تحتاج الأمهات إلى ثقافة العناية بالحمل وخاصة الأمهات الجدد، ولابد أن تعتمد هذه الثقافة من مصدر موثوق به، وليس نابعاً من نصائح الأصحاب والمقربين والأمهات، فهذه النصائح المتوارثة غالباً ما تكون غير صحية وليس لها أسانيد علمية، وبعضها يمكن أن يسبب ضرراً فعلياً على حالة الأم والجنين، ومن المعروف أن العناية الجيدة بالحمل ينعكس على صحة الجنين ونموه، وتعتبر الأشهر الأولى من الحمل هي الأصعب والأشد إرهاقاً، ويحدث فيها تقلبات هرمونية كبيرة.يمكن استثمار هذه الأشهر في الاستفادة منها في زيادة الفوائد للأم والجنين، وتخفيف الضغوط العصبية المستمرة طوال فترة الحمل وحتى الولادة، ويمكن عمل برنامج للتغذية والراحة ونمط حياة صحي لهؤلاء الأمهات، ويتضمن بعض العادات الصحية والغذائية والنوم العميق والحركة والنشاط أيضاً، فهذه العادات لها دور كبير في تجنب الجنين الكثير من المشاكل، وحمايته من كافة التأثيرات الفيزيائية والكيميائية في هذه الفترة، وغالباً ما تظهر على الأم بعض المنغصات في بداية الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ومنها الإحساس الدائم بحالة الغثيان، وتقلبات المزاج الحادة والتعب الشديد وتنتابهم حالة من التقيؤ، ولكن مع اتباع العديد من النصائح العلمية يمكن تحفيف هذه الأعراض بدرجة كبيرة، باتباع بعض التعليمات والإرشادات البسيطة والمؤثرة على الحالة العامة للأم الحامل، وفي هذا الموضوع سوف نقدم طرق العناية بالحمل في الـ 15أسبوعاً الأولى من الحمل، للحصول على الفائدة القصوى من هذه الفترة. النوم والمتابعة ينصح المتخصصـون لحصـول المرأة الحامل على فوائد كبيرة خلال الأشهـر الثلاثة الأولى من الحمل باتّباع بعض الخطوات، للحصول على فترة حمل خالية من المشاكل بما يضمن صحة الجنين والأم معاً، ومنها تقوية العلاقة بالزوج وجعله شريكاً في الفرحة بالمولود، وتقبل الحمل بدرجة عالية من الاسترخاء وإدخال الشعور بالسعادة على النفس وأخذ حمام دافئ طويل أسبوعياً، وعدم ارتداء الكعب الطويل في الأحذية، واختيار طبيب أو طبيبة لمتابعة حالة الحـمل شهرياً، وتجنب استعمال أدوات التجميل والعناية بالبشرة في فترة الحمل، لأنها غالباً ما تحتوي على مواد كيماوية يمكن أن يكون لها ضرر على الجنين، ويفضل استعمال الوصفات الطبيعية أو المنتجات الطبيعية الخالية من المواد الكيميائية، ولابد من حصول الأم على الهواء النقي غـــير الملوث، والاهتمام بالأسنان لأنها تتحول إلى مـنطقة حساسة في فترة الحمـل، ويستحسـن استخدام فرشاة ناعمة وتنظيف الأسنان وما بينها لمنع تراكم البكتريا، ويحذر الأطباء من تناول أي أنواع من الأدوية إلاّ بعد موافقة الطبيب المتابع، كما يجب النوم فترة كافية ولكن دون التمادي في النوم كما تفعل الكثير من الحوامل، والوقت الكافي للنوم 8 ساعات كالمعتاد متواصلة، وارتداء الملابس الواسعة والمناسبة للحمل ويفضل أن تكون من النوع المرن حتى لا تضغط على الجنين، وعمل فحص دوري على الضغط والسكر، وتناول المكملات الغذائية الضرورية مثل الكالسيوم والزنك وحمض الفوليك وأوميجا3، لتجنب حدوث تشوهات للجنين وعدم إصابته بمرض الصلب المشقوق، ومن الضروري الذهاب إلى الطبيب عند نزول الدم لتجنب حدوث الإجهاض، وسوف يقرر الطبيب ما إذا كانت المرأة تحتاج إلى تناول مثبتات للحمل من عدمه. الرياضة وتجنب الكافيين تنصح بعض الدراسات بممارسة نوع من الرياضة لمد الجسم باللياقة اللازمة، كما أن دراسة حديثة أثبتت أن ممارسة الأم الحامل للرياضة يزيد من إنجاب أطفال بمعدلات ذكاء مرتفعة عكس ما كان يعتقد من أن الرياضة يمكن أن تضر صحة الأم والجنين، والرياضة عموماً مفيدة لصحة الأم لأنها تعمل على تنشيط الدورة الدموية باستمرار، وإمداد الجنين بالدم الذي يحتاجه والغذاء والأكسجين، وتخلص الرياضة الأم من الاكتئاب الذي يصيب الحوامل، لأن الرياضة تزيد من هرمونات السعادة بالدماغ، فقط يمكن تجنب الرياضة العنيفة أو التي تسبب السقوط على الأرض، ويمكن ممارسة رياضة المشي والسباحة واليوجا، ويجب التقليل من تناول المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين، وخاصة المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، ويمكن تناول الشاي والقهوة ولكن بكميات صغيرة خلال اليوم من أجل اكتساب الحركة والنشاط، مع عدم الإفراط حتى لا يتأثر الجنين في تناقص وزنه أو تتعرض المرأة للإجهاض، والحد المسموح به يصل إلى 200 