فاحشة قوم لوط في الشرق والمثلية الجنسية في الغرب

  • 10/19/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

Follow كتبت ذات يوم رأيي عن المثلية الجنسية ، فكان الرد من المغردة أزهار أنك لا تعرف شيئاً عن المثلية الجنسية ! ، مع أن الاختلاف فيما بيننا كان في الصياغة إلا أنه فعلاً : كل ما كنت أعرفه أن فاحشة قوم لوط ليس لها علاقة بالمثلية الجنسية ، واختصر الحديث مع الآخرين بالقول أن الممارسات الجنسية يجب توفر أربعة شهود ليكون هناك عقوبة ، وقد جلد عمر بن الخطاب الشهود الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة لما تردد الشاهد الرابع وقال أنه شاهد مجلساً سيئاً لكنه لم يشاهد الاتصال الجنسي ، فكل من لم يشاهد الاتصال الجنسي ولم يكن عدد الشهود 4 فما فوق ، يجب أن يجلد 80 جلدة عقوبة لقذفه الآخرين . كانت المغردة أزهار سبب في عدم الاكتفاء بالقراءات البسيطة عن المثلية بل يكون هناك المزيد من البحث والاطلاع ليتحول الأمر من مجرد ابداء الرأي إلى كتاب حول هذه القضية . نبدأ في تعريف فاحشة قوم لوط من خلال تتبع القصة بحسب ترتيب النزول ، وفي ترتيب النزول المرجع الباحث والمؤرخ الكبير ابن قرناس ، كان ترتيبه للسور التي وردت فيها قصة فاحشة قوم لوط كالتالي : ( 1- القمر 2- الصافات 3- الذاريات 4- النمل 5- الحجر 6- الأعراف 7- الشعراء 8- هود 9- العنكبوت ) وهنا مناقشة الآيات : 1 في أول آية ذكر قوم لوط كان الحديث عن تكذيبهم للوط ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ﴾ [ القمر ] وهو من أسباب استحقاقهم العذاب كغيرهم من الأقوام التي كذبت رسلها ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء : 160 – 161] ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ * وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ * إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ ﴾ [ ص : 12- 14 ] ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ﴾ [ق : 12 -14 ] ﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ * فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ﴾ [ الحج 42 – 45] وكانت السورة من السور المكية وكانت تحذير لقريش من تكذيب الرسول محمد ( ص ) . 2 أول ذكر لقصة قوم لوط في سورة القمر ، ذكرت تحرشهم محاولة اغتصاب ضيوف لوط (ع) : ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ﴾ [ القمر ] ﴿ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ .. وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ﴾ [ هود ] ﴿ وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ ﴾ [ الحجر ] فالهدف هو الفضيحة والخزي . 3 في ثالث سورة ذكر بها قصة قوم لوط تم وصفهم بالإجرام : ﴿ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾ [ الذاريات ] ونوع جرمهم عائد على قصة ﴿ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ ﴾ [ القمر ] وهو المتبادر للمتلقي ، وكانت العقوبة بسبب جرائمهم ﴿ قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ﴾ [الحجر] ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [ الأعراف] . 4 كان عملهم نتيجة اختيار ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ [[ أَتَأْتُونَ ]] الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [ النمل] والإتيان يتضمن معنى الذاهب للجريمة عن قصد وعن سبق إصرار ولا يمكن صرف المعنى للمثلية الجنسية التي هي ميول بلا اختيار . ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ [[ أَتَأْتُونَ ]] الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ [[ لَتَأْتُونَ ]] الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [ الأعراف ] ﴿ [[ أَتَأْتُونَ ]] الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [ الشعراء] ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ [[ لَتَأْتُونَ ]] الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ [[ لَتَأْتُونَ ]] الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ﴾ [ العنكبوت ] 5 الفاحشة كانت تحدث علانية ﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [ النمل ] أمام سمع وبصر القوم في ناديهم ﴿ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ ﴾ [ العنكبوت] ﴿ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود] فهي ممارسة علنية . 6 تم تحديد نوع الفاحشة التي يتم قصدها عن سبق إصرار بــ ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ [[ الرِّجَالَ ]] شَهْوَةً مِّن دُونِ [[ النِّسَاء ]] بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [ النمل ] والتحرش ومحاولة الاغتصاب كانت خاصة بالرجال وهم الذكور أصحاب المال والأعمال ومن يبحث عن المال ويطلب الرزق [ انظر مقال الجندر وتعريف الرجال ] ، ولم يكن التحرش والاغتصاب في الأطفال والفتيان ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [ الأعراف ] وتم ربط هؤلاء الرجال بقطع الطريق ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ ﴾ [ العنكبوت ] فالرجال هم من عابري السبيل ﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ [[ مِنَ الْعَالَمِينَ ]] ﴾ [ الشعراء ] وتم تحديد الذكور في كونهم من العالمين ، وهم عابري السبيل والغرباء خارج القرية وهم من تم نهي لوط عن حمايتهم ﴿ قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ [[ عَنِ الْعَالَمِينَ ]] ﴾ [ الحجر ] فهم الغرباء والزوار من خارج القرية فلم يكونوا يتحرشون أو يغتصبون أبناء القرية ، ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ [[ شَهْوَةً ]] مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ واقترن إتيان الرجال شهوة في الأعراف والنمل فالشهوة خاصة بالرجال ، وإتيانهم الأمر هو شهوة والشهوة كما ((في الحديث: إِنَّ أَخْوَفَ ما أَخافُ عليكم الرِّياءُ والشَّهْوةُ الخفيَّة وقيل: الرياءُ ما كان ظاهراً من العمل، والشهوةُ الخفِيَّة [[[ حُبُّ اطِّلاعِ الناسِ على العملِ.]]])) [ ابن منظور : لسان العرب ] ، فالشهوة والشهوات بهذا اللفظ في القرآني تعني الرغبة الداخلية بالمفاخرة أمام الناس بما يعملون ، انظر آية الشهوات ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْـمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْـخَيْلِ الْـمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْـحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [آل عمران: 14] فحب الشهوات مما زين للناس وتلك الأشياء ﴿ مَتَاعُ الْـحَيَاةِ ﴾ فالناس ذكور وإناث شهوتهم تكمن في المفاخرة بتلك الأشياء : ( النِّسَاءِ : جمع نسيء وهي كل متأخر ومستحدث وجديد من الأشياء ) ، (الْبَنِينَ : الأبنية بيوت وقصور ) إلى بقية الأشياء المذكورة في الآية فالشهوات هي رغبة بالتفاخر بكل جديد وبالبناء وبالحلي والمصوغات وبالخيل والأنعام والحرث . وخصت الشهوة التي تعني الرغبة بالتفاخر أمام الناس بالرجال دون النساء لهدف الإذلال والفضح ﴿ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ ﴾ [ الحجر ] فالتحرش الجنسي والاغتصاب لا يحدث فيما بين قوم لوط ، بل التحرش الجنسي وكشف العورات والاغتصاب العلني موجه للرجال من اصحاب المقدرة والقوافل التجارية من عابري السبيل وأصحاب القيادة والمال ممن هم من خارج القرية . أو زوار وضيوف القرية ﴿ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ ﴾ [ الحجر ] وكان عدوانهم بهدف الخزي والإذلال والفضيحة . وكما يقال في اللهجة الدارجة الهدف هو شهوة كسرة عين أمام الناس ، وقيل في التوراة أنه تم احتلالهم 13 سنة ، فربما تلك ردة فعل قذرة منهم . 