هل الحرب على الإرهاب أحد مصادر الدخل للدول الكبرى؟! - د.حمد عبدالله اللحيدان

  • 10/17/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

من المعروف أن الصناعات العسكرية تزدهر وتنمو في اوقات القلاقل والحروب وعدم الاستقرار وقد ادركت ذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية واصبحت تبعاً لذلك من اكبر المحرضين على خلق التوترات والنزاعات وذلك كجزء لا يتجزأ من تسويقها لمنتجاتها التي تكسد لو ساد الاستقرار والوئام العالم. وبما ان تصدير السلاح اصبح بالنسبة لبعض الدول من اهم مصادر الدخل لذلك لك ان تتخيل التداخل والتناغم بين المؤسسات العسكرية والسياسية والأمنية والاستخباراتية لتحقيق مزيد من الدخل وضمان تصدير منتجاتها الحربية حتى انه يمكن القول ان الحروب اذا لم توجد فإنه يتم العمل على خلق مبررات لها ما دام نشوبها ومدخلاتها او مخرجاتها او بها جميعاً تصب في مصلحة من خطط ودعم وبرر نشوبها. نعم أصبحت محاربة الإرهاب أحد مصادر الدخل لمن يدعون أنهم يحاربونه في الظاهر ويدعمونه في الباطن ولا أدل على ذلك من تقديرات الميزانية الافتراضية المبدئية للقضاء على داعش ووضع احتمال أن تستمر العملية عدة سنوات وبتكاليف مفتوحة الاحتمالات وفي الحقيقة فإن الحروب تثار بمبررات ايجابية كثيرة للدول المصنعة للسلاح يأتي في مقدمتها انها مصدر من مصادر الدخل المعول عليه كما أنها تدير عجلة الإنتاج الحربي بالإضافة الى أنها تفتح فرص عمل عديدة وبالتالي تخفض معدل البطالة بجانب أن الحديث عن أن الادعاء بوجود تهديد للمصلحة العليا يخلق مبررات لحكومات تلك الدول امام شعوبها بأهمية التدخل لصالح هذا الطرف او ذاك حماية للأمن القومي والمصلحة العليا للوطن ناهيك عن أن كل ذلك يتيح فرض بعض الإجراءات الوقائية التي لا يتسنى فرضها قي ايام استتباب الأمن والأمان في جميع ارجاء العالم. في السابق كانت شركات الصناعات العسكرية والمؤسسة العسكرية في بعض تلك الدول تسعى الى ادخال الدولة نفسها في حرب ما من اجل تحريك عجلة الإنتاج الحربي اما اليوم فقد تفتقت اذهان جهابذة التخطيط العسكري والأمني عن خلق مناطق عدم استقرار بجوار الدولة ذات الوفرة او بداخلها ودعم ذلك والعمل على توسيع رقعته في السر واستنكاره والدعوة الى القضاء عليه في العلن كما هو حاصل في حالة الحرب على الإرهاب. هذا وقد تداخلت الفعاليات الاستثمارية والاستخباراتية والإعلامية والسياسية مع بعضها البعض حتى ان المتخصص والمتابع اصبح مشدوهاً بحيث لا يستطيع تفسير ما يحدث حوله خصوصاً ان المخططين قد قرؤوا التاريخ وطبقوا علم الاجتماع واستفادوا من علم النفس في تعاملهم مع الشعوب المستهدفة وقد خدمهم في هذا التوجه شمولية الحكم الفردي وغياب المؤسسات القادرة على استيعاب التفاوت والاختلاف بين طوائف وأعراق ومذاهب وثقافات الشعب وصهرها في بوتقة الوطنية والانتماء, ليس هذا فحسب بل ان الدكتاتورية والتصنيف والاستبداد والابعاد كانت من أهم عناصر تسهيل مهمة من اضمر لتلك الدول شراً ولعل ما حدث ويحدث في العراق وسورية وليبيا واليوم اليمن خير شاهد على ذلك. نعم الإرهاب اليوم يخلق وينشر وتوسع رقعته لضرب عدد من العصافير بحجر واحد فالعصفور الأول يتمثل في شق وحدة شعب كل دولة من دول المنطقة على نفسه وتحويله الى طوائف ومليشيات متناحرة متقاتلة وهذا ما سموه بالفوضى الخلاقة التي تمكن من اصطياد العصفور الثاني المتمثل في خلق الشرق الأوسط الجديد الذي سوف ينبثق عن هذا الاقتتال حيث يتم تقسيم كل دولة من دول الشرق الأوسط الى دويلات او كانتونات متخاصمة لا حول لها ولا قوة سوى ان تحتمي بأحد المشاريع السائدة وشبه المعلنة في المنطقة والمتمثلة في المشروع الإيراني والمشروع