي تدور حول اتحاد القدم: تكذيب البيان الأخير الصادر من الاتحاد السعودي على لسان رئيس الاتحاد أحمد عيد عبر العديد من اللقاءات الإعلامية والتي تعطي مؤشرًا على أن الانقسام طال الجمعية العمومية واللجان الرئيسية في الاتحاد. ظهور معتقدات تميل إلى فكرة ضعف شخصية رئيس الاتحاد وتفضيله الركون إلى التهدئة دون اتخاذ قرارات ومواقف حاسمة، حيث قام الأيام الماضية بجهود كبيرة عن طريق الأمانة العامة للاتحاد ومجلسه الموقر لإصلاح مسار الحراك في الكرة السعودية وتحويله لصالحه وصالح مستقبلها. عجز الاتحاد السعودي عن الوقوف أمام مظاهر التعصب في الأندية السعودية خاصة وأن العام الماضي شهد سلسلة من الغرامات المالية التي فرضت على رؤساء الأندية ومسئوليها والتي مست العديد من السلوكيات السلبية كالعنصرية وتقاذف الألقاب وغيرها من القضايا التي حظيت بعناية واهتمام الجمهور والمتابعين بشكل عام للكرة السعودية. ضعف مستوى المنتخب السعودي والتخبط الواضح فيما يخص العمل الفني في المنتخب وعدم استقرار أجهزته الإدارية والفنية. بروز ملامح إفلاس في ميزانية الاتحاد وعجزه عن الوفاء بالتزاماته وحاجته إلى النهوض بالعمليات التسويقية وإجبار أجهزته على المهنية الاحترافية وتطوير الإيرادات ودفع عجلة الاستثمار للأمان بالشكل الذي ينعكس على الأندية بشكل خاص والمنتخب وعلى سائر الكرة السعودية. أبرز ما طرح في القضية: • كثرة المنتقدين لرئيس الاتحاد أحمد عيد وعلو حدتها بشكل مسبوق لم ير على مشهد الكرة السعودية في السابق مما يعطي أن الرجل يعمل وسط أجواء لا تشجع على التطوير والتحسين. • المطالبة بإفشاء ثقافة احترام الطرف والرأي الآخر في الوسط الكروي والذي أسهم في تدهور الحال وتطوره بشكل فاضح. • مطالبة بدور فعال للإعلام فيما يخص تسليط الأضواء على بعض الأحداث الساخنة في أروقة الاتحاد السعودي ومحاولة تضخيمها بشكل يدعو للشك والريبة وإثارة الجدل إعلاميًا واجتماعيًا. • مخاوف من تكرار صورة ما حدث في الكرة الكويتية في المشهد الكروي السعودي بشكل يعرض الكرة السعودية لتوقف الأنشطة وربما الانهيار التام.
مشاركة :