هل تفك الأسواق الناشئة ارتباطها بعالم الأغنياء؟

  • 1/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فاينانشل تايمز كان عام 2017 جيداً على اقتصادات الأسواق الناشئة بفضل مجموعة من الأسباب لعل أبرزها رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة أكثر من مرة، وضغوط الحد من إنتاج النفط التي دفعت الأسعار صعوداً، وتهديدات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بشن الحروب التجارية في جميع الاتجاهات.وحققت اقتصادات الأسواق الناشئة عموماً، معدلات نمو قوية، وكان التضخم تحت السيطرة إلى حد ما، حتى إن مواطن الخلل في بعض تلك الاقتصادات تمت معالجتها فتراجع تأثيرها السلبي في البلدان الهشّة التي لديها عجز كبير في الحساب الجاري. وحققت أسهم الأسواق الناشئة، بعد تقلبها لسنوات، ارتفاعاً مستمراً.إلا أن آفاق عام 2018 لا تخضع للتعميم الأعمى بحيث يشمل الحكم الإيجابي جميع الأسواق. فالعالم الذي تعتبر فيه الأسهم والسندات أصولاً ذات مخاطر عامة، لا يخدم البلدان المعنية، ولا المستثمرين في نهاية المطاف. لكن بما أن هزات عام 2013 التي نتجت عن تخفيف برنامج التيسير الكمي الأمريكي، وموجة بيع الأصول مطلع عام 2016 لم تتكرر خلال العام الماضي، فهذا يعتبر تطوراً إيجابياً.فالسلطات النقدية في الأسواق الناشئة، على سبيل المثال، لا تخضع لدورة متزامنة في جميع تلك الاقتصادات. وقد خفضت بعض البنوك المركزية في أمريكا اللاتينية أسعار الفائدة استجابة لضغوط التضخم. وهناك بلدان أخرى في أوروبا الوسطى والشرقية وشرق آسيا، لا تزال تشدد في سياستها ما يوحي بأن الاعتبارات المحلية المتباينة أكثر أهمية في الوقت الراهن من الظروف الخارجية المشتركة.ولوحظ تراجع وتيرة «رقص» البنوك المركزية في الأسواق الناشئة على «أنغام» سياسات البنوك في الدول الغنية. وكثيراً ما تسببت دورة رفع معدلات الفائدة الأمريكية مثلا، بمشاكل للأسواق الناشئة ذات القروض الكبيرة بالدولار، سواء كانت ديوناً حكومية أو للقطاع الخاص، خاصة إذا كانت عملاتها ترتفع بشكل عام مع ارتفاع قيمة الدولار.ويبدو هذه المرة أن الوتيرة البطيئة والمعلن عنها مسبقاً للزيادات في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة قد تم استيعابها حتى من قبل الاقتصادات التي تعاني عجزاً كبيراً في الحساب الجاري بسهولة نسبية. يضاف إلى ذلك أنه على الرغم من أن الدولار حلق عالياً نهاية عام 2016 بدفع من موجة «تداولات ترامب» لكنه تخلى عن مكاسبه تلك، الأمر الذي حد من مشاكل القدرة التنافسية للأسواق الناشئة. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل، إلا أن معدلات العائد على سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل قد تراجعت بسبب توقعات النمو البطيء، وانخفاض التضخم.وفي حال كان القلق بشأن أسعار التضخم وأسعار السندات في الولايات المتحدة مبرراً، وطرأ ارتفاع مفاجئ في أسعار العائد، فإن أنماط التأثير التقليدية يمكن أن تعيد تأكيد نفسها بسرعة كبيرة. لكن الاقتصادات الهشة ضمن مجموعة الأسواق الناشئة قل عددها. وحتى البلدان «الهشة الخمسة» وهي الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وتركيا وإندونيسيا، التي سميت كذلك لاعتمادها على التمويل الخارجي، خفضت عجزها في الحساب الجاري.وتشمل الصدمات المحتملة الأخرى حرب ترامب التجارية إن حدثت، وتباطؤاً حاداً في اقتصاد الصين. وفي الوقت الذي اتسم خطاب الرئيس الأمريكي بشأن العجز في ميزان بلاده التجاري مع بعض الدول بالتهويل، فقد لا يتعدى أي إجراءات تلجأ إليها الحكومة الأمريكية حدود استهداف سلعة ما من بلد محدد مثل الصلب والألومنيوم من الصين. أما بالنسبة للاقتصاد الصيني، فإن مستويات الديون لا تزال مرتفعة، ولا تزال فرصة التراجع بمعدل ثابت قائمة، ولكن النمو في الوقت الراهن لا يزال قوياً ومعدلات التضخم الفعلي تحت السيطرة، وهذا يعني أن البنك المركزي الصيني يملك حيزاً للمناورة إذا تدهورت الظروف.صحيح أن فرص الأسواق الناشئة لا يمكن أن تنفصل تماماً عن التبعية لاقتصادات البلدان الغنية ومسار السياسات فيها، غير أن مصير معظم الاقتصادات الكبيرة ذات الدخل المتوسط ضمن هذه المجموعة، هي في الوقت الحاضر في أيدي أصحابها إلى حد كبير.

مشاركة :