الصهيوني وربما المشروع التركي وكل تلك المشاريع لها استراتيجية واحدة تتمثل في القضاء على الهوية العربية وتقاسم تركتها والمبرر أن الدول العربية لا تملك مشروعا ولا رؤية مستقبلية وتدير امورها على اساس يوم بيوم مع خلاف وعدم ثقة محتدم بين زعمائها. أما العصفور الثالث فإنه يتمثل في أن الحرب على الإرهاب اصبحت مصدرا من مصادر الدخل الهامة لبعض الدول الكبرى فهي وجدت أن خلق الإرهاب يكلف مبالغ زهيدة ربما لا يتعدى (5) مليارات دولار وأن إشهاره بواسطة الإعلام بجميع وسائله وتكبير خطره وبث الرعب في نفوس الحكام والشعوب قد يكلف (10) مليارات أخرى وبعد ان تقع الواقعة ويصبح الإرهاب حقيقة واقعة تتم المساومة على محاربته وطلب ميزانية مفتوحة ومدة زمنية غير محددة للقضاء عليه مع ضمان أن تكون محاربة الإرهاب احدى وسائل خلق مزيد منه وخلق مزيد من الاختلاف في الرأي ذلك أن الإرهاب لا يحارب بوتيرة واحدة فبعض الإرهاب تحشد له الجيوش والبعض الآخر يغض الطرف عنه. أليست ملة الإرهاب واحدة؟ نعم أصبحت محاربة الإرهاب أحد مصادر الدخل لمن يدعون أنهم يحاربونه في الظاهر ويدعمونه في الباطن ولا أدل على ذلك من تقديرات الميزانية الافتراضية المبدئية للقضاء على داعش ووضع احتمال أن تستمر العملية عدة سنوات وبتكاليف مفتوحة الاحتمالات. ألم نسأل من قبل مجموعة من الأسئلة التي نعيد ذكر بعض منها: من سلح داعش بالمعدات الثقيلة وجند لها المرتزقة والمغرر بهم من جميع انحاء العالم؟ من هم الخبراء العسكريون الذين يقودون ويخططون لها ومن أين جاؤوا؟ من الذي يقوم بتدريبهم ومدهم بالتكنولوجيا العسكرية الحديثة والاتصالات الفضائية؟ لماذا يتم تدمير المنشآت الاقتصادية (مصافي البترول) بدلاً من معاقبة من يشتري المشتقات البترولية من داعش وغيرها؟ ألم تنجح المقاطعة مع الدول فكيف لا تنجح مع منظمة إرهابية محدودة العدد والعدة؟ إن تدمير المنشآت الاقتصادية سابقة وأسلوب جديد له ما بعده فهل نعي ذلك؟ لماذا يتم الإصرار على تسمية داعش بالدولة الإسلامية وهي في الحقيقة لا تعدو أن تكون منظمة مجرمة منشقة داخل دول لها سيادتها؟ ما هي انتماءات المقاتلين الغربيين ضمن صفوف داعش وما هو دورهم ومن زج بهم هناك؟ لماذا تضخم داعش بدعاية أكبر منها ويتم افتراض أن الحرب عليها قد تستغرق عدة سنوات؟ أما العصفور الرابع فإن الحرب على الإرهاب تعتبر وسيلة استنزاف لموارد دول المنطقة وهذا استكمال لما تم تجريبه من قبل حيث استنزفت موارد تلك الدول خلال الحرب العراقية الإيرانية (حرب الخليج الأولى) ثم استنزفت في المرة الثانية في حرب تحرير الكويت (حرب الخليج الثانية). ثم استنزفت في المرة الثالثة في الحرب على العراق (حرب الخليج الثالثة). نعم إن الأحداث عبارة عن سلسلة حلقات مترابطة كل منها ذو ارتباط وثيق بالتي قبلها لذلك يعكف جهابذة التخطيط والاستخبارات والمؤسسات العسكرية والأمنية ومراكز الدراسات الإستراتيجية على الاستفادة منها وخلق مناخ يساعد صاحب القرار السياسي على اتخاذ القرار المناسب الذي يصب في مصلحة اللوبيات التي تتحكم في مفاصل اتخاذ القرار خصوصاً إذا كان موجها ضد العرب ويصب في مصلحة اسرائيل. أما العرب فإنهم يفتقدون اسلوب التخطيط الإستراتيجي والرؤية الواضحة المبنية على التعامل مع الواقع الملموس وتسمية الأشياء بمسمياتها والتغافل والعمل على إجهاض الحراك المعادي قبل تبلوره والاستفادة من تجاربهم ناهيك عن تجارب الآخرين. لذلك يحتاج العرب الى تظافر الجهود والاستفادة من التجارب السابقة والاتجاه الى الاستفادة من جهابذة الفكر الإستراتيجي المؤسسي وليس العمل الفردي الذي أثبت فشله على مر العصور والأزمان خصوصاً في عصرنا الحاضر. والله المستعان.

مشاركة :