تعطل إنتاج الفوسفات في تونس بسبب احتجاجات الحوض المنجميتسببت احتجاجات جنوب تونس في إيقاف إنتاج الفوسفات، وهو أبرز دعائم الاقتصاد الوطني الذي يشهد أزمة ما انفكت تتنامى منذ إسقاط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، بسبب عجز الدولة عن التصدي للاحتجاجات المتواترة.العرب [نُشر في 2018/01/29، العدد: 10884، ص(4)]سياسة الأمر الواقع تونس - صعد المعتصمون في محافظة قفصة من تحركاتهم الاحتجاجية التي تسببت في تعطل إنتاج الفوسفات بصفة كلية بمدن الحوض المنجمي. وقال مصدر إعلامي في قفصة جنوب تونس إن عمليات الإنتاج توقفت في المدن الأربع بالحوض المنجمي: أم العرائس والمظيلة والرديف والمتلوي. وأضاف المصدر أن أكثر من مئة من بين العاطلين ينفذون اعتصاما في الجهة منذ الأسبوع الماضي احتجاجا على نتائج توظيف بشركة فوسفات قفصة، أكبر الشركات الوطنية المشغلة في المحافظة. ويقول المحتجون إن عملية التوظيف التي شملت 1700 عامل، وأُعلن عنها منذ أسبوع، شابتها محسوبية، وهو ما تنفيه السلطات المحلية. ويطالب المحتجون بمراجعة نتائج اختبار التوظيف في الشركة بالإضافة إلى مطالبتهم بتوضيح نصيب كل منطقة من نتائج الاختبار الأخير. ويقول هؤلاء إن المقاييس التي تم اعتمادها لانتداب موظفين جدد في شركة فوسفات قفصة لم تكن مطابقة للقانون، إذ تخللتها تجاوزات عديدة. والثلاثاء الماضي أقدم أحد المحتجين على محاولة الانتحار حرقا، قبل أن ينجح رفاقه في إخماد النيران ويحولون دون انتشارها في جسده. وانضم إلى المعتصمين الأحد عاطلون عن العمل للمطالبة بفرص تشغيل. وأغلقت السبت مجموعة من النساء المعتصمات أمام إدارة الصيانة للشركة والعتاد، الطريق الوطنية الرابطة بين مدينتي المتلوي وقفصة مطالبات بتشغيل أبنائهن. وعمدت مساء الجمعة مجموعة من الشبان المحتجين إلى غلق الطريق الرئيسي بالمدينة وحرق العجلات المطاطية مع مواصلة اعتصامهم في أكثر من منطقة. وقالت وسائل إعلام محلية، السبت، إن 4 شبان مضربين عن الطعام بمدينة أم العرائس رفضوا تلقي العلاج بعد أن تم نقلهم عبر سيارات الإسعاف إلى المستشفى المحلي بالمدينة، لافتة إلى أنهم عادوا إلى مكان الاعتصام أمام المغسلة.مراقـبــون ينتــقدون سكــوت السلطات التونسية عن التحركات الاحتجاجية اللامسؤولة التي من شأنها تعزيز الانفلات الأمني وبحسب ذات المصادر فقد تدهورت الحالة الصحية للشبان الــ4 بمدينة أم العرائس والذين قاموا في ما بعد بخياطة أفواههم ورفضوا وقف الإضراب. ويقول مراقبون إن ردة الفعل التي قام بها المحتجون، تعكس تعويلهم المطلق على الدولة في توفير فرص العمل. وينتقد هؤلاء سكوت السلطات عن مثل هذه التحركات اللامسؤولة التي من شأنها تعزيز الانفلات الأمني وإضعاف هيبة الدولة. ومنذ بدء الاحتجاجات ضد نتائج اختبار التوظيف في شركة فوسفات قفصة، تم نشر قوات الجيش في البعض من مدن الحوض المنجمي لحماية المؤسسات الحيوية في الجهة. وكانت قوات الأمن قد اعتقلت في وقت سابق البعض من الشباب المشاركين في التحركات الاحتجاجية، قبل أن تطلق سراحهم بداية الأسبوع الماضي. ويعمق إيقاف الإنتاج الأزمة الاقتصادية العاصفة بالبلاد. ويشهد إنتاج الفوسفات في تونس تعثرا منذ إسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بسبب الاحتجاجات. وفقدت تونس إيرادات بنحو ملياري دولار في السنوات الماضية بسبب تراجع صادراتها من الفوسفات نتيجة الاحتجاجات المتكررة في الجنوب. ولم يتمكن قطاع إنتاج مادة الفوسفات من استرجاع مستويات الإنتاج التي كان عليها سنة 2010، وواصل تعثره مسجلا خسائر قياسية على مستوى المداخيل من العملة الصعبة وضياع الكثير من الأسواق التقليدية التي كانت مرتبة بعقود طويلة المدى مع شركة فوسفات قفصة التي تمثل الحكومة في مفاوضاتها مع الموردين. وكانت أرقام لوزارة الطاقة التونسية قد أظهرت في مايو الماضي ارتفاع إنتاج الفوسفات في تونس بنحو 46 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2017، مع انحسار الاحتجاجات بمدن الحوض المنجمي التي سرعان ما عادت إلى الواجهة. وأعلنت الحكومة حينئذ أنها تسعى لمضاعفة الإنتاج من الفوسفات إلى 6.5 مليون طن في ظل تراجع وتيرة الاحتجاجات وارتفاع الإنتاج إلى أعلى مستوياته الشهرية منذ 2010. وقال مراقبون إن ذلك يتطلب عودة العمل في جميع أماكن الإنتاج بمنطقة الحوض المنجمي جنوب غربي البلاد، وعدم عودة الاحتجاجات التي أدت إلى توقف نشاط بعض الأماكن خلال السنوات الماضية. وتتعرض تونس لضغوط من المقرضين لتقليص عجز الموازنة وخفض الإنفاق العام، وهو ما استجابت له من خلال قانون المالية لسنة 2018. وتأتي الاحتجاجات في أعقاب احتجاجات أخرى عنيفة، في وقت سابق من الشهر الجاري، اجتاحت عدة مدن في البلاد خاصة أثناء الليل ضد قانون المالية وارتفاع الأسعار، وانتهت بتوقيف أكثر من 800 شخص. ويبلغ معدل البطالة في تونس بشكل عام 15.6 بالمئة، أما النسبة في صفوف الشباب فتبلغ 30 بالمئة. ويقدر عدد العاطلين عن العمل في البلاد بحوالي 650 ألف شخص، من بينهم نحو 250 ألفا من خريجي الجامعات.
مشاركة :