7 تم تهديد لوط ومن معه بالطرد والإبعاد عن القرية ﴿ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [ النمل ] ﴿ قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [ الأعراف ] ﴿ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ﴾ [الشعراء ] فكان رد لوط عليهم ﴿ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ * رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [ الشعراء ] أي أنه يرفض عملهم وطلب من الله أن ينجيه وأهله من تلك الأعمال والممارسات والتي قاموا بتهديده ومحاولة إجباره عليها ، لذا طلب النجاة ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ ..﴾ [النمل ]و ﴿ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ .. ﴾ [العنكبوت] و ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ ..﴾ [الأعراف] فـ نجاته من تلك الأعمال التي حاولوا إجباره عليها ﴿ رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [ الشعراء ] 8 جاء قوم لوط يستبشرون ﴿ وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [ الحجر] فهناك من أخبرهم وبشرهم وتلك كانت مشاركة امرأة لوط في الجريمة والفاحشة وسبب مجيء قوم لوط وكان هدفهم التحرش والاغتصاب . وقيل عن امرأة لوط سيصيبها ما أصاب قومها ﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ﴾ [ هود ] سبق في السور السابقة : ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ [ النمل ] فكانت من ﴿ الْغَابِرِينَ ﴾ مع قومها لأنه ﴿ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ﴾ فسوف يصيبها ما أصابهم لاشتراكها في الفاحشة ، ولم تكن امرأة لوط مثلية ، لكن عقابها لاشتراكها في إخبار قومها عن الضيوف كي يأتوا ويتحرشوا بهم . 9 عرض لوط بناته على قومه للزواج منهن ﴿ قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [ الحجر ] ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ * قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ [هود] فقد كان قومه لا يأتون الذكران من الرجال من قومهم ولم يكونوا مثليي الجنس بل يتزوجون وعرض لهم لوط الزواج من بناته ، ولكن رغبتهم كانت فقط في التحرش واغتصاب الغرباء نكاية وإذلالاً وتكبراً وتجبراً ، وكانوا مغايري الجنس أي أنهم يتزوجون واستخدمت الآية تذرون وهو مصطلح لا يستخدم إلا في حالة القدرة ، وهو للتعبير عن إتيانهم زوجاتهم لكنهم يختارون عن إدراك وقرار واختيار في بعض الأوقات الفاحشة والتحرش الاغتصاب ويهملون زوجاتهم ، وبذلك هناك خيانة زوجية تضاف لجرائمهم ﴿ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [ الشعراء ] 10 قال لوط لقومه ﴿ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ﴾ [ الأعراف ] ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [ العنكبوت ] لم يسبقهم لتلك الفاحشة العلنية والتحرش والاغتصاب الجماعي وكشف العورات وحفلات الاغتصاب في النوادي أحد من العالمين ، والعالمين يقصد بها عالمين زمانهم كما في ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [ البقرة : 47 ، 122 ] كان تفضيلهم على عالمي زمانهم واختصاصهم بالنبوة وانتفى تفضيلهم بكفرهم . 11 وصف لوط قومه بعدة أوصاف ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ ﴾ [ الشعراء ] والتقوى تعني كف الأذى وعدم الاعتداء ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى [ الْبَرِّ وَالتَّقْوَى ] وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى[ الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ] ﴾ [ المائدة : 2 ] ووصف قومه بــ ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [ النمل ] الجهل بالعواقب أو الجهل عن عقاب تلك الجرائم ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [الأعراف] والإسراف تجاوز الحد في المحرمات ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [ الشعراء ] وكل الآيات عن قصة قوم لوط تصف عدوانهم والعدوان والاعتداء يتم عن قصد وسبق إصرار . # الخلاصة مما سبق تم عقاب قوم لوط لتكذيبهم نبيهم كما عوقبت الأمم السابقة لنفس السبب مع الجانب السلوكي مع التكذيب المتمثل في ارتكابهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين ، وتعريف الفاحشة التي ارتكبوها هي : الشهوة العبثية والمفاخرة بذلك العمل الذي يتم عن سبق إصرار وقصد في إتيان الذكور من الرجال أصحاب المال والأعمال من عابري السبيل من القرى الأخرى والزوار وضيوف القرية وذلك بالتحرش بهم وكشف عوراتهم واغتصابهم في ممارسة علنية ويتمثل ذلك في قطع الطريق وخطف عابري السبيل غرباء وضيوف وكل ذلك يحدث جهاراً نهاراً في نواديهم ، وإهمال الزوجات المرتبطين معهن بعقود نكاح وتلك خيانة لذلك الرباط المقدس المسمى بالميثاق الغليظ ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [ النساء : 21 ] فهم لم يكونوا مثليي الجنس بدلالة الإتيان وهي القيام بالفاحشة عن قرار واختيار وكون لديهم زوجات وعرض لوط عليهم بناته ، لكن فاحشتهم مما يستحقون عليه العقوبة ، ثم أتبعوا ذلك التهجم على النبي لوط (ع) لأنه كان يحاول منعهم عن عابري السبيل ، وكانوا يهددون لوط ومن معه إن لم يكن مثلهم ويمارس ممارساتهم فيجب طرده وإخراجه من القرية ، ثم أتوا عندما علما بوجود ضيوف عند لوط وحاولوا اغتصاب ضيوفه ، كل ذلك يندرج تحت الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين من عالمي زمانهم ، وأن تكون تلك الفاحشة التحرش والاغتصاب فعل جماعي لأمة بأكملها ، وتم معاقبة امرأة لوط كونها شاركت في تلك الفاحشة بإخبار قومها عن عابري السبيل أو ضيوف لوط وهي تعلم أن رغبتهم ستكون التحرش والاغتصاب ، ولا يوجد أي حديث عن المثلية الجنسية نهائياً . ولو كان تحرشهم واغتصابهم للنساء وممارسة الجنس علانية لكانوا مستحقين للعقاب ، والتحرش وكشف العورات والاغتصاب يستحق العقوبات الرادعة فالاغتصاب من باب الإفساد في الأرض الذي يستحق صاحبه الإعدام ﴿ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [ المائدة : 33 ] ليس كل ما سبق من قراءة للنص المقدس من بنات أفكاري ، وستجد في الكتاب تم إرجاع كل الاقتباسات لأصحابها بالنص من كتبهم وتم شرح كل سورة وكل آية وكل كلمة ، وهنا لم تسمح المساحة بنشر كل تلك الاقتباسات : (( من السنة تواريخ الطبري وابن الأثير وابن كثير ، وتفاسير البغوي والرازي والقاسمي ، ومن تفاسير المعتزلة الرماني والجبائي والقاضي عبدالجبار ، من تفاسير الشيعة الطوسي والطبرسي .)) والشاعر العربي أمية ابن أبي الصلت ( ت 5 هـ ) لم يعتنق الإسلام ، يشرح فاحشة قوم لوط : ثم لوط أخو سدوم أتاها إذ أَتاها برشدها وهداها راودوه عن ضيفه ثم قالوا قد نهيناك أن تقيم قِراها فالجريمة هي التحرش في محاولة اغتصاب ضيوف لوط ( ع ) ، ومنعه أن يقم قِراها ، ومعنى القِرى (( وقَرى الضيف قِرّىًّ وقَراء: أَضافَه. )) [ لسان العرب ] ، فقد تم منعه من استقبال الضيوف ، فكل عابر سبيل أو ضيف هدف للمراودة . العدوان يكون في أمر لديك فيه خيار ، أما كون الرجل يميل للمرأة أو ظهور ميول أخرى ليس لديك فيها خيار فليس عدوان ، كما أن يولد الإنسان ببشرة سوداء أو شعر أشقر أو عيون زرقاء . الإتيان إلى الشيء بمعنى الذهاب إليه عن قصد واختيار ورغبة ، الميل الداخلي فيما بين الذكر والأنثى أمر طبيعي ، لكن الفاحشة هي ممارسة الجنس خارج إطار عقد نكاح زواج أو عقد نكاح ملك يمين ، فالفاحشة ليست ميل داخلي بل هي سلوك يحدث عن قصد ورغبة واختيار . #قبل الانتقال للحديث عن المثلية الجنسية يجب شرح الخريطة التي تتحدث عن الإنسان . وأفضل مرجع تحدث عن ذلك كتاب A Guide to Gender للمؤلف Sam Killermann : هذه الخريطة تتضمن أربع مستويات وكل مستوى يشرح أمر منفصل ومستقل تماماً عن المستويات الأخرى : الهوية الجندر = النوع الاجتماعي تم الحديث سابقاً عن هذا المستوى في المقال السابق : ونلخص الحديث عن هذا المستوى أنه يمكن تعريف جنس الإنسان بيولوجياً بأنه ذكر أو أنثى ، لكن الجندر هو أمر يتعلق بالأدوار الوظيفية للرجال والنساء والمتغيرة من بيئة إلى أخرى ومن زمان إلى آخر ومن مكان إلى آخر ، وكل زمان أو مكان أو شعب له تعريفاته الخاصة بصفات الرجال والنساء ، ويساهم في تشكيل الأدوار الخاصة والمتوقعة من الرجال والنساء التربية والتعليم والمجتمع والدين والمذهب والثقافة والإعلام . وقد تشارك الأنثى بعض الصفات والأدوار الوظيفية للرجال أو تأخذ الدور والوظيفة كلها ، والعكس فيما يخص الذكر ، وقد يكون الذكر خالي من صفات الرجال والعكس قد تكون الأنثى خالية من صفات النساء . وفي لسان العرب لابن منظور : ((كما أَن الغالب على الرجال أَنهم الذكور دون الإِناث وإِن كانوا يقولون رَجُلة )) [ راجع مقال : الجندر ( النوع الإجتماعي ) ، أو فصل الجندر من الكتاب الثاني " أنواع الجنس المحرم " من ثلاثية الجنس في الوحي ] . هذا المستوى مستقل ومنفصل عن المستوى السابق : يولد الطفل بقضيب فيسمى ذكر أو بمهبل فتسمى أنثى ، وهناك حالات خاصة يولد الطفل بأعضاء تناسلية مزدوجة فيكون ثنائي الأعضاء والجسد ، وهذه الحالة لم تذكر في النص المقدس ولا في كتب الروايات ، لكن المؤسسة الفقهية وجدت هذه الحالة على أرض الواقع ، فاجتهدت وكتبت عنها العشرات من الأبواب والمئات من الصفحات وتم تعريف تلك الحالة بمصطلح الخنثى ، وكتبوا عن تلك الحالة من لحظة الولادة إلى أحكام العبادات إلى أحكام الإرث والعقوبات إلى أحكام الموت والدفن ، وتحدثوا عن وجود الحالات التي لا يمكن فيها تصنيف الإنسان إلى ذكر ولا إلى أنثى وليس أقرب لأحد من التصنيفين فسمي الخنثى المشكل وفي حالته كان هناك فتاوى من الأحناف والشافعية والحنابلة في حكم الزواج : وأنه يتم العودة لنفس الإنسان ويسأل عن ميوله الجنسية ، فإن كان يرغب بالأنثى اعتبر ذكر وسمح له بالزواج منها ، وإن كان الميل الجنسي للذكر اعتبرت أنثى وسمح لها بالزواج من ذكر . وهو رأي متقدم ومتسامح مع تلك الفئة الغير مذكورة في النص المقدس ولا الروايات ، وإنما اجتهد الفقهاء القدامى والذين كانوا أكثر تقدما من الفقهاء المعاصرين ، الذين افتى بعضهم بالصبر والاحتساب لهذه الفئة واستعمال أدوية لقتل الرغبة الجنسية ! . هذا المستوى أيضاً منفصل ومستقل عن المستويات الأخرى : فإن الذكر يظهر بمظهر ذكوري ويمكن الحكم عليه من مظهره وشكله وأسلوبه في نطقه ومنطقه ولباسه ، وكذلك الأنثى تظهر بمظهر الأنوثة ويمكن الحكم عليها من خلال مظهرها وشكلها وأسلوبها وفي نطقها ومنطقها ولباسها . لكن هناك حالات أخرى خاصة يكون فيها الذكر بمظهر الأنثى في شكله الخارجي وأسلوبه وفي نطقه منطقه ولباسه ، والعكس هناك أنثى تظهر بمظهر الذكر وشكلها الخارجي وأسلوبها وفي نطقها ومنطقها ولباسها . هذه الفئة من الناس لم تذكر في النص المقدس ، وينسب للنبي ( ص ) في أحد الروايات أنه أسماهم المؤنثين من الرجال والمذكرات من النساء .