قال أمير الشعراء أحمد شوقي :إنما الأمم الأخلاق ما بقيتفإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبواقال تعالى(ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وجاء في الحديث الشريف (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) ولكن ما يحدث اليوم سواء في وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي انحدار شديد في لغة الحوار وانزلاق في مستنقع من البذاءة والشتائم والطعن في الذمم وهو قطعا لا يمثل الموقف الرسمي للدول ولكن يمثل شريحة من المجتمعات الخليجية التي تصيد في الماء العكر بهدف تمزيق العلاقات بين دول مجلس التعاون وتشويه صورة هذا المجلس حتى يسهل الاستفراد بدول الخليج والسيطرة عليها . هناك حرب طاحنة في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب تغريدة لمواطن سعودي لا يمثل وجهة النظر الرسمية فهو ليس ناطق باسم الحكومة السعودية ونقصد هنا تغريدة رئيس هيئة الرياضة في السعودية تركي آل الشيخ أساء فيها لوزير التجارة والشباب خالد الروضان بسبب زيارته لدولة قطر وتقديم الشكر للقيادة السياسية هناك وقد قامت وزارة الخارجية الكويتية باستدعاء سفير المملكة العربية السعودية في الكويت والتعبير له عن استياء الحكومة الكويتية من هذا التصرف وكان المفروض أن تطوى هذه الصفحة ولكن للأسف مازالت حرب التغريدات مستمرة في وسائل التواصل الاجتماعي فهناك من ينفخ في القضايا الصغيرة حتى تكبر وتؤدي إلى توتر في العلاقات بين الدولتين. إن علاقة الكويت بالمملكة العربية السعودية ينطبق عليها المثل القائل(ياجبل ما يهزك ريح) فهذه العلاقات ليست وليدة اليوم أو طارئة بل هي ضاربة في التاريخ فقد عاش مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وطيب ثراه في الكويت خلال فترة حكم أمير الكويت صقر الجزيرة الشيخ مبارك الصباح رحمه الله وطيب ثراه بعد لجوء والده الأمير عبدالرحمن إلى الكويت بعد انهيار الدولة السعودية الثانية ومن الكويت انطلق مؤسس المملكة لاستعادة الحكم بعد أن تم تجهيزه بالرجال والعتاد، والقيادة السعودية لاتنكر هذا الجميل وقد ردت الجميل عندما تعرضت الكويت لغزو عراقي غاشم وستبقى كلمة الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز رحمه الله محفورة في ذاكرة الشعب الكويتي عندما قال (مصير الكويت والسعودية واحد وياتبقى الكويت والسعودية ياننتهي مع بعض) ولن تؤثر تغريدات وتعليقات وتصريحات تتميز بقلة الأدب وسوء الأخلاق في متانة وقوة العلاقات بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى .إن موقع الكويت بين ثلاث قوى إقليمية هي العراق وإيران والسعودية يحتم عليها أن تنتهج سياسة حسن الجوار وإن كانت هناك خلافات يتم حلها بطريقة ودية وهو يدل على حنكة وحكمة القيادة السياسية بقيادة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الذي يطلق عليه حكيم العرب نظرا لحرصه على وحدة الصف العربي والإسلامي والتوسط بين الدول في حال وجود خلافات لذلك استطاعت الكويت أن تتجاوز تداعيات كارثة الغزو وتمد يد العون للعراق وسوف يعقد في الشهر القادم في الكويت مؤتمر لإعادة إعمار العراق وأيضا تجاوزت التوتر الذي طرأ على العلاقات الكويتية الإيرانية بعد القبض على خلايا تجسس تدار من قبل السفارة الإيرانية وهذا ليس ضعف من الحكومة ولكنه بعد نظر للحفاظ على أمن واستقرار البلد والمنطقة. نعتقد أن هناك حاجة لوجود ميثاق شرف إعلامي بين دول مجلس التعاون رغم وجود الأزمة الخليجية والكويت هي المؤهلة للقيام بتحرك بين دول الخليج لعقد اجتماع بين وزراء الإعلام في هذه الدول لمنع التراشق الإعلامي بين وسائل الإعلام من صحف ورقية والكترونية وأيضا مايحدث في وسائل التواصل الاجتماعي من إسفاف وابتذال وحوار هابط واتخاذ إجراءات قانونية ضد كل من يعكر صفو العلاقات مع الدول الأخرى سواء خليجية أو عربية أو صديقة بحيث يكون الانتقاد بشكل عام ولايكون تجريح شخصي وسب وقذف لرموز وشخصيات تمثل حكومات دول.هناك فوضى ضاربة أطنابها في وسائل التواصل الاجتماعي وهذه لاتعتبر حرية رأي لأن الحرية هي مسؤولية ولكنها تعتبر انحدارا وتهورا وجريمة يعاقب عليها القانون والعاقل من اتعظ بغيره فهناك شباب في عمر الزهور يقبعون وراء القضبان في السجون أو هاربين من العدالة فقد وصلت بعض الأحكام القضائية إلى 26 سنة وبهذا يكون قد ضاع مستقبل هؤلاء الشباب بسبب تغريدة في لحظة حماس وطيش وجهل بالقوانين المعمول بها والآية الكريمة تقول (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فهناك خيط رفيع بين حرية التعبير وجرائم السب والقذف والإساءة للدول ورموزها ولاشك أن القانون لايحمي المغفلين وإذا وقع الفأس بالرأس لا ينفع الندم .هناك أيادٍ خفية تعبث بأمن واستقرار دول الخليج وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وتنفخ في قضايا هامشية مثل الرياضة وتثير الفتن من خلال إطلاق إشاعات وأخبار كاذبة مفبركة وهذه الدول معروفة فهي لديها مشروع توسعي للهيمنة والسيطرة علي المنطقة من خلال بث الفرقة والخلافات والصراعات بين دول الخليج ولديها طابور خامس ينفذ تعليماتها ولهذا نقترح أن لاتطول الوساطة الكويتية في الأزمة الخليجية كثيرا مما يفتح المجال لمن يضمر الشر لدول الخليج أن يكيل التهامات للكويت بأنها غير جادة أو أنها منحازة لدولة قطر ولاشك أنه جهل بالسياسة الكويتية التي تمارس سياسة النفس الطويل والتقريب بين دول الخليج بصور غير نمطية مثل البطولات الرياضية أو المؤتمرات والأنشطة الأخرى ولكن نعتقد أنه قد آن الأوان لإنهاء الأزمة الخليجية بوضع جدول زمني لقطع الطريق على كل من يعبث بأمن واستقرار دول الخليج والصيد في الماء العكر.أحمد بودستور
مشاركة :