مكتبات الرصيف التونسية تتحدى المتغيرات

  • 1/27/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بين آلاف الكتب المتراصة على درج شقة قديمة في «نهج الدباغين» بالعاصمة التونسية، وبين رُفوف تنوء تحت ثقل مجلدات يفوح منها عبق الزمن، يقف خالد شتيبة في حالة هيام أزلية مع مكتبته. ففي هذا المكان تتوقف عقارب الساعة عند عشق عابر للزمن، متحديا انسيابه السريع والغزو الإلكتروني الذي حوّل اهتمام الناس إلى وجهة مختلفة وبعيدة عن النسخ الورقية للكتب والمجلات. الكتب القديمة قصة حياة ثلاثون عاما من عمره قضاها خالد أو العم خالد، كما يناديه الجميع هناك، في هذه الشقة المخصصة لبيع الكتب القديمة. غير أن تراكم الكتب عبر السنين جعل مساحة الشقة الصغيرة عاجزة عن استيعاب ذلك الكم الهائل من المجلدات، فكان أن قرر عرضها على قارعة الطريق لتصبح بمثابة مكتبات صغيرة متناثرة على الرصيف. «قصة حياة»، كما يقول خالد للأناضول، تجمعه برائحة الكتب القديمة، ورافقته في مسيرته اليومية، حتى باتت جزءا من حياته. «هذه الكتب القديمة أصبحت جزءا مني فهي لا تقدر بأيّ ثمن»، يقول ونظراته تجوب الكتب القديمة التي بات لون البعض منها مائلا للاصفرار، قبل أن يضيف «أتنفس عبق حروفها وأزداد ولعا بها يوما بعد آخر». عشق رافقه مُذ كان مراهقا عندما كان ينزوي في ركن على قارعة الطريق، ليعرض كتبه على المارة. ونظرا لتراجع الإقبال عن النسخ الورقية للكتب، بدأت مكتبات الرصيف تلك تفقد الكثير من بريقها، ليقرر عدد من أصحابها الانسحاب بهدوء، فيما يتحدى آخرون حتى اليوم الاجتياح الإلكتروني والصعوبات المالية، رغبة في البقاء. وبالنسبة لـ«رمزي»، فإن «غياب التشجيع من قبل السلطات هو ما حال دون وجود سوق قائمة الذات لبيع الكتب المستعملة في نهج الدباغين»، لافتا إلى أن «كل ما ترونه هنا يشكل نتيجة اجتهادنا الخاص». وتابع: «كانت السوق في السابق مزدحمة بباعة الكتب، إلا أن محلات لوازم الخياطة وبيع الأقمشة حلت محلها، وذلك بسبب غلاء استئجار الدكاكين والإيرادات المالية الضعيفة لبيع الكتب القديمة». ودعا رمزي سلطات بلاده إلى «الاهتمام بهذا النشاط على غرار الأسواق الموجودة في كل من مصر والعراق وفرنسا، حيث يحظى قطاع بيع الكتب المستعملة بأهمية بالغة». من جهته، عاد العم خالد ليعرب عن رغبته في أن «يطلق اسم شارع الثقافة على هذه السوق بدل الدباغين». ورغم ضعف إيرادات بيع الكتب، إلا أن رمزي لم ينجح في الابتعاد عن مهنته، حتى إن جميع محاولاته الرامية لتغيير نشاطه باءت بالفشل. ففي كل مرة كان حنينه للكتب القديمة يعيده إليها.

مشاركة :