الخلاف بين ميشال عون ونبيه بري بدّد لحظة الوحدة الوطنية النادرة التي أنقذت لبنان من الصراع خلال الأزمة التي نجمت عن استقالة الحريري المفاجئة في نوفمبر الماضي.العرب [نُشر في 2018/01/30]محاولة لاحتواء الموقف بيروت - أثار عداء قديم بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري أزمة سياسية تهدد بإصابة الحكومة بالشلل وإشعال التوتر الطائفي مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو المقبل. ويعكس النزاع بين عون وهو مسيحي وبري وهو من الشيعة عداء شخصيا تعود جذوره إلى الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 كما أنه يمس توازن القوى بين الطوائف في النظام السياسي اللبناني. وقد وصل التوتر إلى نقطة الغليان الاثنين عندما وصف وزير الخارجية جبران باسيل، وهو صهر عون، بري بأنه "بلطجي" في شريط فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين عشية وضحاها. ورد أنصار بري الغاضبون قائلين إن باسيل تجاوز كل "الخطوط الحمراء" واحتج مؤيدو حركة أمل بإشعال إطارات سيارات في بيروت. وقالت مصادر أمنية إنه سُمع دوي إطلاق نار لدى تجمع أنصار بري للاحتجاج قرب مكاتب التيار الوطني الحر الذي أسسه عون قرب منطقة جديدة المسيحية بشرق بيروت مما أدى إلى انتشار جنود في المنطقة للحيلولة دون وقوع اضطرابات أخرى. وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن الحادث. ودعا رئيس الوزراء سعد الحريري إلى الهدوء. وتفاقمت الأزمة منذ ديسمبر الماضي عندما وقع عون مرسوما يقضي بترقية العشرات من ضباط الجيش دون توقيع وزير المالية الشيعي علي حسن خليل وهو عضو في حركة أمل التي يتزعمها بري ومن أقرب معاونيه. وقال بري إن عون تجاوز سلطاته على حساب الطوائف الأخرى بقيامه بترقية الضباط. وبدد الخلاف لحظة الوحدة الوطنية النادرة التي أنقذت لبنان من الصراع خلال الأزمة التي نجمت عن استقالة الحريري المفاجئة في نوفمبر تشرين الثاني الماضي. وأعرب باسيل عن أسفه في تصريحات نقلتها جريدة الأخبار اليوم الاثنين. لكن هذا الاعتذار لم ينزع فتيل التوتر الذي هز أيضا تحالف عون مع حزب الله الشيعي المدعوم من إيران الذي تربطه مع بري علاقات أعمق. وكان عون وبري وكلاهما في الثمانينات من عمره على طرفي نقيض خلال الحرب الأهلية. وانتهت الحرب في عام 1990 عندما أجبر الجيش السوري عون الذي كان يترأس إحدى الحكومتين المتنافستين على مغادرة القصر الرئاسي إلى المنفى. خرج بري من الحرب الأهلية كأحد أقوى الشخصيات في لبنان. وعاد عون إلى البلاد في عام 2005 عقب انتهاء فترة الهيمنة السورية بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري والذي أدى إلى ضغط دولي على دمشق لسحب قواتها من لبنان. وبدعم من تحالفه مع حزب الله حقق عون أخيرا طموحه منذ فترة طويلة بأن يصبح رئيسا للبلاد في عام 2016 في صفقة أدت إلى تولي سعد الحريري منصب رئيس الوزراء. وكان بري ونواب حركة أمل من بين قلة لم تؤيد ترشيح عون. وتعاون عون وبري يشكل وثيق للمساعدة في حل الأزمة الناجمة عن استقالة الحريري غير المتوقعة في نوفمبر. وقال الحريري وهو من كبار الساسة اللبنانيين السنة إنه يعمل على "مبادرة" لإنهاء المواجهة بين عون وبري. وقال في ختام لقاء مع عون في قصر الرئاسة "إن شاء الله تتجه الأمور إلى التهدئة والايجابية، فالبلد ليس بحاجة لا إلى تصعيد ولا إلى تأزيم." ورفض حزب الله ما وصفه بأي إهانة لبري. وقال في بيان إن هذه اللغة تأخذ البلاد صوب أخطار هي في غنى عنها. واتهم التيار الوطني الحر أعضاء حركة أمل بمهاجمة مكتبه في شرق بيروت وقال إنهم قذفوه بالحجارة وأحرقوا إطارات سيارات وفتحوا النار مما اضطر الحراس للدفاع عن أنفسهم. ونفت حركة أمل ذلك. ويأمل الحريري في الحصول على دعم دولي لقوات الأمن اللبنانية في مؤتمر يعقد في روما في فبراير شباط المقبل كما يأمل في الحصول على مليارات الدولارات في شكل استثمارات في اقتصاد لبنان المتعثر في مؤتمر يعقد في باريس أواخر مارس آذار أو مطلع ابريل نيسان. ويقول محللون إن الخلاف بين عون بري قد يستمر حتى الانتخابات البرلمانية وهي الأولى التي يجريها لبنان منذ العام 2009.
مشاركة :