نجح السوريون في توجيه صفعة دبلوماسية بليغة للروس ونظام الأسد برفضهم المشاركة في مؤتمر سوتشي الذي عقد أمس، بعد تأخير طويل، بحضور اقتصر على الموالين للنظام ولروسيا بعد أن رفضت فصائل المعارضة السورية الحضور وبعضها عاد من سوتشي احتجاجاً على خديعة اعدها المنظمون بالاحتفاء بعلم النظام وتجاهل علم الثورة السورية. ورفض بعض المشاركين المعارضين لنظام بشار الأسد مغادرة المطار لدى وصولهم قائلين إنهم شعروا بالإهانة لوجود علم النظام وشعاره. وفي قاعة المؤتمر تأخر افتتاح الجلسة الأولى لمدة ساعتين أيضاً إثر خلافات بين روسيا من جهة والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، والوفد التركي من جهة اخرى. وقاطع سوريون كلمة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وهتفوا منددين بالقصف الروسي لمناطق سورية. وفيما يمثل ما حدث صفعة لموسكو التي نصبت نفسها وسيطا في عملية السلام، قاطعت المؤتمر زعامة المعارضة السورية، كما تغيبت عنه قوى عالمية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بسبب ما تراه عزوفا من جانب النظام عن التواصل على النحو الملائم. وقال مراسلو «رويترز»: إن معظم المشاركين الذين تحدثوا إليهم جاءوا من دمشق ومن غير المعارضين لنظام الأسد. نقض الوعود وعلقت في مطار سوتشي وشوارعها لافتات مرحبة بالوافدين السوريين كتبت عليها عبارة «السلام للشعب السوري» باللغات العربية والروسية والانجليزية تحت شعار المؤتمر المؤلف من حمامة بيضاء اللون تحمل علم النظام. وقال مصدر في الفصائل لوكالة فرانس برس عبر الهاتف: «كنا قد تلقينا وعودا من روسيا بإزالة اللوغو (الشعار) الذي يتضمن علم النظام، او بإضافة علم الثورة إليه. حين وصلنا الى المطار فوجئنا أن شيئا لم يتحقق». وتعتمد المعارضة السورية علما مختلفا يعرف منذ بدء النزاع قبل سبع سنوات بـ«علم الثورة». وحين اعترض ممثلو الفصائل في المطار، وفق المصدر، «وافق الروس على إطفاء الإضاءة عن اللافتات الكبرى وتغيير بطاقات التعريف» التي وزعت على المشاركين في المؤتمر. وبقيت المشكلة «في اللافتات في قاعة المؤتمر»، بحسب المصدر الذي أوضح أن مفاوضات جرت مع الروس حول الموضوع. ويُعقد المؤتمر في سوتشي بموافقة كل من ايران، أبرز داعمي دمشق الى جانب روسيا، وتركيا التي انضمت أخيراً إلى موسكو وطهران وخففت من معارضتها لنظام الأسد. وأعلنت هيئة التفاوض السورية، أبرز الاطراف المعارضة، مقاطعة مؤتمر سوتشي. كما اعلنت عشرات الفصائل المعارضة رفضها المشاركة في المؤتمر. خلافات الجلسة وأوضحت مصادر أن أسباب تعليق الجلسة الافتتاحية لمؤتمر سوتشي، والتي جاءت بسبب الخلافات بين المبعوث الأممي، وروسيا وتركيا، حدثت بسبب لجان المؤتمر التي كان من المفترض أن تتشكل عبر المحادثات. وأفادت المصادر بأنها تتعلق بتشكيل لجنة الإصلاح الدستوري ورئاستها، حيث ان الموفد الأممي طالب بأن يترأس اللجنة، كما قدم مجموعة أسماء تم استبعادها من قبل الروس. من ناحيته، تمسك دي ميستورا بمطلبه أن تكون اللجنة ضمن الآلية التشاورية التي شكلها في شهر مايو العام الماضي. أما الخلاف الروسي التركي فيتمحور حول أن النظام أرسل معراج أورال لحضور المؤتمر، وهو قائد ما يسمى جبهة المقاومة الوطنية لتحرير «لواء اسكندرون». وطالب الأتراك بإخراجه من القاعة باعتباره مطلوبا للقضاء التركي ومصنفا ارهابيا. ويشارك معراج تحت اسم علي كيالي. كما أتى انسحاب الوفد التركي اعتراضا على طريقة التعامل مع وفد الفصائل المسلحة الذي كان أتى صباحا إلى مطار سوتشي، ومن ثم انسحب عائدا إلى تركيا. ووسط تلك الأجواء من التعثر، رشحت أنباء أولية تفيد بانسحاب المبعوث الأممي والوفد التركي. وكانت المعارضة السورية اتهمت في وقت سابق أمس الثلاثاء، روسيا بعدم الإيفاء بتعهداتها لتركيا والأمم المتحدة، رافضة تشكيل منصة جديدة باسم منصة سوتشي. لافروف يشكر إيران وتركيا وفي كلمة في المؤتمر زعم لافروف ان روسيا تبذل كل ما في وسعها لإحلال السلام في سوريا، منوها إلى أن الظروف اليوم باتت مهيأة لعملية السلام بفضل محادثات أستانا، وبمشاركة تركيا وإيران، فإن روسيا تعمل على إقامة مناطق آمنة في سوريا. وعبّر عن امتنانه لجهود إيران وتركيا. أدلة الكيماوي من جهة أخرى، أعلن دبلوماسيون وعلماء لوكالة «رويترز» أن اختبارات معملية ربطت للمرة الأولى بين مخزون نظام بشار الأسد من الأسلحة الكيماوية وأكبر هجوم بغاز الأعصاب السارين حصل في سوريا، مما يدعم الاتهامات الغربية بأن القوات التابعة للنظام كانت وراء الهجوم. وأجرت معامل تعمل لحساب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية مقارنة بين عينات أخذتها بعثة تابعة للأمم المتحدة في منطقة الغوطة في دمشق بعد الهجوم الذي وقع في 21 أغسطس عام 2013، وسقط فيه مئات القتلى من المدنيين من جراء التسمم بغاز السارين وبين الكيماويات التي سلمها نظام الأسد لتدميرها عام 2014.
مشاركة :