ووضعت لهم المؤسسة الفقهية مصطلح المخنث للذكر ، و المسترجلة للأنثى . وأيضاً الفقهاء القدامى كانوا أكثر تقدماً في الحكم على هذه الفئة من الفقهاء المعاصرين وأكثر تسامحاً ، وربما يعود الأمر للتسامح النبوي معهم ، فقد كان هناك أحد المؤنثين من الرجال الذي يعد من غير أولي الإربة من الرجال فليس لديه رغبة في النساء ، فكان يدخل على نساء النبي ، ولا أحد ينكر عليه ذلك ، حتى ارتكب الخطأ وتغزل في أنثى فكان يبدو من تغزله أن له شهوة أو على الأقل هكذا سيبدو الأمر للآخرين ، فأبعده النبي ( ص ) . ويقول محمد عبد الحي الكتاني في كتاب نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الإدارية : (( وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فكان بالمدينة ستة من المخنثين )) ويعتبر أولئك الأشخاص صحابة فيقول ((علينا توقيرهم وتعظيمهم وأن نستغفر لهم ونحبهم، وثمرة يتصدق بها أحدهم أفضل من صدقة أحدنا بما يملك، وجلسة من الواحد منهم مع النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من عبادة أحدنا دهره كلّه . )) . لذا صدر من المؤسسة الفقهية تقسيم الحكم على من كان يظهر بمظهر وشكل مغاير لجنسه إلى قسمين : القسم الأول من كان هذا في أصل خلقته فلا إثم عليه ، ويثاب على صبره لاختلافه عن الآخرين ، القسم الثاني من كان يتشبه بالجنس المغاير لجنسه من باب اللهو والعبث والتشبه فقط فهو من يقع عليه الإثم واللعن المنسوب للنبي ( ص ) . فيأتي القول وكيف يتم التفريق بين القسمين ، فيجاب أن الأمر يعود لسلطة الضمير ومن يقبل بالإثم والمعصية عليه وزرها ، ولست مكلفاً بأن تنصب نفسك إلهاً لتحكم على الآخرين وعلى دواخلهم ، أو تحكي باسم الرب وتتحدث عن محبته لشخص أو عن سخطه عنه ، بسبب مظهره الخارجي . أيضاً هذا المستوى منفصل ومستقل عن المستويات السابقة : في المنتصف هناك مزدوجي الميل الجنسي . وفي أحد الأطراف هناك الذكر يميل جنسياً للجنس المغاير فيرغب بالأنثى ، والأنثى تميل للجنس المغاير فترغب بالذكر وهذا هو الأمر السائد ، وفي الطرف الآخر هناك حالات يكون الذكر بكامل ذكوريته ويفخر بكونه ذكر لكنه يميل لمثله في الجنس فيرغب بالذكر ، وكذلك الأنثى كاملة الأنوثة وتفخر بكونها أنثى ولكنها تميل لمثلها في الجنس فترغب بالأنثى ، وهذه الفئة كما يقول عالم الاجتماع علي الوردي نسبة إلى هافلوك الس أن هناك 2 % هي طبيعتهم كذلك والأمر ليس اكتساباً . ويقول فرويد : ((من البديهيّ أنّ المثليّة الجنسيّة ليست نعمة، ولكن ليس فيها ما يدعو إلى الخجل، وليست فساداً ، ولا انحطاطاً ، ولا يمكن أن نعتبرها مرضاً ، بل إنّنا نعتبرها تنويعاً من تنويعات الوظيفة الجنسيّة ، ناتجة عن توقّف النّموّ الجنسيّ . هناك عدّة أفراد محترمون إلى حدّ بعيد ، في العصور القديمة أو الحديثة كانوا مثليّين ، ومن هؤلاء من هم من العظماء (أفلاطون، مايكل أنجلو، ليونارد دي فنشي، الكسندر العظيم أو المقدوني) . إنّ في اضطهاد المثليّين وكأنّ المثليّة جريمة مظلمة كبرى ، وقساوة أيضاً . )). وقد تحدثت المنظمات الطبية والنفسية في كون المثلية الجنسية ليست مرضاً وإن اختلفت بعض الأبحاث في كون الأمر طبيعة أو طبيعة واكتساباً ، إلا أنهم اتفقوا أن الميل الجنسي ليس خياراً فيختار الإنسان ميوله ، هو أمر ليس بيد الإنسان في أن يحدده . طبعاً الحديث عن المثلية الجنسية ليس حديثاً عن مرض اشتهاء الأطفال بيدوفيليا ولا عن التحرش الجنسي ولا عن الاغتصاب ولا عن الدعارة . قد تقبل الناس وجود طفل مزدوج الأعضاء التناسلية ، وتقبلوا وجود إنسان يبدوا مظهره الخارجي مختلف عن جنسه ، وتقبلوا وجود أطفال بمتلازمة داون لأن حكمهم على المظهر الخارجي ، وتقبلوا وجود أطفال متوحدين ، وقد ذكرت العربية أن عددهم بلغ 250 ألف طفل متوحد في السعودية . وهو رقم أقل من عدد المثليين إن قبلنا نسبة 1% وهي نصف النسبة التي ذكرها الوردي ، إلا أن الناس يستعصي عليها فهم وتقبل فكرة وجود طفل مثلي الجنس لأن الجنس من العقد والتابوهات المحرمة ! . ملاحظة : مع أن كل مستوى من المستويات السابقة مستقل عن الآخر إلا أنه قد يحدث اشتراك بعض المستويات مع الأخرى ، فعلى سبيل المثال يمكن أن يوجد إنسان مزدوج الأعضاء التناسلية فيقرر تصحيح الجسد واختار أن يكون أنثى ، لأنها أنثى من الداخل فتتم إزالة الأعضاء الذكرية والمظهر الذكوري بالتدخل الطبي الجراحي ، لتصبح أنثى كاملة الأنوثة داخلياً وخارجياً ، لكنها في نفس الوقت تميل إلى الأنثى . تنويه : تحدث الفقهاء في أحكام مزدوج الأعضاء التناسلية أنه يجب أن يعلن عن ميوله الجنسية في رغبته بالذكور أو الإناث ، وأن كتمانه لميوله الجنسية يجعله عاصي ويقع عليه إثم ، لأنه تترتب أحكام على الميول الجنسية ، على سبيل المثال لا الحصر الحديث عن غير أولي الإربة من الرجال . والسؤال هل المثلي يقع عليه الإثم إن لم يعلن عن ميوله الجنسية لترتب أحكام شرعية على ذلك ، أم أن إعلانه سيجر عليه الحقد والكراهية ولأذى والضرر وربما القتل ،في مجتمعات تكره كل مختلف وتتلذذ في أذيته والإضرار به ! . مع أن عدنان إبراهيم يربط بين المثلية الجنسية وفاحشة قوم لوط ، إلا أن له رأي متقدم باعتبار أن للمثليين حق ممارسة نمط حياتهم ، وإن كان نمطهم محرم ويساوي عنده فاحشة قوم لوط . ومن المعلوم أن الممارسات الجنسية خارج إطار الزواج وملك اليمين محرمة [ انظر مقال " العلاقات الجنسية للعزاب والتعزير في النص المقدس " ] نعود هنا للمؤسسة الفقهية وفي البدء ليس هناك كهنوت في الإسلام ولا سلطة دينية ممنوحة من الله لطبقة رجال دين ، ولكن الشعوب الإسلامية كبقية الشعوب في الأديان الأخرى سلمت نفسها لطبقة تسمت برجال الدين ، فهل هذه المؤسسة الفقهية ترقى إلى مستوى وتسامح واجتهادات القدماء ، وتسامح وتفاعل المجتمعات العربية والإسلامية قديماً مع ذوي الاحتياجات الخاصة ؟ . كانت اجتهادات الفقهاء قديماً بسيطة وسطحية وتحكم على المظهر والشكل الخارجي دون اللجوء للعلم والطب وعلم النفس ومع ذلك صنفوا الأبواب وسودوا الصفحات في أحكام الخنثى على سبيل المثال ، دون أن نجد ذكر لهذه الفئة في النص المقدس أو المرويات . المثلية الجنسية لا يمكن الحكم عليها من خلال المظهر الخارجي لذا لم يتطرق لها الفقهاء القدامى . فهل المؤسسة الفقهية المعاصرة تتبنى اللجوء للعلم والمنظمات الطبية والنفسية ؟ أو تعترف بوجود فئة عندها ميول جنسية للمثل ، ثم تبحث عن الحلول لهم أو تقيسهم على مصطلحاتهم القديمة كالـ مخنث وتعتبر من كان هذا الأمر في أصل خلقته فليس عليه إثم ، أو تقيسهم على مصطلحهم القديم كالـ الخنثى وما يترتب على ذلك من أحكام . أم تعتبرهم فئة أخرى كما هم كذلك وليس لهم علاقة بالتصنيفات السابقة وأنه يجب الاجتهاد في أمرهم . فالميل الداخلي لا يمكن الحكم عليه ؟ ، فما الحل في حالة المثليين ؟ هناك فتاوى تقبل بتغيير جنس الإنسان ليتحول للجنس المغاير ، حينها يقبل أن يتم ارتباطه بالآخر ، فالحكاية حكاية مظهر ! . لقد بدأت المجتمعات والمنظمات المدنية تسن قوانينها وتطالب بفرضها على الآخرين ، وأولئك الناس من تلك الفئة بدأوا يتجاوزون المؤسسة الفقهية ويصنعون فقههم المستقل ؟ . فما عسى المؤسسة الفقهية أن تفعل ؟! [ ملخص لبعض فصول كتاب " المثلية الجنسية " من ثلاثية الجنس في الوحي : الكتاب متوفر على www. sweid1.blogspot.com ]

مشاركة :