فيلم All The Money In The World أو «كل المال في العالم»، هو أغرب فيلم نشاهده هذا العام (محسوب على 2017) ليس بسبب قصة الفيلم، وإنما بسبب الظروف العجيبة التي أحاطت به، بعد انفجار حملة «مي تو» ضد منتج الأفلام القوي هارفي واينستين، وتطايرت شظاياها لتضرب نجوم سينما، كان أشهرهم كيفن سبيسي في أغسطس الماضي. لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط. • أداء كسول أداء وولبيرغ تنقصه الحيوية، ويبدو متكاسلاً، وتخفق الشخصية في خلق الارتباط العاطفي المطلوب مع المشاهد على كل المستويات. الغريب أن تكليفه بالمهمة من قبل الجد، لأنه الأفضل لهذه المواقف الحرجة، يفتقد الصدقية في الفيلم بسبب عدم وجود مشاهد تدعم ذلك. • الفيلم يستمد قوته من شخصية الجد، التي من المفترض أن تكون محورية، وهي أقل من ذلك، وعندما يغيب بلامر يصبح الفيلم بطيئاً. • 88 عاماً، عمر النجم الكندي كريستوفر بلامر، الذي أدى دور الملياردير البخيل. قبل طرح الفيلم بشهرين، استدعت «ترايستار»، المملوكة لـ«سوني بكتشرز»، مخرج الفيلم البريطاني ريدلي سكوت، وأبلغته بضرورة استبدال سبيسي بممثل آخر يختاره سكوت، خوفاً من مقاطعة الجمهور للفيلم بسبب تهم التحرش الجنسي التي تواجه سبيسي. وقع اختيار سكوت على النجم الكندي كريستوفر بلامر (88 عاماً)، وطلب لقاءه في مطعم بنيويورك في 10 نوفمبر الماضي، حيث أعطاه نص الفيلم وأبلغه بتاريخ بدء إعادة تصوير المشاهد المطلوبة (20 نوفمبر)، وافق بلامر مقابل 10 ملايين دولار، وأنجز سكوت تصوير 22 مشهداً في 10 أيام. تلك الظروف وحدها قصة بطولية لصانع الأفلام المخضرم سكوت ذي الـ80 عاماً، الذي استحق لقب المنقذ بعد جهوده الجبارة لإنقاذ المشروع في فترة حرجة جداً ووقت قياسي. سكوت كبير في هوليوود، ويعتبر ثاني أفضل صانع أفلام على مستوى العالم بعد ستيفن سبيلبيرغ، وهو والأخير الوحيدان اللذان يستطيعان صنع أفلام من مختلف التصنيفات السينمائية. الفرق بينهما أن سبيلبيرغ يصنع أفلاماً جيدة جداً أو عظيمة، أما سكوت فيصنع أفلاماً جيدة أو جيدة جداً، لكنه يتعثر أحياناً في أفلام لا تناسب حجمه وإرثه. اختطاف.. وفدية فيلم «كل المال في العالم» مقتبس من كتاب لجون بيرسون عن قصة الاختطاف الشهيرة التي وقعت عام 1973، وكان ضحيتها الشاب جون بول غيتي الثالث (تشارلي بلامر - لا صلة قرابة بينه وبين الممثل كريستوفر بلامر المشارك في هذا الفيلم)، الذي اختطفته المافيا الإيطالية في روما، وهو حفيد الملياردير البخيل جون بول غيتي الأول (كريستوفر بلامر). تطالب العصابة بـ17 مليون دولار فدية مقابل إطلاق سراح الضحية، لكن والدته غيل (ميشيل ويليامز) مفلسة، وجده بخيل جداً وغير مستعد لدفع دولار واحد، والأسوأ أنه غير مهتم ومدعٍ أن لديه 14 حفيداً، فلو دفع فدية واحد ستتشجع كل العصابات لاختطاف بقية الأحفاد. بدل دفع الفدية يبعث الجد رجل الأمن المفضل لديه، عميل الاستخبارات الأميركية السابق فليتشر تشيس (مارك وولبيرغ)، للعثور على الحفيد واستعادته. الفيلم يحوي عناصر قوية لم تُعطَ حقها، وعناصر ضعيفة أعطيت أكثر من حقها، لدينا شخصية الجد الغامضة والمثيرة جداً للاهتمام والاستكشاف والتي لا يعطيها الفيلم حقها، السؤال المحير: ما دوافع الجد عندما يرفض دفع الفدية؟ البخل وحده كسبب غير مقنع وغير كافٍ. أي نوع من البخلاء يقول إنه يحب أحفاده، ولا يبالي باختطاف أحدهم حتى عندما تقطع العصابة جزءاً من جسده وترسله إلى والدته فإنه لا يكترث. هذه الشخصية إما أنها هكذا بسبب خلل في النص الذي كتبه ديفيد سكاربا، أو كتبت الشخصية هكذا بتعليمات سكوت لإضفاء بُعد عليها. لو كان الخلل في النص فالشخصية غير قابلة للتصديق لنقص دوافع سلوكها بشكل واضح. أما لو أنها هكذا بسبب إضافة سكوت فنحن أمام أغنى شخص مضطرب عقلياً في التاريخ، وهذه مادة فيلم في حد ذاتها أفضل وأقوى بكثير من مجرد قصة اختطاف. أهم شخصية الجد هو أهم شخصية في الفيلم لثلاثة أسباب: أولاً: لجوء الأم إليه لأنه الوحيد القادر مالياً على دفع الفدية، وثانياً: قراره يشكل الكلمة الفصل في تحرير الضحية، وثالثاً: رفضه دفع الفدية هو الآلية التي يرتكز عليها الفيلم، ولولا رفضه لما كانت لدينا قصة. ما سبق يعني أن لدينا شخصية بحاجة إلى تشخيص ودراسة، وهذا ما لا يوفره سكوت في الفيلم وهو مثير جداً للاستغراب، فهل فاتته النقطة أم أهملها متعمداً؟ الساعة الأولى من الفيلم تكشف تشتت النص بين ثلاث قصص: الأولى: قصة الجد البخيل وهي أقوى قصة، الثانية: قصة ذهاب الأم مع تشيس إلى روما للبحث عن ابنها وهي الأضعف لنقص التشويق، والثالثة: قصة الفتى مع مختطفيه ومصدر قوتها أداء شخصية تشينكوانتا (رومين دوريس). في الساعة الثانية تتحسن قصة الأم بسبب أداء ويليامز، لكن يبقى الخلل بسبب التباين في قوة تأثير قصة الجد، وعدم ارتقاء بقية الفيلم إلى مستواها. الفيلم يستمد قوته من شخصية الجد المفترض أن تكون محورية وهي أقل من ذلك، وعندما لا يكون بلامر على الشاشة يصبح الفيلم بطيئاً. بالضبط كما يحدث عندما يختطف ممثل قوي في دور مساعد الأضواء، ويتسبب في خلل شديد في التوازن، وهذه مشكلة كبيرة في هذا الفيلم لا يتمكن سكوت من حلها. الجد جريء وبارد جداً في التعامل مع الأزمة إلى درجة لا يصدقها عقل، نراه يشتري لوحة فنية ويتأملها دون الالتفات إلى قضية الاختطاف، غامض لا يمكن توقع تصرفاته. لو كان هذا الفيلم عن دراسة سلوك شخصية الجد ودراما الاختطاف تكون قصة فرعية لربما كان تحفة فنية، لكن مزجهما جعله أقل إثارة رغم وجود مشاهد مطاردة، وهنا تكمن المفارقة الغريبة، خصوصاً أن جزئية الاختطاف عاجزة عن حمل الفيلم ناهيك عن تحريكه، وحتى عندما تتولد بعض لحظات التشويق، فإن الانتقال بين القصتين يفقد الفيلم توازنه. نقطة واحدة تصب في مصلحة سكوت، هي مرة أخرى قدرته الجبارة على إنقاذ الفيلم في وقت قياسي واستبدال ممثل بآخر دون التأثير في جودة المنتج النهائي، وهذا يدل على إلمام الرجل الكامل بصناعة الأفلام وحرفيته العالية وشهادة على جدارة استثنائية في تحقيق إنجازات ضخمة رغم عيوب النص. هذه الميزة موجودة فقط في سبيلبيرغ وسكوت. المشكلة أن الفيلم لا يستحق هذا الجهد الجبار من سكوت بسبب الخلل العميق في النص، ورغم وجود بلامر وشخصيته الغريبة إلا أن الفيلم يخفق في رصد مشكلة كبرى، هي أن أقوى شخصية تستحق إبرازاً أكثر من مجرد دور ثانوي. ستظل الناس تتحدث عن هذا الفيلم بسبب الدراما التي حدثت خلف الكواليس من بطولة مخرجه ريدلي سكوت، ولن يتذكره أحد بسبب دراما الفيلم نفسه. يذكر أن وولبيرغ حصل على مليون ونصف دولار، أجر إعادة تصوير المشاهد التي تطلبتها عملية إنقاذ الفيلم، بينما حصلت ويليامز على 1000 دولار فقط أو أقل، ما تسبب في جدل آخر حول الفيلم.
مشاركة :