مراجعات على الدكتور يوسف زيدان (2) .. حول ما قاله عن فرض الصلاة في المدينة المنورة

  • 1/25/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أثبّتُ  في المراجعة الأولى أنّ الإسراء كان من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالقدس، وليس كما قال الدكتور يوسف زيدان أنّ الإسراء كان من بعد إيذاء ثقيف لرسول صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى المسجد الأقصى بالجعرانة، وقد أثبتُّ بالأدلة بطلان هذه المقولة التي ربما يكون قد اقتبسها من المستشرق البريطاني الفريد جيوم في صفحة (108) من كتاب” الإسلام، ونسبها د. يوسف إلى الواقدي والطبري، وعند الرجوع إلى الطبري وعدد كبير من المؤرخين وكتّاب السيرة نجدهم لم يذكروا على الإطلاق المسجد الأقصى بالجعرانة، كما تبيّن من نص الواقدي الذي أنفرد بذكر المسجد الأقصى بالجِعرانة أنّه يتحدث عن عمرة الجِعرانة التي كانت بعد موقعة حنين في الثامنة للهجرة، فأحرم  الرسول عليه الصلاة والسلام من الجعرانة واعتمر، وعاد إلى المدينة، وليس عن إسراء بعد إيذاء أهل الطائف له، كما ذكر دكتور يوسف زيدان، فكيف يستند الدكتور يوسف  على نص يتحدث عن حَدَثٍ حَدَثَ في السنة الثامنة للهجرة، وحادث الإسراء حدث قبل الهجرة بسنة، ونص الواقدي – الذي انفرد فيه بذكر المسجد الأقصى بالجعرانة، فالمؤرخون الذين تحدثوا عن عمرة الجِعرانة لم يذكروا مسجدها الأقصى – إنّما يتحدث عن عمرة أحرم الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى الجِعرانة ليؤديها قبل عودته إلى المدينة، فهو كان في الجعرانة بعد موقعة حنين ، وذهب إلى المسجد الحرام ، فهل هذا هو إسراء يا دكتور يوسف تُؤل آية الإسراء إلى غير معناها، من أجل  أن تصل إلى نفي وجود المسجد الأقصى  وقدسيته  لدى المسلمين؟ وفي هذه الحلقة سأتوقف عن فرض الصلاة، وقد ساءني كثيرًا، وآلمني أكثر الطريقة والأسلوب الذي تحدّثت فيه  يا دكتور يوسف عن فرض الصلاة واتخاذ المسجد الأقصى قبلة للمسلمين؛ إذ تحدثت عن ذلك في إحدى محاضراتك، بطريقة  لا تليق بعظمة ومكانة الإسلام كديانة سماوية ما يُفرض فيها من فرائض وعبادات وشرائع من عند الله الخالق جل شأنه، وليس بقرار بشري  باتباع ديانات أخرى، ياد كتور أنا واثقة تمام الثقة أنّ حضرتك عندما تردد مزاعم المستشرقين عن الصلاة والقبلة لم تدرك أبعادها ودلالاتها التي منها:أ.فهم يُنكرون  نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويُنكرون أصالة الوحي، وأنّ الإسلام دين من عند الله، والوصول به إلى أنّه دين قد اتخذ تعاليمه من اليهودية وإبراز الشرائع الإسلامية ذات مصدر يهودي وليس إلهي سماوي.ب. إبراز العنصر اليهودي وأنّ له أثراً على الإسلام والمسلمين منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لإقناع المسلمين بالاعتراف بفضل اليهود عليهم في الوقت الحاضر . إنكار أصالة الحضارة الإسلامية وإبرازها بصورة المقتبس عن اليهود وغيرهم، وذلك لقطع الجذور الأساسية التي قامت عليها الحضارة الإسلامية، وهذه الجذور تتصل بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم والوحي والقرآن وغيرها من الأسس التي لا يقوم الإسلام إلاّ عليها.[1] فمّما قلته يا دكتور في تلك المحاضرة : “تّمت الهجرة وفرضت الصلاة،  نصلي إيه؟ زي اليهود خمس مرات في اليوم، طيب نوقف إزاي؟ اليهود انتو توقفوا إزاي؟ قالوا والله كان زمان، كان يا مكان مدينة اسمها أورشليم، واحنا بنقدسها، فمسمينّاها أساس وموضع وبيت همقداش” المقدس” وبعدين اتهدت من 700 سنة، وفاضل منها سور بنروح نعيط عنده، اسمه حائط المبكى، ده قبل حروب سيدنا النبي مع اليهود، فطيّب خلاص احنا حنصلي…”[ شاهد هذا اليوتيوب https://www.youtube.com/watch?v=vXN2FQJAx2A&t=609s] ما هذا يا دكتور مع احترامي وتقديري لحضرتك، هذا ليس أسلوبًا علميًا لهذا الطرح الخطير، أين مصادرك وأدلتك، مجرد كلام مرسل ملئ بالسخرية والأخطاء التاريخية بعيد كل البعد عن قواعد المنهج العلمي، لا يتفق البتة مع مكانة حضرتك العلمية والفكرية والثقافية والمهنية باعتبارها مهنة توثيقية.  ومن الأدلة التي تدحض مقولتك ” إنّ الصلاة فرضت في المدينة المنورة” ، وتُثبت أنّها  فرضت في مكة المكرّمة، الآتي:أولًا : من القرآن  الكريم ، قوله تعالى في  آيتي 17، 18 من سورة الروم ، وهي سورة مكية : ( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ.)  تشتمل هاتان الآيتان الفروض الخمسة “تمسون” المغرب والعشاء، “وحين تصبحون” لصلاة الصبح “وعشياً” العصر “وحين تظهرون” الظهر[ انظر : تفسير الطبري للآية]،فهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على أنّ الصلوات الخمس بما فيها الظهر فرضت في مكة، ممّا يدحض ما ذكرته يا دكتور أنّ الصلاة فُرضت في المدينة، وأنّ المسلمين جعلوها خمس صلوات اتباعًا لليهود، وزعمك هذا لا يختلف عن المستشرقين، بل زاد عن بعضهم الذين زعموا أنّ صلاة الظهر اقتبسها الرسول من اليهود عندما قدم إلى المدينة.ولقد جاءت الأحاديث الصحيحة مصرحة بأنّ صلاة العصر هي الصلاة الوسطى، وهذا يبطل مزاعم المستشرقين أنّ ذكر الصلاة الوسطى في القرآن جاء بها الوحي المدني دليل على أنّ صلاة الظهر أخذها الرسول من اليهود.وأود هنا أن أصحح لحضرتك خطًأ ، وقعت فيه، أنّ الصلاة الواجبة على اليهود ثلاث في اليوم ، وليست خمس صلوات، ومواقيتها هي : صلاة الفجر، ويسمونها صلاة السحر ” شماريت ”  ووقتها حسب ما قررته المشنا منذ أن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأزرق إلى ارتفاع عمود النهار . صلاة نصف النهار أو القيلولة منحة وتجب منذ انحراف الشمس عن نقطة الزوال إلى ما قبل الغروب .صلاة المساء، ويسمونها صلاة الغروب ” عربيت ”  ووقتها من غروب الشمس وراء الأفق إلى أن تتم ظلمة الليل الكاملة، أي ما يقابل وقت العشاء عند المسلمين. [2] ثانيًا: ما ورد عن ابتداء فرض الصلاة: قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن كيسان عن عروةبن الزبير عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما افترضت عليه ركعتين ركعتين، كل صلاة ، ثم إنّ الله تعالى أتمها في الحضر أربعًا، وأقرها في السفر على فرضها الأول ركعتين”[3]  وعن تعليم جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة، قال ابن إسحاق، وحدّثني بعض أهل العلم :أنّ الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتاه جبريل وهو بأعلى مكة، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي، فانفجرت منه عين، فتوضأ جبريل فصلّى به، وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته، ثم انصرف جبريل عليه السلام، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة، فتوضأ لها ليُريها كيف الطهور للصلاة، كما ــــــــزراه جبريل، فتوضأت كما توضأ لها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثُمّ صلّى بها رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما صلّى به جبريل فصّلت بصلاته.” [4]  وتحت عنوان تعيين جبريل أوقات الصلاة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال ابن إسحاق: وحدثني عتبة بن مسلم، مولى بني تميم، عن نافع بن جبير بن مُطعم، وكان نافع كثير الرواية، عن ابن عباس، قال: لما افْتُرِضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام، فصّلى به الظهر حين مالت الشمس، ثُمّ صلّى به العصر حين كان ظله مثله، ثُمّ صلّى به المغرب حين غابت الشمس، ثُمّ صلّى به العشاء الآخرة حين ذهب الشفق، ثُمّ صلّى الصبح حين طلع الفجر، ثم جاءه فصلّى به الظهر من غد حين كان ظله مثله، ثُمّ صلّى به العصر حين كان ظله مثليه، ثُمّ صلّى به المغرب حين غابت الشمس لوقتها بالأمس، ثُمّ صلّى به العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل الأول، ثُمّ صلّى به الصبح مُسفِرًا غير مشّرِّق، ثُمّ قال يا محمد : الصلاة فيما بين صلاتك اليوم وصلاتك بالأمس.”[5]ثالثًا: أنّ طقوس صلاة اليهود تختلف تمامًا عن صلاة المسلمين، ولو كانت صلاة المسلمين مأخوذة من اليهود لتأثرت بطقوسهم كتغطية الرأس بالنسبة للرجال، وهو عمومًا تقليد عندهم للتعبير عن الاحترام، إذا قرأوا في النصوص المقدسة، أو ذكر اسم الله، أو قابلوا عظيمًا من العظماء، كذلك يلبسون التفلين[التفلين عبارة عن علبة صغيرة من الخشب أو الجلد محفوظ بداخلها رقعة من رق الغزال أو الجلد مكتوب عليها قراءة السماع، وهذه العلة مثبتة في شريط من الجلد، ويجب وضعها عند الصلاة في وسط الجبهة بحيث يربط شريط الجلد حول الرأس وتوضع واحدة أخرى  على الكف اليسري بحيث يربط شريطها حول اليد، وتكون العلبة مثبتة عند أصل الإبهام وإذا كان المصلي أشول يستعمل يده اليسرى، ويجب ربطها علي الكتف اليمنى]. . وقد اعتمد الفقه اليهودي في فرضه لهذه “التفلين” على فهم حرفي ظاهري للآية “التوراة – سفر التثنية 76 التي تقول عن كلمات الله “وثبتها على يدك آية، ولتكن عصائب بين عينيك” فالمراد هو المعنى المجازي وهو التمسك بها كما يتمسك الإنسان بشئ ثمين في يده والاهتداء بها كما يجعل الإنسان العلامة التي تهديه أمام عينيه دائماً .[6] رابعًا :إنّ الصلاة عند المسلمين، كما بينت لنا الأحاديث قد علم جبريل عليه السلام طقوسها للرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد صلاها أمامه خمس مرات، وقد أمّه جبريل فيها، فعن ابن شهاب “أنّ عمر بن عبدالعزيز أخر العصر شيئًا  فقال له عروة أمّا إنّ جبريل قد نزل فصلى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر أعلم ما تقول يا عروة فقال: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول نزل جبريل فأمني، فصليت معه ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه يحسب بأصـابعه خمـس مرات.  [صحيح مسلم / النووي : 5/ 107] هذا وقد اعترف المستشرق البريطاني مونتجري وات أنّ الصلاة تبدو غريبة للغربيين، وهذا دليل على أنّ طقوس الصلاة عند المسلمين لا تشابهها طقوس الصلاة عند اليهود أو المسيحيين أو غيرهم. وزعم جب وزميله أنّ صلاة التفلة اليهودية احتذى بها المسلمون، فهذا قول باطل لأنّ صلاة التفلة كما رأينا ليس فيها ما يشبه صلاة المسلمين .