اختتمت رحلة الهجن، التي ينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، أول من أمس، دورتها الرابعة، بوصولها لمحطتها الأخيرة، في القرية التراثية وسط القرية العالمية، قاطعة مسافة قياسية مقارنة بالدورات السابقة، قاربت الـ600 كيلومتر، بدأت بصحراء الربع الخالي ومرت بمختلف إمارات الدولة، وهي الرحلة التي شهدت وجود مشاركين من جنسيات عربية وأجنبية على مدار 11 يوماً، ظلوا فيها ضيوفاً على البادية الإماراتية. العود والتمر والقهوة في مشهد يبدو أنه تكرر كثيراً أثناء رحلة الهجن، قدم عبدالله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي للمركز، عرضاً تفصيلياً، لضيفه السفير الأرجنتيني دي مورتيني، حول «آلية» استخدامه لعطر العود المحلي، وكيف يجعله يتخلل «الكندورة» وفق التقليد الإماراتي. وقدم بن دلموك لضيفه القهوة والتمر المحلي، فيما بدا أن دي مورتيني أصبح قادراً على مناداة رفاقه في الرحلة بأسمائهم وفق نطق صحيح للحرف العربي. وفق التقاليد المحلية وقف السفير الأرجنتيني دي مورتيني دقائق منبهراً يتأمل مشهد نهاية رحلة الهجن، ووضع الزعفران على أجساد النوق المتعبة من عناء الرحلة وفق التقاليد المحلية. • 64 كيلومتراً قطعها المشاركون في يوم واحد. • 600 كيلومتر في 11 يوماً وسط حفاوة وترحاب أهل البادية. الرقم القياسي الجديد بالنسبة للرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث عبدالله حمدان بن دلموك، الذي قاد رحلة الهجن، لا يرتبط بطول المسافة فقط، بل يعود أيضاً إلى قطع ما يداني 64 كيلومتراً في يوم واحد، وهي المسافة التي اعتبرها بعيدة عن متناول أي ركب في الحقبة الحالية، لاسيما في ظل وجود سيدات ومشاركين حديثي عهد بامتطاء الإبل بالأساس. لكن الظاهرة الأكثر جدارة بالإشارة إليها، حسب بن دلموك، هي الكرم الفطري لسكان أهل البادية، والمناطق المتماسة معها، مضيفاً: «غُمرنا بكرم أهل البادية الإماراتية وحسن وفادتهم، وهي قيمة أصيلة في النسق القيمي الموروث لهم، ترسخت أيضاً في كل من اختلط بهم، لدرجة أننا كنا نتحاشى المرور بمحاذاة المدن القريبة من الصحراء، حتى لا نضطر إلى تأخير المسير، بسبب كرم الأهالي وسكان تلك المناطق المختلفة». وتابع «كانت النسخة الأطول في رحلة الهجن التي ننظمها سنوياً والأكثر تحدياً، فيها اجتزنا مصاعب جمة وزدنا ساعات الترحال على ظهر الجمال في طرق محفوفة بالمخاطر، إلا أننا تمكنا بفضل الله من السير وفقاً لخريطة الرحلة التي تم إعدادها بعد الخروج في رحلات استطلاعية مسبقة لتقصي الطريق الذي سنسلكه، واضعين في الاعتبار أنها تجربة من الماضي، وعلينا تكبد الصعاب لنعيد إحياء ثقافة تفيد المشاركين في هذه الرحلة». أحد ضيوف الرحلة الذي انضم إليها في أيامها الأربعة الأخيرة السفير الأرجنتيني لدى الدولة فيرناندو دي مورتيني، الذي قال «خضت هذه التجربة للمرة الأولى في حياتي، وجسدت معتقدات لطالما كنت أؤمن بها ألا وهي التقارب الإنساني والثقافي بين الشعبين الأرجنتيني والإماراتي». بينما قالت المشاركة البريطانية نيكولا ماثير: «لم أتوقع أن تكون الرحلة بهذه الصعوبة، فقد كانت رحلة شاقة وشيقة في الوقت ذاته». وأضافت «كانت تجربة مختلفة للغاية، فمعظمنا كان يشعر بافتقاد حياة المدنية والروتين اليومي الذي نعيشه. لم أتوقع أن لدي كل هذه الطاقة والمقدرة على الترحال على ظهر الجمال يومياً. بالنسبة لي الرحلة تعتبر انجازاً لم أتوقع تحقيقه». ولم تغب المشاركة الفرنسية آن لوري عن الدورات الثلاث الأخيرة لرحلة الهجن، لكنها مع ذلك ترى أن «التجربة الأخيرة كانت مختلفة تماماً. كنا بمحاذاة الحدود السعودية ومن ثم العمانية، تعرفنا إلى معلومات جديدة عن تاريخ الدولة التي نقطن فيها. رحلة ممتعة وأتمنى الانضمام إليها مجدداً». المشارك الماليزي محمد الفنصوري، قال «أنا سعيد لأنني تعلمت دروساً كثيرة من هذه التجربة. قطعنا مسافات شاسعة واستمتعنا بروعة الشروق والمغيب، وابتعدنا عن صخب المدينة». بينما رأى المشارك السوري عبدالله مالك، طالب الطب، في الرحلة «تجربة استثنائية، عاش عبرها العديد من المعاني الإيجابية كالصبر والقدرة على التحمل وغيرها، فضلاً عن اكتساب صداقات جدية، والتعرف إلى ثقافات متباينة». أما العُماني أحمد الكلبان جوهرية، وهو الذي كان بمثابة الخبير في التدريب على امتطاء الإبل، فقال «الرحلة بمثابة تجربة تعلمت منها وأضافت لي الكثير، فكل فرد من أفراد القافلة كان بمثابة مفتاح ومؤشر لثقافة عالمية أو عربية، ما كنت لأختبرها بهذا العمق».
مشاركة :