قام باحثون بتمويل من قطاع صناعة السيارات بإجراء اختبارات عوادم الديزل على قردة وأيضا على بشر. وبالرغم من محاولات هذه الشركات النأي بنفسها عن هذه التجارب، إلا أن ذلك لم يخفض من حدة الانتقادات التي تعرضت لها. ما حصل في الأيام الماضية لن يساعد بالتأكيد في تحسين صورة بعض شركات السيارات الألمانية التي تضررت سمعتها سابقا بسبب فضيحة التلاعب في عوادم الديزل، فقد تداولت وسائل إعلام مختلفة أنباء عن تكديس القردة في غرف صغيرة لاختبار عوادم السيارات. وظل القردة يستنشقون الغازات المنبعثة عن سيارة VW-Beatles طوال أربع ساعات، ومن أجل تهدئتهم تُعرض عليهم مشاهد أفلام كرتونية على شاشة تلفزة . هذه التجارب كانت جزءا من دراسة هدفها البرهنة على أن آثار المواد الضارة في الديزل قد تراجعت لدى السيارات الجديدة. ويتعلق الأمر هنا بالتحديد بثاني أوكسيد النيتروجين، وهي المادة التي تم التلاعب بمقاييسها من طرف شركة فولكسفاغن طوال سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ رسميا على المقاييس القانونية الخاصة بسيارات الديزل. تجارب على بشر وإلى جانب التجارب على قردة يتم الحديث الآن أيضا عن تجارب أجريت على بشر بالمستشفى الجامعي لمدينة آخن. ووقفا لبعض التقارير فقد تم عرض 25 شخصا طوال ثلاث ساعات على انبعاثات ثاني أوكسيد النيتروجين. وكان التركيز هنا على قدرة التحمل في مكان العمل، بخلاف التجارب على القردة. إلا أن شركات صناعة السيارات بدورها انتقدت هذه على التجارب التي مولتها على الأقل بصفة غير مباشرة. وفي هذا السياق قالت شركة فولكسفاغن "كان من الأفضل التخلي منذ البداية عن هذا النوع من التجارب"، وأضافت "نحن نشجب بقوة هذه التجارب"، نفس الموقف تبنته أيضا شركة دايملر. وتواجه الشركات صعوبات في تبرير موقفها، لأن التفويض لخوض التجارب جاء من اتحاد البحوث الأوروبي للبيئة والصحة في مجال النقل. هلموت غرايم يحصل على أكبر استحقاق ألماني من وزيرة البيئة الألأمانية فقد أنشأت الشركات العملاقة الأربع لإنتاج السيارات في ألمانيا: بي إم دبليو ودايملر وفولكسفاغن وبوش اتحاد البحوث الأوروبي للبيئة والصحة في مجال النقل في 2007. وذلك بهدف فحص تأثير حركة السير على البشر والبيئة، كما يظهر في بيان صحفي من عام 2008. كوادر بشرية قيادية مثيرة للجدل كريستينا ديكفيرت من نادي مراقبة اللوبي في كولونيا قالت إن "اتحاد البحوث الأوروبي للبيئة والصحة في مجال النقل أثار انتباهنا في 2017". حينها كان يتعلق الأمر بلجنة التحقيق عقب فضيحة الانبعاثات السامة التي كان في عضويتها هلموت غرايم من الجامعة التقنية بميونيخ كخبير. وحذرت مراقبة اللوبي من تضارب المصالح، وقالت بهذا الخصوص "رئيس منظمة لوبي من أجل الديزل لا يمكن أن يصدر تقييما موضوعيا عن الأثر السلبي للديزل". ويُعتبر هلموت غرايم شخصا مثيرا للجدل رغم أنه يحمل عدة أوسمة. هذا الخبير في السموم كان يجلس في عدة لجان كخبير ويصدر تقييمه لمخاطر صحية من المواد الضارة للصناعة. وظهر مؤخرا كخبير مستقل في قضية مادة "غلوفوزات" التي تستخدم كمبيد للأعشاب الطفيلية. وقد أوضح غرايم أن هذه المادة "غير مسببة للسرطان". حقيقة مريرة أخرى تتمثل في أن غرايم حصل في إطار دراسة حول "غلوفوزات" على أموال من منتج المبيدات Monsanto، كما بينت تحريات من برنامج مونيتور للتلفزة الألمانية. وفي 2015 حصل غرايم من وزيرة البيئة الألمانية على صليب الاستحقاق الكبير بنجمة تنويها لالتزامه الطويل في مجال بحوث السموم والبيئة، كما يُذكر على موقع الجامعة التقنية بميونيخ. كريستينا ديكفيرت دراسات بالتفويض كأداة دعائية وردا على سؤال من DW نفى غرايم الاتهام بممارسة العمل الدعائي. وقال "اتحاد البحوث الأوروبي للبيئة والصحة في مجال النقل كان مؤسسة ممولة من قطاع صناعة السيارات، إلا أن المجلس العلمي كان يعمل بصفة مستقلة، ورفضنا أي ممارسة للتأثير من قبل رئاسة اتحاد البحوث الأوروبي للبيئة والصحة في مجال النقل". فيما تفيد كريستينا ديكفيرت أن هناك محاولات لتحسين سمعة الديزل من خلال تأثير الشركات على نتائج أعمال منظمات علمية ودراسات. فصناعة النفط في الولايات المتحدة الأمريكية تصدر عبر منظمات دراسات حول تحمل البيئة لثاني أوكسيد الكاربون. فهذه الدراسات تمثل بالنسبة لمراقبين أداة تقليدية للدعاية. وتقول ديكفيرت:" التقليل من شأن الأضرار الصحية، هذا يذكرني كثيرا بأساليب صناعة التبغ. فبهذا تريد الشركات تقنين تنظيم السوق لتسويق المنتجات بشكل أفضل". ويعلن خبراء أن مصداقية صناعة السيارات تأثرت في السابق بسبب فضيحة الانبعاثات السامة وهي الآن تواجه فضيحة إجراء بحوث على حيوانات من أجل تحسين بيع منتجاتها. نيكولاس مارتن/ م.أ.م
مشاركة :