خامسًا: لو اقتبس المسلمون صلاتهم من اليهود لكان وضوءهم مثلهم، ولكن وضوء المسلمين يختلف كل الاختلاف عن وضوء اليهود؛ حيث  تبدأ الصلاة عند اليهود  بغسل اليدين فقط، ثم يوضع الشال الصغير على الكتفين أو الشال الكبير في الصلوات التي تتم جماعة في المعبد كصلاة السبت والأعياد، وهذا الشال يكون من نسيج أبيض مستطيل أو مربع ، وفي كل زاوية من زواياه حلية مؤلفة من ثمانية أهداب من الخيط أربعة بيضاء وأربعة زرقاء، واسمها بالعبرية “صيصيت” رمزًا للتعرف على طلوع الفجر بتمييز الخيط الأبيض من الخيط الأزرق، وهذا الأزرق مختلف فيه من حيث درجته في الزرقة، وإنّما نهتم بذلك لدخوله حاليًا في ألوان الراية الإسرائيلية، فنص المشنا  في هذا الموضع يعبر عن الأزرق الكحلي الداكن إلى البنفسجي إلى السماوي، إلى الأزرق الفاتح الضارب إلى الخضرة القريب مما يسمى عندنا “الكرنبي” أو “اللوزي”، ويسمى عند شراح المشنا من اليهود” الكراتي” أي الذي لونه كلون الكُراث، وقد مال سعدي الفيومي إلى ترجيح الأزرق السماوي، ومعظم اليهود يتبعون هذا الرأي الآن، كما تأخذ به إسرائيل في اللون الأزرق لرايتها.      ولهذا الشال في طهارته أحكام خاصة أهمها: أنّه لا تلمسه النساء-    وهذه إشارة إلي اعتبارهم أنّ المرأة نجسة  – ؛لذا يخصص له مكان معلوم في المنزل، ويجب على اليهودي لبسه منذ أن يبلغ سن التكليف بالعبادة، وهي ثلاث عشرة سنة، ويبقى عنده إلى أن يموت فيكفن عادة فيه.هذا هو الوضوء عند اليهود وهو عبارة عن غسل اليدين فقط ولا شبه البتة بينه وبين الوضوء في الإسلام الذي يبينه قوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)[7] وهو الوضوء الذي علّمه جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرّمة عندما أوّل ما فُرِضت الصلاة، ويبدأ الوضوء بغسل الكفين ثلاثاً، ثم المضمضة ثلاثاً، ثم الاستنشاق ، والاستنثار ثلاثاً  ثم غسل الوجه مرة واحدة، ثم غسل اليدين إلى المرفقين، ثم مسح الرأس ومسح الأذنين، والسنة مسح باطنها بالسبابتين، وظاهرها بالإبهامين بماء الرأس لأنّهما منه، ومسحها من سُنن الوضوء ،وليس من فرائضه، ثم غسل الرجلين مع الكعبين، وهو من فرائض الوضوء، مع تخليل أصابع اليدين والرجلين وهذا من سُنن الوضوء .     هذا الوضوء الذي يسبق كل صلاة في الإسلام فلا شبه بينه وبين غسل اليدين عند اليهود الذي يسبق صلاتهم، ولا يوجد مثل الوضوء في الإسلام ولا شبه له في الشرائع والأديان الأخرى، ولذا عندما لم يجد المستشرقون  نظيرًا له  قالوا أنّه أخذ من اليهود، وكذلك بالنسبة لصلاتي العصر والعشاء لم يوجد لها نظير عند اليهود، فقال المستشرق اليهودي الدانمركي جولد تسهير أنّهما أخذتا من الفرس، أمّا الظهر فزعموا أنّه أخذ من اليهود ،وأنّه فرض في المدينة والحقيقة ، كما بينت أنّ الصلوات الخمس فرضت في مكة، وعدد ركعاتها حُدّد  ليلة الإسراء  في المعراج، فعن أنس رضي الله عنه قال: فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمساً، ثم نودي “يا محمد، إنّه لا يبدل القول لدي، وإنّ لك بهذه الخمس خمسين” رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.سادسًا: لو اقتبس المسلمون صلاتهم من اليهود، لكان نداؤهم للصلاة مثل اليهود، فنداء الصلاة لدى المسلمين الأذان، بينما لدى اليهود “البارخو” وهي دعوة المؤمنين للصلاة في اليهودية، وتتم وقوفًا، ويقوم الشخص الذي يقود جماعة المصلين،”الحكيم” أو “الربي” بترديد السطر الأول، ثمّ تردد الجموع وراءه السطر الثاني، ويعود الحاخام لترديده مرة أخرى.  