ضبابية الخيارات المتاحة أمام الحكومة الحالية. ولهذا السبب، عكست هذه المناورة السياسية، درجة كبيرة من السلوك الابتزازي، بعيدا عن منسوب الربح والخسارة، ذلك أن ترجمة الانسحاب من الحكومة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، من شأنه التسريع برحيل حكومة الشاهد، وإعادة تنظيم الانتخابات المحلية إلى مربع الشك. ويعكس المشهد السياسي الراهن إقرارا خفيا لدى القوى السياسية، بأن تغيير الحكومة بات على المحك. بل إن المتابع لتطورات المشهد السياسي الراهن يستطيع أن يلمس بسهولة أنه بات يحاكي في مؤشراته ومعطياته المشهد الذي سبق حجب الثقة عن حكومة الحبيب الصيد في العام 2016. وتنظر الأوساط السياسية بقلق كبير من هذه المناورة السياسية التي تسعى من خلالها حركة النهضة إلى تحقيق أهداف خفية، ربما قد يكون أهمها إرباك حسابات المعارضة التي تبذل جهودا من أجل توحيد صفوفها، وتعزيز فرص مرشحيها في الانتخابات المرتقبة. ويشاطر هذا الرأي النائب البرلماني خميس كسيلة، الذي قال لـ”العرب”، إن هذه المناورة ستساهم في إعادة ترتيب موازين القوى، على قاعدة أن “منظومة الحكم الحالية فشلت بالنظر إلى حصيلة عملها، التي أوصلت البلاد إلى حافة انفجار اجتماعي خطير”. واعتبر أن مثل هذه المواقف الصادرة عن قادة حركة النهضة من شأنها التأثير مباشرة على الأداء الحكومي، خاصة وأن هذه الحكومة “بلغت درجة متقدمة من الهشاشة بعد أن فقدت حاضنتها السياسية في أعقاب الانسحابات الحزبية المتتالية منها ومن وثيقة قرطاج”. ومن خلف هذه المقاربة، يمكن فهم أبعاد ما تخطط له حركة النهضة، ليس على مستوى الحكومة وما بعدها، بل على مستوى تجاذبات المشهد السياسي بكل حساباته ومعادلاته، التي تبرز انشغالات جديدة عكستها الاستعدادات الجارية للانتخابات المحلية.
مشاركة :