ملليجرام يومياً من الكافيين فقط للتنشيط، ويمكن أن يكون ذلك بمقدار فنجانين صغيرين من القهوة يومياً، ورغم ذلك حذرت دراسات أخرى من خطر التعرض للإجهاض بسبب القهوة، ويمكن استبدال القهوة بالشاي أو بنوع لا يحتوي على الكافيين، وخاصة في الأسابيع الأولى من الحمل، ويفضل تناول عصير الليمون المنعش بدل القهوة، ويجب أخذ قسط من الراحة في أول ثلاثة أشهر عندما تشعر الأم بالتعب، بمعنى عدم بذل مجهود كبير خلال اليوم كما يحدث في الأيام المعتادة، ويمكن الاسترخاء ورفع القدم نصف ساعة عند الشعور بالتعب. اللبن والخضراوات تعتبر التغذية للمرأة الحامل مهمة للغاية في الأشهر الثلاثة الأولى وخلال فترة الحمل عموماً، لأنها تنعكس على صحة ونمو الجنين وتطور الدماغ وبعض قدرات الإدراك، والتغذية السيئة تضر الجنين بالغ الضرر وتؤثر على مستقبله، ويمكن أن تؤدي إلى حدوث وفاة الجنين أو إصابته بتشوهات وعيوب خلقية، ومن الأطعمة الضرورية في هذه الفترة تناول اللبن وكل منتجاته، لأنه يعتبر مصدراً أساسياً للكالسيوم المهم في بناء الهيكل العظمي للجنين، ويساعد في وظائف الجهاز العصبي والعضلات وينشط عمل الإنزيمات، ومهم في عملية امتصاص فيتامين «B12»، وينصح الخبراء الأم بتناول الحليب بشكل منتظم يومياً، والبيض أيضاً من الأطعمة الغنية بالكالسيوم والبروتين وفيتامين «د» ويساهم في بناء عظام الجنين، ويوفر عملية امتصاص الكالسيوم في الجسم، واللحوم والدجاج والأسماك مصادر غنية بالأحماض الأمينية الضرورية في هذه المرحلة، ويجب التنويع بين مصادر البروتين النباتي والحيواني معاً، ويعد الدجاج مصدراً جيداً للحصول على عنصر الحديد، من أجل تكوين كرات الدم الحمراء وتوفير عملية تنفس أفضل، ويستحسن تناول الأطعمة البحرية مرتين على مدار الأسبوع، فهي تحتوي على كمية عالية من اليود المنشط لوظائف الغدة الدرقية، ويجب أن يتضمن النظام الغذائي للأم الحامل المزيد من الفواكه والخضراوات، لأنها تحتوي على كميات كبيرة من الألياف الغذائية والمعادن والفيتامينات، ومنها السبانخ المليئة بالحديد والبامية أيضاً وكلاهما يحتوي على حمض الفوليك المهم لتكوين الجهاز العصبي للجنين خلال الشهر الأول، بالإضافة إلى الجزر والملفوف وورق العنب واللوبيا، والبروكلي مصدر غني بالحديد لتكوين خلايا الدم الحمراء للجنين، ويفضل عدم غلي الخضراوات فترات طويلة حتى لا يفقد الكثير من قيمته الغذائية، والسلمون غني بفيتامين «د» والكالسيوم كذلك، ويفضل تناول الحبوب الكاملة للحصول على فيتامين «ب» الضروري لنمو الجهاز العصبي للجنين، ويمده بالطاقة اللازمة خلال الحمل ووقاية الجهاز العصبي وضمان صحته، وتناول الفواكه الحمضية على اعتبار أنها مصدر غني بفيتامين «ج» وحمض الفوليك لمنع إصابة الجنين بالتشوهات، ومنها البرتقال واليوسفي والليمون والجريب فروت، والموز والمشمش والعسل الأسود و الكبدة فهذه الأطعمة غنية بالحديد الذي يعمل على زيادة إنتاج كرات الدم الحمراء للجنين. الفستق وفيتامين «د» كشفت دراسة هولندية حديثة أن تناول الأم الحامل للفستق خلال فترات الحمل يزيد من فرص إصابة الطفل بمرض الربو، وخاصة إذا كانت العائلة لديها تاريخ بهذا المرض، وبينت هذه الدراسة أن تناول الفستق أو الغذاء الذي يحتوي على الفستق أثناء الحمل يرفع من نسب الإصابة إلى 52% من احتمال إنجاب مولود لديه أعراض الربو، وتوصلت دراسة أخرى أن نقص معدل فيتامين «د» أثناء الثلاثة شهور الأولى من الحمل تؤدي إلى إنجاب طفل قليل الوزن، وشملت هذه الدراسة تحليل دم عينات حوالي 2500 سيدة أنجبن بعد فترة حمل مكتملة، وأن النساء اللاتي وجد لديهن معدل الفيتامين أقل من 0.016 جزء في المليون خلال الأسابيع الأولى من الحمل، أنجبن أطفالاً أقل من الوزن الطبيعي بحوالي 50 جراما، وكلما قل معدل فيتامين «د» انخفض الوزن الطبيعي أكثر لدرجة الخطورة على حياة الجنين، كما ارتفع خطر وفاة المواليد الذين نقص وزنهم على المعدل الطبيعي في الشهر الأول، وارتفعت فرص الإصابة لديهم بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم، وتسبب انخفاض هذا الفيتامين في إعاقة الزيادة الطبيعية لامتصاص عنصر الكالسيوم للأم وبالتالي عدم الوفاء بالكمية المطلوبة للجنين، مما يؤدي إلى انخفاض نمو العظام لدى الجنين، كما سبب نقص الفيتامين أيضاً قلة الهرمونات التي تنتج الجلوكوز والأحماض الأمينية التي تمد الجنين بالطاقة خلال فترات الحمل.
مشاركة :