يعتقد أنّ أصل البارخو يعود إلى الملك داؤود عندما قال للجمع وراءه “الآن نبارك الاسم”، في إشارة إلى الرب حيث لا يذكر اليهود المتدينين اسم الرب ويكتفون بالإشارة له. وقد بارك جميع الحضور الاسم وأطرقوا رؤوسهم.وتقول كلمات البارخو: ” عظموا أدوناي (من أسماء الربّ عند اليهود)، فتعظيمنا له واجب الآن وإلى الأبد، وهناك وسيلة أخرى يستخدمها الحاخامات اليهود لتنبيه المتدينين للصلوات والمناسبات الأهم، وهي “الشوفار” أو البوق المصنوع من قرن الكبش الذي ينطلق في الأحياء اليهودية المتدينة للتنبيه ليوم السبت.كما يطلق البوق في رأس السنة العبرية لمدة يومين، وتبدأ طقوس الاحتفال برأس السنة بالنفخ في البوق قبل الصلاة..سابعًا : لو فُرضت الصلاة في المدينة المنورة، لماذا بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء قبل دخوله المدينة، وبنى مسجده في المدينة عند دخوله لها؛ حيث أناخت راحلته؟ثامنًا : أمّا قولك إنّ السنة كتبت في القرن الثالث الهجري في ردك على فضيلة الدكتور علي جمعة-  لترفض فرض الصلاة في مكة، مع أنّ فرضها في مكة مثبت في سورة الروم ، وهي سورة مكية-  فهو قول خاطئ مردود، فكتابة الحديث تمّت في عهده عليه الصلاة والسلام وبإذنه، فكان بعد كل صلاة يدعوا الناس للاجتماع ويكتبون عنه الحديث عندما أذن لهم بكتابته، بعدما تمكّن منهم أسلوب القرآن، فأصبحوا يُميزون بين القرآن والسنة ،حيث منع في البداية كتابة الحديث حتى لا يختلط بالقرآن، و لكن جُمعت السنة أي دُوّنت على رأس المائة، وصُنّفت أي بُوِّبت ورُتبت في القرن الثالث الهجري، وأتساءل هنا كيف حضرتك مدير قسم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية – سابقًا- ولم تدرك الفروق بين الكتابة والتدوين والتصنيف والتبويب؟. وباعتبار  حضرتك  مطلعًا على الوثائق ومهتمًا بها وبتوثيقها ألم تتطلع على الوثائق التالية على سبيل المثال وليس الحصر:الصحيفة الصادقة : التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد انتقلت هذه الصحيفة إلى حفيده عمرو بن شعيب، وأخرج الإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمرو من كتابه المسند قسمًا كبيرًا من أحاديث هذه الصحيفة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.صحيفة علي بن أبي طالب: وهي صحيفة صغيرة تشتمل على العقل – أي مقادير الديات – وعلى أحكام فكاك الأسير، وقد أخرج نبأها البخاري وغيره عن أبي جحيفة.صحيفة سعد بن عبادة : فقد أخرج الترمذي في سننه، عن ابن سعد بن عبادة قوله: “وجدنا في كتاب سعد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين والشاهد “.صحيفة أبي بكر رضي الله عنه: فعن أنس رضي الله عنه- أبا بكر كتب له فرائض الصدقة الذي سنّها الرسول صلى الله عليه وسلم.[8][تقييد العلم: ص 87، تخريج د. عبد المهدي بن عبد القادر-  السنة النبوية.صحيفة أنس بن مالك: فعن هبيرة بن عبد الرحمن قال: ” كنا إذا أكثرنا على أنس بن مالك ألقى إلينا مخلاة، فقال: هذه أحاديث كتبتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.”[9]صحيفة ابن عباس: فعن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس أنّه أرخص له أن يكتب.