إذا كانت البطالة ستكون في يوم ما ليست وصمة عار طبقا لعصر الإنسان الآلي، فإن العار سيلاحقنا لأننا سنتوقف عن التفكير في العصر الآلي! أن تكون عاطلا عن العمل، إذن أنت لا تفكر لأن ثمة من يفكر نيابة عنك. أنا أيضا مثل هارفورد لا أريد لنبوءتي أن تتحقق وتنتفي حاجة العالم إلى الصحافة، على الأقل كي لا نتوقف عن التفكير في صناعة محتوى صحافي يعيد القراء الأوفياء إلى صحفهم بعد أن سرقه جيل الهواتف الذكية. هذا الأسبوع أعلنت كبرى شركات التكنولوجيا في العالم عن وظيفة بشرية لمراقبة المحتوى، وهو اعتراف بعجز الإنسان الآلي عن قدرته على مراقبة المحتوى بقدر ما يقوم به الصحافي. وأعلنت شركتا غوغل وفيسبوك عن نيتهما إنشاء وظيفة جديدة وتعيين مسؤول سيحمل مسمى وظيفيا “شرطي محتوى” للتعامل مع أكثر القوانين المرهقة، التي تجبر فيسبوك وتويتر ويوتيوب على ضرورة الامتثال لها. وسيكون من مسؤوليات “شرطي المحتوى” مراقبة كافة المحتوى المنشور وتحديد المحتوى غير القانوني وتنبيه الإدارة الرئيسية لحظره. ومثل هذا الأمر ليس بمقدور الروبوت القيام به. سيحتاج فيسبوك وحده عشرات الآلاف من الصحافيين بوظيفة “شرطي محتوى” لمراقبة ما ينشر، وهذا مبعث تفاؤل في مطلع العام الجديد بأن التوقعات المتشائمة لن تتحقق على الأقل بالنسبة للصحافيين المهرة. وترى سوزان وجسيكي الرئيسة التنفيذية ليوتيوب “لا يزال المراجعون البشريون ضروريين في إزالة المحتوى وتدريب أنظمة التعلم الآلي لأن الحكم البشري أمر بالغ الأهمية لاتخاذ قرارات حول المحتوى”. هذا الكلام لا يخضع لمنطق التوقع الصحافي الشائع في بداية العام الجديد، وهو يبعث على التفاؤل بالنسبة لمستقبل الصحافة، لكنه في كل الأحوال ليس كافيا للصحافيين. التوقع بتلاشي وظائفهم قائم ومجزرة الصحف مستمرة، ولم تخرج بعد كبرى الصحف من السوق المريضة، التعافي يكمن في صناعة محتوى يعيد تقاليد القراءة عبر الأفكار والمعلومات الجديدة التي تدفع الناس إلى إعادة نظرتهم إلى وظيفة الصحيفة، قبل أن يحطمها العصر الرقمي. مع بداية العام الجديد منحت كاثرين فينر رئيسة تحرير صحيفة الغارديان البريطانية شحنة عاطفية للصحافيين والقراء معا، عندما أعادت وصف العلاقة الخاصة بينهما بكونها ليست مجرد أخبار، إنها إحساس مشترك والتزام لفهم وإلقاء الضوء على عصرنا. وكم نبدو بحاجة إلى أن نرسخ مثل هذا الإحساس المشترك، هذا ما ينتظره القراء، ولسوء الحظ عجز الصحافيين عن تحقيق ذلك يبدو ماثلا للعيان مع بداية عام جديد. كرم نعمة karam@alarab.co.uk
مشاركة :