أظهرت دراسة نشرت أمس الأول، أن العام الحالي سيشهد إرساء عقود بنحو 180 مليار دولار لمشروعات إنشاء جديدة في دول الخليج، وهي الأكبر في ست سنوات على الرغم من تراجع أسعار النفط. وتشهد أسعار خام برنت موجهة هبوط في الفترة الحالية نظراً لوفرة المعروض وتوقعات بضعف الاقتصاد العالمي. ونقلت وكالة رويترز عن مصادر ومحللين في قطاع الإنشاء أنه إذا استمرت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية لفترة طويلة - ربما لعام أو نحو ذلك - فإن إيرادات دول الخليج النفطية ستتراجع وربما تصبح الحكومات أقل استعدادا للإنفاق وتقرر تقليص المشروعات. وأضافوا أنه على الرغم من ذلك، لا توجد أي دلالة واضحة حتى الآن على خفض يلوح في الأفق في إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي الست. وقال إدوارد جيمس مدير التحليل لدى ميد بروجكتس؛ وهي شركة إلكترونية لرصد المشروعات وأجرت الدراسة: "سوف نتجاوز هذا العام أرقام 2013 بإرساء عقود بقيمة 180 مليار دولار"، مشيرا إلى أن "هذا مدعوم بمشروعات كبيرة أرست عقودها هذا العام قطر والإمارات والكويت". وفي العام الماضي أرسيت عقود لمشروعات بقيمة 156 مليار دولار في دول مجلس التعاون معظمها من الحكومات وشركات تدعمها الدولة مع تعافي معظم دول الخليج بقوة من الأزمة المالية العالمية وإنفاقها على مشروعات كبيرة في البنية التحتية لتنويع اقتصاداتها وتقليص اعتمادها على النفط، بينما بلغت تلك العقود في ذروة الازدهار في المنطقة في 2008 نحو 200 مليار دولار. وهناك مخاوف في قطاع الإنشاء، من أن يستمر هبوط أسعار النفط لفترة طويلة لأقل من المستويات التي تحتاج إليها الحكومات لتوازن الميزانيات، لكن ذلك لن يسبب كارثة للحكومات حيث إن لديها احتياطيات مالية كبيرة تغطي إنفاقها الضخم لعدة سنوات، إضافة إلى أن الاقتصادات الخليجية الكبيرة لديها مستويات منخفضة من الديون وتستطيع بسهولة الاقتراض من الأسواق، لكن مواجهة عجز في الميزانية ربما تجعل الحكومات أكثر حذرا في الإنفاق. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن مستويات أسعار النفط التي تحتاج إليها السعودية لتوازن ميزانيتها في 2015 تبلغ 90.70 دولار للبرميل بالنسبة للسعودية و73.30 دولار للإمارات و53.30 دولار للكويت و77.60 دولار لقطر. وقال ريجارد أبو ياكو مدير عمليات هيل إنترناشونال لاستشارات البناء في قطر: "أعتقد أن من المرجح إلى حد بعيد أن تؤجل السعودية والإمارات مشروعات أو تجمد بعضها إذا استمر تراجع أسعار النفط". وذكرت "ميد"، أنه من المتوقع أن تقلص السعودية أكبر سوق في المنطقة إرساء العقود بشكل كبير هذا العام، حيث من المتوقع إرساء عقود بنحو 40 مليار دولار في المملكة انخفاضا من 66 مليار دولار في 2013، ويبدو أن ذلك يأتي في إطار اتجاه لاتخاذ إجراءات تحوطية بخصوص المالية العامة للدولة بدأ قبل أن تبدأ أسعار النفط في الهبوط بوقت طويل. وأوضح جيمس مدير التحليل لدى "ميد بروجكتس"، قائلاً: "كان أداء السعودية هذا العام مفاجئاً .. كنا نتوقع عقودا أكثر بكثير .. لاحظنا تراجعا في المناقصات وإرساء عقود المشروعات"، مستدركاً بالقول: "لا نعرف ما إذا كان ذلك يرتبط بأسعار النفط أو لا". وألقت بعض شركات البناء في المملكة باللوم في تأخر مشروعات على البيروقراطية الحكومية وصعوبة الحصول على الأراضي، إضافة إلى إصلاحات في سوق العمل تهدف إلى خفض اعتماد المملكة على العمال الأجانب. وغادر نحو مليون عامل أجنبي السعودية، العام الماضي، خلال حملة على المقيمين بشكل غير قانوني، وواجهت شركات الإنشاء في بعض الأحيان صعوبات في جمع عدد كاف من العمال.
مشاركة :