[10]صحيفة بشير بن نهيك: قال: ” كنت أسمع من أبي هريرة، فلما أردت أن أفارقه أتيته بكتابي، فقلتُ :” هذا ما سمعته منك، قال: ” نعم. [11]الصحيفة الصحيحة: صحيفة همّام بن منبِّه التي كتبها عن أبي هريرة، وهي نحو (138) حديثًا، وقد وصلتنا كما هي، وقد أخرجها الإمام أحمد في مسنده بنصها، كما توجد منها مخطوطة في المكتبات العامة. [منها نسخة بدار الكتب المصرية وأخرى بالظاهرية بدمشق، وثالثة، في برلين بألمانيا، وقد حققت في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر في رسالة دكتوراة [د. عبد المهدي عبد القادر: السنة ومكانتها، ص 119]وغيرها كثير، ولايزال يوجد منها في دور الكتب والوثائق، والسؤال هنا : ألم تتطلع على أي من هذه الوثائق؟       ومن المتناقضات العجيبة يا دكتور يوسف أنّك في الوقت الذي ترفض الأخذ بمرويات السنة بدعوى أنّها كُتبت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ب(250) سنة أخذت برواية الواقدي (المتوفى سنة 207ه) المفردة، ولم يذكر مصادرها، وهو يتحدث عن حادثة حدثت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بل تستدل بالتوراة التي كُتِبت على مدى (1100) عام،  وقد قال السمو أل بن يحيى المغربي” (توفي سنة. 570هـ / 1174م ) وهذا اسمه بعد تحوله من اليهودية إلى الإسلام عنها : (أنّ هذه التوراة التي بأيديهم ـ يقصد اليهود ـ لا يعتقد أحد من علمائهم وأحبارهم أنّها المنزلة على موسى البتة، لأنّ موسى صان التوراة عن بنى إسرائيل، ولم يبثها فيهم، وإنّما سلمها إلى عشيرته أبناء ليْوي، ودليل ذلك قول التوراة (8 أ) “ويختوب موشى إن هتور اهزوت دييتناه ال هكرا هينم بني ليوي” وتفسيره : “وكتب موسى هذه التوراة ودفعها إلى أئمة بني ليوي”[12] وهكذا تجد يا دكتور يوسف إنّ قولك إنّ الصلاة فُرضت في المدينة المنورة، وأنّ المسلمين صلوا خمس صلوات مثل اليهود قول باطل لا أساس له من الصحة، ومثبت بالأدلة الدامغة عدم صحته، وأدعوك أن تراجع ما قلته، وتتأمل فيما ذكرته من أدلة، وإن كنت لا تأخذ بصحة الأحاديث النبوية بشأن فرض الصلاة في مكة ، لديك من القرآن ما يُثبت ذلك، كما أرجع إلى مواقيت الصلاة عند اليهود ستجدها ثلاثة وليست خمسة كما قلت حضرتك!أمّا إنكارك للمعراج، فهذا سأبحثه في المراجعة القادمة إن شاء الله؛ إذ لاتزال للمراجعات بقية.[1] . د. سهيلة زين العابدين حمّاد: السيرة النبوية في كتابات المستشرقين ” دراسة منهجية تطبيقية على المدرسة الإنجليزية ، الجزء الأول : الاستشراق والمستشرقون – تحت الطبع.[2] . د .  حسن ظاظا :  الفكر الديني اليهودي أطواره ومذاهبه ص151- 152.[3] . انظر: سيرة ابن هشام، 1/243، مؤسسة علوم القرآن، جدة – السعودية.[4] . انظر: المصدر السابق، 1/244، والكامل لابن الأثير، تحقيق عبد الله القاضي 1/577، الطبعة الثانية، 1415ه/1995م، دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان.[5] . المصدر السابق:1/245.[6] . د . حسن ظاظا :  الفكر الديني اليهودي أطواره ومذاهبه ص 152 – 153.[7] . المائدة: 6.[8] . انظر: تقييد العلم: ص 87، تخريج د. عبد المهدي بن عبد القادر-  السنة النبوية.[9] أخرجه الدرامي باب من رخص في كتابة العلم 1/105، وهو في المحدث الفاصل، ص 366، وفي تقييد العلم، ص 85، تخريج د. عبد المهدي بن عبد القادر.[10] . جامع بيان العلم: 1/ 87.[11] . جامع بيان العلم: 1/87، تخريج د. عبد المهدي بن عبد القادر، السنة النبوية.[12] . انظر :السموأل المغربى: افحام اليهود تحقيق ودراسة د. محمد عبد الله الشرقاوي، ص 135، ط3 ،بيروت : دار الجيل ، القاهرة : مكتبة الزهراء،  1410هـ /1990م.

مشاركة :