أعلنت المعارضة السورية، أمس، مقاطعتها مؤتمر سوتشي في روسيا، أواخر الشهر الجاري، فيما توعدت روسيا بـ«تبعات على الأرض». في حين حثّت تركيا واشنطن على سحب قواتها «فوراً» من منبج، الواقعة في شمال سورية، والتي يسيطر عليها مقاتلون أكراد، بدأت أنقرة حملة عسكرية ضدهم قبل أسبوع، مع تأكيد تركيا بأن الولايات المتحدة لن تسلم أسلحة إلى أكراد سورية. وأعلنت المعارضة السورية مقاطعتها مؤتمر سوتشي في روسيا، إثر مناقشات شاقة مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا، في اجتماع فيينا المنعقد برعاية الأمم المتحدة. ويعقد مؤتمر سوتشي بمبادرة من روسيا، وبدعم من تركيا وإيران، وتعتبر مشاركة هيئة التفاوض السورية المعارضة فيه عاملاً حاسماً لإنجاحه. وقالت هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، على حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، «هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، تعلن مقاطعتها مؤتمر سوتشي، الذي دعت إليه روسيا في 29 و30 من الشهر الجاري». وكان 40 فصيلاً معارضاً، هي أبرز الفصائل المقاتلة والمكوّنة لهيئة التفاوض، أعلنت، الشهر الماضي، رفضها المشاركة في هذا المؤتمر، فيما رحّبت دمشق بانعقاده. وقال المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي، عقب اجتماع ثانٍ عقده الوفد المفاوض مع دي ميستورا «نمرّ بمناقشات ومفاوضات قاسية جداً بالحقيقة والتركيز الأساسي على ما يمكن ان يكون أساسياً لتطبيق القرار 2254 والمناقشات (تجري) على أعلى المستويات بهذا الخصوص». • النظام السوري يرفض أي مفاوضات حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد. وعلى غرار الجولات السابقة، لم يحصل أي اجتماع مباشر بين ممثلي المعارضة والنظام في فيينا، وعقد الوفدان اجتماعات منفصلة مع موفد الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا. واعلن دي ميستورا، من جهته، عقب الاجتماعات «انتهاء أعمال المؤتمر»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «استمرار المشاورات». وذكر دي ميستورا «اطلعت على التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، يومي 29 و30 يناير، كما أخبرت ببيان الاتحاد الروسي، بأن نتائج المؤتمر ستقدم إلى جنيف كإسهام في مسار المحادثات السورية المقامة تحت رعاية الأمم المتحدة، وفقاً للقرار 2254». وإثر اجتماع للوفد الحكومي السوري مع دي ميستورا، قال رئيس الوفد سفير سورية لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، للصحافيين «أجرينا مباحثات بناءة قدر الإمكان مع مبعوث الأمم المتحدة، ولاسيما أننا على أعتاب مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي». وأوضح أن «نتائج المؤتمر في سوتشي ستكون محصلة الحوار بين المتحاورين السوريين أنفسهم في هذا المؤتمر، لأن الهدف من سوتشي هو حوار وطني سوري سوري، دون تدخل خارجي، وسيحضر المؤتمر نحو 1600 مشارك، يعكسون مختلف مكوّنات الشعب السوري». وتؤكد موسكو، التي دعت 1600 شخص للمشاركة في مؤتمر سوتشي، أن هذا المؤتمر لا يشكل مبادرة منافسة لتلك التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف وفيينا. وأعلن الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أمس، أن أمينها العام أنطونيو غوتيريس، قرّر إيفاد دي ميستورا إلى مؤتمر سوتشي. وأشار إلى أن غوتيريس تلقى تطمينات بأن مؤتمر سوتشي لن يسعى إلى تهميش المحادثات الأممية. من جهته، صرّح رئيس وفد المعارضة نصر الحريري، بأن محادثات فيينا «تمثل اختباراً لرغبة روسيا باستخدام نفوذها لدى النظام لإجباره على التفاوض بشكل جدي»، استناداً إلى ما هو وارد في قرار الأمم المتحدة 2254. وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ«فرانس برس»، «إن الروس يعلمون بأن غياب الأمم المتحدة ووفد الحريري عن سوتشي سيعني فشل هذا المؤتمر». وأضاف «بالنسبة إلى الروس فإن فشل سوتشي سيكون كارثياً، لأن ذلك يعني أن روسيا عاجزة عن تحويل انتصارها العسكري إلى انتصار سياسي». وقال مصدر دبلوماسي غربي آخر «حان الوقت لتحزم روسيا أمرها، اذا كانت تريد بالفعل إنقاذ سوتشي». ويرفض النظام السوري أي مفاوضات حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، كما يرفض تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، الذي صدر عام 2015، وينص على وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة في أجواء محايدة. في السياق، توعّدت القاعدة العسكرية الروسية في حميميم في محافظة اللاذقية، على الساحل السوري، المعارضة السورية بإجراءات على الأرض، بعد رفضها المشاركة في مؤتمر سوتشي. وقال المتحدث باسم قاعدة حميميم العسكرية الروسية، أليكسندر إيفانوف، عبر صفحات تابعة للقاعدة على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، إن «إعلان المعارضة السورية امتناعها عن حضور مؤتمر سوتشي، ستكون له تبعات عدة على الأرض». وأضاف أن «تأخر مسار العملية السياسية لن يكون من مصلحة المعارضة السورية بأي شكل من الأشكال»، مضيفاً: «بالطبع لايزال لدينا الكثير من العمل للقضاء على التنظيمات المتطرفة في سورية». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن القصف في منطقة الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة استمر في وقت أمس، بعد أن صرّح متحدث باسم المعارضة، الليلة قبل الماضية، بأن روسيا تعهدت بمحاولة وقف إطلاق النار. وأكد المرصد أن خمس غارات جوية استهدفت الغوطة الشرقية، واشتملت على قصف بالصواريخ والمدفعية. وعشية بدء محادثات فيينا، أقرّ دي ميستورا نفسه بأن المفاوضات تمرّ بمرحلة «حرجة جداً»، في ظل عدم إحراز أي تقدم دبلوماسي، ومع تصاعد المواجهات الميدانية، فتركيا تشنّ هجوماً على المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين (شمال)، وهددت أول من أمس، بتوسيع هذا الهجوم، وسط استياء حلفائها، وخصوصاً الولايات المتحدة. إلى ذلك، طالب وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الولايات المتحدة بسحب قواتها «فوراً» من مدينة منبج، التي يسيطر عليها مقاتلون أكراد. وقال «عليهم الانسحاب فوراً من منبج»، بعدما هدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتوسيع العملية العسكرية ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين إلى منبج، حيث توجد قوات أميركية. كما أعلنت الرئاسة التركية، أمس، الولايات المتحدة «أكدت» لتركيا أنها لن تسلم أسلحة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية، في اتصال هاتفي جديد على مستوى عالٍ. وأرسلت تركيا، أمس، جنوداً ودبابات إلى شمال سورية، في إطار عملية أطلقت عليها اسم «غصن الزيتون»، وتستهدف المقاتلين الأكراد. وتوجه جزء من القوات التركية إلى جيب عفرين في الشمال السوري مباشرة، بينما شق الجزء الآخر طريقه من الشرق عبر إعزاز.
مشاركة :