«رواية أخرى» لحمدي أبو جليل في التاريخ الإسلامي

  • 1/25/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اختار الروائي المصري حمدي أبو جليل عنوانا طريفا لكتابه الجديد (منشورات بتانة) وهو «نحن ضحايا عك: رواية أخرى في التاريخ الإسلامي». ومفردة «عك»، الواردة في العنوان هي من مفردات العامية المصرية وتعني العبث أو العشوائية. لكن المفردة، بحسب أبو جليل منزوعة من جملة كانت تقال خلال الطواف حول الكعبة قبل الإسلام، وهي: «نحن غرابا عك». ووفق حمدي أبو جليل كذلك فإن هذه الجملة تنسب تحيدا إلى قبيلة تدعى «عك»، والكلام خلال الطواف كانا يردده شخصان أسودان يمثلان القبيلة ذاتها، ويعني «نحن أسوَدا قبيلة عك»، بما أن كل قبيلة كانت ترشح أسودين حرّين ينوبان عنها في الطواف حول الكعبة. أما نحن في عنوان الكتاب فتعود إلى المصريين الذين يرى أبو جليل أنهم ضحايا أفكار تلك القبيلة بما أنها كانت الأكبر بين جنود عمرو بن العاص خلال فتح مصر. الكتاب يضم 70 فصلاً؛ تبدأ بـ»وفاة النبي»، وتنتهي بـ»الخلافة البديلة»، ويتصدره التنويه التالي: «أنت في معترك حقيقي، تاريخ روي في قلب المعركة، والرواة المتعاركون أنفسهم، والرواية وعكسها، والحديث ونقيضه. والكلام حمال أوجه، والتكذيب جاهز، والتخطيء موجود، والمحكمة مفتوحة، وليس بعيداً أن يكون مصيرك السجن على رواية أنت ناقلها، لذلك أعلن وبمنتهى الوضوح حتى لا يغضب أحد أو يتذمر أو يرفع قضية، أن هذه روايتي أنا ولا تلزم أحداً غيري، ولا تقرأها– أرجوك- إلا باعتبارها روايتي أنا، إن أخطأت فلي أجر، وإن أصبت فلي أجران». في هذا الكتاب يتصدى حمدي أبو جليل بشجاعة للتاريخ الإسلامي، وفي القلب منه مسألة الخلافة التي لا تزال حتى الآن مثار جدل بين ساعٍ إليها، وبين من يرى أنها أضحت من ميراث الماضي الذي لم يعد قابلاً للتطبيق مجدداً في ظل نظم الحكم الحديثة. ويذهب أبو جليل في الفصل الأخير من كتابه إلى أن عبدالناصر مثله مثل أتاتورك، مسقط الخلافة في منبعها الأخير، وجه حرباً من بقايا الخلافة وعصرها وفقهها المتمكن من الناس، وطبعاً أئمة الإسلام ومشايخه المؤيدين لعودة الخلافة، حتى ولو تركية ناهبة، والذين سرعان ما تحولوا إلى جماعات منظمة بدأت بجماعة الإخوان المسلمين، التي كان على رأس مطلبها «عودة الخلافة»، ومنها خرجت الجماعات المتطرفة في العالم، ولكن شتان بين ما فعله أتاتورك وما فعله عبدالناصر. ويضيف: أتاتورك أسس حكماً علمانياً صريحاً واضحاً، وبلغ به الغلو والترف في رفض الخلافة وعصرها حد تغيير أبجدية الأتراك وملبسهم، بينما قدم عبدالناصر بديلاً إسلامياً عصرياً وسطياً متمثلاً في حاكم مستنير يمثله الأزهر الشريف. وبحسب أبو جليل فإن عبدالناصر، قام في الأزهر بثورة نقلته من ظلمات العصور الوسطى وعشوائيتها إلى العصر الحديث، وحوله من جامع إلى جامعة، وأقام المعاهد في مختلف بقاع مصر، وأنشأ مدينة للبعوث الإسلامية التي درس ويدرس فيها آلاف الطلاب المسلمين من مختلف أنحاء العالم، وبدلاً من الاكتفاء بالدين وعلومه الذي اعتمده الأزهر طوال تاريخه، أدخل عبد الناصر إلى جامعته دراسة العلوم الطبيعية المدنية كالطب والتجارة والاقتصاد والهندسة، ويبدو أن هدفه من ذلك كان تطوير مدارك الأزهريين، ولكن ما حصل للأسف هو تخلف العلوم ذاتها وإتاحتها لغير المؤهلين لها، وذلك أن عبدالناصر وسع الأزهر كمنشآت تعليمية وترك مناهجه وأساطيره تستشري في الناس حتى اليوم؛ ولذلك فليس من قبيل المصادفة أن طلبة الأزهر هم أكثر طلبة الجامعات المصرية، تطرفاً وتأييداً للإخوان المسلمين، وليس من قبيل المصادفة أبداً أن الكثير من قادة جماعات الإرهاب والتطرف في مصر والعالم هم في الأصل طلبة أزهريون. ويذكر أنه صدر من قبل لحمدي أبو جليل مجموعتان قصصيتان همــــا «أسراب النمل» و«أشياء مطوية بعناية»، وروايتان هما «لصوص متقاعدون»، و«الفاعل» التي فازت بجـــائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجـــامعة الأميركية في القاهرة. وصدر له كتاب «القاهرة شوارع وحكايات»، وكتاب «القاهرة جوامع وحكايات»، وكتاب «فرسان زمان» وهو قصص تاريخية للأطفال.

مشاركة :