وسط حضور كبير ضاقت بهم قاعة مجمع البحوث بجامعة قطر قدمت الكاتبة القطرية بشرى ناصر الكاتب السوداني المقيم بالنمسا عبدالعزيز بركة ساكن للحديث عن تجربته الروائية، وروايته حديثة الصدور «سماهاني»، وتحدث ساكن في الندوة عن طفولته الأولى في منطقة خشم القربة بشرق السودان، واصفاً حيهم الجنوبي بأنه مجمع الفقراء والهامشيين، ومأوى اللصوص، وبائعات الخمور، والمعدمين من شتى القبائل، ووصف بركة ساكن الخطوات التي قطعها عبر طريق طويل وشائك للوصول لمنصة الكتابة بالصدفة، التي صنعها بواسطة حبه للقراءة، مؤكداً أن تعلقه بالكتابة عن هذا العالم المنسي سببها أنه قد أتاح لهؤلاء المنسيين فرصة في الـ 500 سنة المقبلة بأن ينجب حيهم الفقير كاتباً مرة أخرى، لافتاً إلى أنه يكتب عن عذاباتهم لجمهور الطبقة الوسطى من بيدهم التغيير، لأن أبناء حيه لا يقرؤون. وأوضح بركة اعتداده بأمه نابع من أنه صنيعتها، فهي التي كانت تحثه على العمل، ودفعت به لتعلم مهن مختلفة في البناء والخياطة والحدادة، حيث كانت تؤكد له باستمرار أن تعلم المهنة أمان من الفقر، كما كانت تشجعه بالأقوال والأفعال، وتدعوه للإقدام ونبذ الخوف. وأكد بركة أن جميع رواياته تحمل إهداءً ثابتاً إلى والدته، واصفاً إياها بالمرأة الجميلة والقوية، التي تصدت لمهمة تربيته بعد وفاة والده باكراً، مضيفاً أنه شديد الاعتزاز «بأنه تربية نساء»، فالمرأة في السودان هي المدبر الحقيقي لشؤون الحياة، وكل الرجال يعرفون ذلك. وأكد بركة -الذي يعرف على نحو واسع في السودان، كونه زبون الرقيب والمصنفات الأدبية- أن إقامته في أوروبا فرضتها عليه ظروف محددة في السودان، مضيفاً أن المكان الأفضل لحياة الإنسان هو قريته التي ولد وتربى بها، حيث ذكرياته وعلاقاته الإنسانية. وأوضح أنه ظل لسنوات طويلة يقيم في القرى السودانية والمناطق النائية، لأنه يشعر بالراحة والانتماء لهذه الأماكن، مؤكداً اعتزازه بالانتماء للحي الجنوبي لمدينة خشم القربة، حيث يحظى باحترام يجعل اللصوص -الذين تعج بهم المنطقة- يتجنبون سرقة منزله، تقديراً له. وقال بركة عن رواية «سماهاني» -التي تعني التسامح باللغة السواحلية- إنها تتطرق لتاريخ الاسترقاق في إفريقيا، والفظاعات التي تعرض لها السكان المحليين، داعياً لقراءة هذا التاريخ أولاً، حتى نبلغ التسامح الموصول بمعرفة ما حدث. وقدم الروائي وأستاذ الأدب الإنجليزي الحسن البكري -خلال الندوة- قراءات على روايات بركة ساكن، مستعيناً بنصوص من عدة روايات، بينها رواية «سماهاني» الأخيرة. كما شارك الروائي الإرتري حجي جابر -والمعروف في السودان على نحو واسع- بمداخلة، وصف فيها بركة ساكن بالكاتب الجريء، والحاد، والناقم، مؤكداً أنه الكاتب الملائم للتعبير عن هذه الحقبة من حياتنا. شارك في الندوة عدد من الكتاب القطريين، الذين أشادوا ببركة ساكن، وبإبداعه الكبير، منبهين إلى عدم معرفة العالم العربي بأسماء المبدعين السودانيين إلا في نطاق ضيق. كما شارك المسرحي السوداني الكبير محمد السني دفع الله -وأفراد فرقته- في تقديم مشاهد تمثيلية لشخوص روايات بركة ساكن، لاقت استحسان الجمهور.;
مشاركة :