بيروت/ربيع دمج/ الأناضول نوع غريب من الأسماك السامة، بدأ منذ 10 سنوات يغزو بشكل كثيف سواحل لبنان الممتدة بطول 220 كيلومترا، ما شكّل خطرا على الثروة السمكية التي تعتبر مصدرا أساسيا للاقتصاد الوطني. وخلال السنتين الأخيرتين، ازداد خطر هذا النوع المعروف علميا باسم "النفيخة"، نظراً لشكلها المنتفخ الذي تكتسبه بسبب كمية المياه التي تبتلعها حين تقع في شباك الصيادين. و"النفيخة" تتخذ أشكالا وألوانا متعددة؛ فمنها الشكل المموه الذي يشبه جلد النمر، وأخرى باللون الأشقر أو الأسود. لكن المشترك بينهما يتمثل في السمّ القاتل والحارق المخزّن في مرارتها، وفق نقيب الصيادين في منطقة الرملة البيضاء والجناح على ساحل بيروت، إدريس إدريس. وعن مصدر السمكة، فالبعض يقول إن "إسرائيل ترسلها عمدا إلى الساحل اللبناني والسوري لضرب الثروة السمكية"، وآخرون يقولون إنها تأتي من المحيط الهندي عبر قناة السويس. وفي فترات ماضية، ارتفعت أصوات الصيادين اللبنانيين، وظهرت تقارير إعلامية تشير إلى ضلوع إسرائيل بتربية هذا النوع في أحواض داخل العمق البحري الإسرائيلي، لكن دون وجود ألة دامغة. غير أن هناك تأكيد بأن المحيط الهندي يمثل البقعة التي تسرّبت منها السمكة، نتيجة حركة الأمواج التي تسببت في قذفها داخل العمق الأفريقي، وتحديداً قناة السويس المصرية. ويؤكد إدريس أن قناة السويس المصدر الأساسي لسمكة "النفيخة" إلى لبنان وفلسطين وسوريا. ويوضح للأناضول أنها تأتي مع البواخر القادمة من الشاطئ المصري نحو لبنان، إذ تلحق الباخرة لتتغذى على فضلاتها فتدخل المياه اللبنانية. ويضيف: "بيض الأسماك ينجرف مع الموج الذي تسببه البواخر، وتفقس في العمق اللبناني". وعن مخاطر السمكة يقول إدريس إنها "تلتهم الأسماك الأخرى وتفضي على المئات من الأنواع". ويشتكي 150 صيادا مسجلا لدى النقابة من "النفيخة"، ويتهمون إسرائيل بمساهمتها في ازدياد أعدادها داخل لبنان، وفق إدريس. ويقول إن الصيادين لاحظوا ظهور السمكة فجأة بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو/ تموز 2006. وينفى إدريس، نقلا عن الصيادين أي وجود لهذا النوع من الأسماك آنذاك. ويشير إلى أنهم أطلعوا وزارة الزراعة اللبنانية على الأمر، "لكنها لم تستطع فعل شيء كون مكافحتها أمر صعب". بدوره، يقول ميلاد فخري، مدير مركز علوم البحار التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية بوزارة الزراعة، إنه لا يمكنهم حسم تورّط إسرائيل مباشرة في ارتفاع أعداد هذه الأسماك السامة. ويضيف فخري: "قناة السويس والمحيط الهندي المصدران الأساسيان لوصول هذه الأسماك إلى لبنان". ويزيد القول: "بالنسبة لإسرائيل ودورها في تربية النفيخة وإرسالها إلى بحرنا، أمر لم نتحقق منه بعد". لكنه يؤكد أن "النفيخة أضرت تماما بالثروة السمكية، وتسببت في تراجعها بنسبة 80%، ما يشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد اللبناني". غير أن الباحث والخبير البيئي مصطفى رعد، يلفت إلى بعد آخر في مسألة وصول هذه الأسماك إلى لبنان. ويوضح في حديثه للأناضول سبب تفضيل "النفيخة" مياه لبنان قائلا: "هذه الأسماك تفضل العيش في بيئة تغلب عليها النفايات، كما هو الحال في لبنان الذي تكثر فيه النفايات منذ سنوات". ويحذّر رعد من السمكة السامة التي قد يصطادها أحد الهواة ويأكلها دون معرفته كيفية تنظيفها بشكل محترف. ويوضح في أسباب مخاطرها: "تحتوي على مادة تيترا ديدوكسين السامة، إذ أن 2 ملغم منها قد تقتل 100 بقرة خلال دقائق". "كما أنها قد تقتل الإنسان خلال 15 دقيقة"، وفق ما يقول رعد. ويضيف: "لهذه السمكة قواطع بخلاف الأنواع الأخرى". ويتابع ذكر مخاطرها: "النفيخة غير عدائية، لكن حين تشعر بالخطر تفرز السم في كافة جلدها ومراراتها". ويستدرك رعد: "هي قابلة للأكل، لكنها تحتاج دقة وعناية كبيرتين لتنظيفها وإخلائها من سمها". وفي حال تناولها دون تنظيفها جيداً، جهلا بخطرها فإن ذلك قد تؤدي إلى الوفاة أو الشلل الدائم. ويختتم الخبير البيئي حديثه بالقول: "وصول السمكة (إلى لبنان) قضى على عشرات الأنواع من الأسماك التي كانت تشتهر بها البلاد؛ كالسلمون". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :