ألزمت محكمة الاستئناف إحدى الشركات بتعويض أحد المواطنين، بصفتها مسؤولة عن التابعين لها في العمل، رغم انتهاء التحقيقات إلى عدم تحديد صفة هذا الموظف، واعتباره مجهولا، وحكمت لمصلحة مواطن بالتعويض بقيمة 2000 دينار، بعدما تسبب الموظف المجهول في تزوير بيانات للمواطن. قالت «الاستئناف»، في حيثيات حكمها الذي أصدرته برئاسة المستشار د. محمد هشام عبدالله، وعضوية المستشارين سعيد مصطفى وجمال كسبه، في القضية التي اقامها مواطن عبر المحامي عيد العنزي، إن الشركة مسؤولة عن أعمال تابعيها، وهو شخص مجهول قام بارتكاب التزوير في الاشتراك لخط الهاتف المنسوب للمواطن رافع الدعوى، وبالتالي تكون الشركة مسؤولة عن تعويضه عن الأضرار المادية الأدبية التي لحقت به، ويستوجب إلغاء الحكم الصادر من «أول درجة» برفض الدعوى والقضاء مجددا بطلباته. خطأ تقصيري واضافت «الاستئناف» انه «عملا بمقتضى النص في المادة 240 من القانون المدني ان المتبوع يكون مسؤولا عن الخطأ التقصيري الذي يرتكبه تابعه متى كان واقعا منه اثناء وبسبب عمله، وكان قوام هذه المسؤولية يقوم على اساس خطأ مفترض سببه تقصير المتبوع في الاشراف على تابعه، وخطأه في اختياره، ويكفي لانعقاد مسؤولية المتبوع ان يثبت ان الخطأ وقع من تابعه اثناء او بسبب عمله لديه، وتقدير ثبوت ذلك او نفيه منوط بمحكمة الموضوع بما لها من سلطة في فهم واقع الدعوى وتقدير الادلة فيها». وتابعت: «وكان الثابت من الأوراق أخذا بما أورده الحكم الجزائي الصادر في القضية أن مجهولا يعمل لدى الشركة المستأنف ضدها قد ارتكب وآخر، صدر حكم ببراءته في هذه القضية، تزويرا في عقد نسب فيه للمستأنف على غير الحقيقة أنه قد اشترك لدى هذه الشركة وأصبح عميلا لديها، وممن يستغلون خطوطها الهاتفية، وهو ما يعد خطأ مفترضا بحسب الأصل الذي لم تستطع هذه الشركة أن تفنده بتقديم الدليل على خروج هذا المجهول من سلطان إرادتها وهيمنتها، ومن ثم فإنها تكون مسؤولة عن تعويض المستأنف بما يجبر ما أصابه من أضرار». ثبوت الخطأ وأشارت «الاستئناف» الى أنه «لا يغير من هذا النظر ان يكون ذلك المتبوع مجهولا طالما ان المحكمة استخلصت ومن مصدر اطمأنت اليه بالأوراق أنه يعمل لدى هذه الشركة، وان خطأه وقع اثناء وبسبب هذا العمل، حيث انه ولما كان مناط استحقاق التعويض لا يتمثل في ثبوت الخطأ فحسب وانما ينبغي ان يترتب على ذلك الخطأ ضرر يثبته مدعيه، وكان مدعي الضرر في النزاع الراهن لم يستطع أن يقدم الدليل على أنه قد أصيب بضرر مادي تمثل في فوات كسب او الحاق خسارة». واردفت: «ومن ثم فإن المحكمة ترفض هذا الشق من التعويض، أما ما يتعلق بالضرر المعنوي فإن مناط ثبوته لا يرتكن فيه الى دليل مادي باعتبار انه يوجد للشعور، فكل ما تتأذى منه المشاعر والأحاسيس يصلح لان يكون ضررا معنويا، ولا ريب في ان الخطأ المشار اليه آنفا قد رتب هذا الضرر للمذكور حين وجد نفسه في موضوع المقصر في التزاماته، وممن لا يوفون بالعقود، وهو ما يستوجب تعويضه». وذكرت: «وتقدر المحكمة ذلك التعويض باعتبار ان ذلك التقدير منوط بها لعدم وجود نص ملزم في هذا الخصوص بمبلغ الفي دينار، وترى ان ذلك المبلغ كان لجبر هذا الضرر، ولا غلو فيه ولا تقتير، وتشير في ختام قضائها الى انها لم تر حاجة لجعل قضائها بالتعويض مؤقتاً بعدما ارتأت ان الاضرار المدعى بها قد استقرت امامها».
مشاركة :