أكدت دراسة حديثة، أن السعودية مازالت العدو الأول لجماعات الإرهاب جميعاً، سواء المنسوبة إلى السنة منها، مثل تنظيم القاعدة وفروعها و«داعش» وفروعها، وغيرها، أم المنسوبة إلى فرق الشيعة، مثل الحوثيين وحزب الله ووكلاء نظام الولي الفقيه الإيراني في المنطقة وماكينة إعلامه الضخمة شرقاً وغرباً. وتناولت الدراسة التي أعدها مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال في جامعة الملك عبدالعزيز، جهود السعودية في مكافحة الإرهاب والتطرف، ونشر الاعتدال والوسطية، داخلياً وخارجياً منذ العام 2000، حين وقعت المملكة على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي حتى الآن، واستمرارها بكل قوة وحزم على رغم تعرضها لحوالى 98 عملية إرهابية، بعضها استهدف الأماكن المقدسة، على مدار 15 عاماً مضت، راح ضحيتها 90 مدنياً، وأصيب 608 مدنيين، وقتل فيها حوالى 65 رجل أمن، وأصيب منهم 360 آخرون. واعتبرت الدراسة أن «رؤية المملكة 2030» ترجمة واضحة لتوجه السعودية نحو الربط بين رؤيتها لمكافحة الإرهاب من ناحية ودورها الإقليمي والدولي وقدراتها الاقتصادية والاستثمارية من ناحية أخرى، إذ تتضمن الرؤية عدداً من المحاور التي تصب جميعاً في اتجاه بناء مجتمع داخلي بالمملكة وسطي معتدل ذي فكر مستنير، من خلال تطوير المنظومة التعليمية والتربوية، لزرع أسس تربوية وسطية لدى الجيل الجديد من الشباب، الذي تعول عليه المملكة في تنفيذ تلك الرؤية، مع زيادة نسبة التوطين في مختلف القطاعات الاقتصادية، لتقليل معدلات البطالة من 11.6 إلى سبعة في المئة، وزيادة دخل الفرد، وجميعها توفر بيئة صحية لنمو أفراد أسوياء بعيداً عن الفكر المتطرف. وأكدت الدراسة أن تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، وما تلاه من تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، وضعت أسساً جديدة للتعامل مع ظاهرة الإرهاب، بإعلان محمد بن سلمان أن المملكة ستدمر أفكار التطرف، وتعود إلى ما كان عليه الإسلام الوسطي المعتدل والمنفتح، وترجمة مبادئ الدين الإسلامي وعادات وتقاليد أهل المملكة الطيبة، بما يدعم فرص التعايش في شكل أفضل مع بقية دول العالم. وتناولت الدراسة عرضاً لبعض جهود السعودية للتصدي للإرهاب ونشر الاعتدال، من خلال إطلاق عدد من المبادرات المحلية لتوفير إطار مؤسسي قانوني اجتماعي قادر على محاربة تلك الظاهرة، تشترك فيه مؤسسات الدولة الرسمية مع وسائل الإعلام وعلماء السعودية والقائمين على شؤون الدعوة، لمحاربة تلك الظاهرة محلياً في الأساس، بالتزامن مع الجهود الأخرى إقليمياً ودولياً، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى إنشاء مركز الملك سلمان للسلام العالمي، ومركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع السعودية (فكر)، والمركز العالمي لمكافحة التطرف (اعتدال)، الذي افتتحه الملك سلمان مع عدد من قادة العالم، وفي مقدمهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في شهر أيار (مايو) العام 2017، وغيرها من المراكز والمؤسسات المعنية بمكافحة التطرف وتعزيز الاعتدال والوسطية في المملكة وخارجها. وأضافت الدراسة: «عملت المملكة في الوقت ذاته على تجفيف منابع الإرهاب اقتصادياً، من خلال توفير رقابة تامة وصارمة على الأموال التي تخرج للأعمال الخيرية، والتي تمولها المملكة في مناطق كثيرة حول العالم، إذ يشكل الممولون للعمليات الإرهابية الدائرة الثانية لأصحاب الفكر الضال، وتم إنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى الإشراف على جميع أعمال الإغاثة والأعمال الخيرية لتنظيم عمل الهيئات الإنسانية وقطع الطريق عليها لاستخدام أموالها في أعمال غير مشروعة». وتابعت: «عملت المملكة على استغلال وتوظيف ثقلها وتأثيرها الإقليمي في محاربة الإرهاب، من خلال التعاون مع أشقائها من الدول العربية والإسلامية، وإطلاق عدد من المبادرات، والتنسيق بين الجهود، ويعد التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة، وما تلاه من إقامة مركز عمليات مشترك في الرياض، لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب، ولتطوير الآليات اللازمة لدحره بمشاركة 41 دولة، أبرز هذه الجهود التي يمكن رصدها على الصعيد الإقليمي، إذ تحاول المملكة، بالتعاون مع بقية الدول الإسلامية، نقل رسالة إلى العالم بأن الدول الإسلامية التي تعتبر المتضرر الأكبر من الإرهاب قادرة على محاربته واجتثاثه، وتوجيه رسالة إلى العالم بأن الإسلام بريء من التصاقه في الإرهاب والإرهابيين. وأكدت حرص المملكة على المشاركة في عدد من المؤتمرات والفعاليات، التي تهتم بمكافحة الإرهاب ودعم الجود الإقليمية والدولية في هذا الشأن، منها إعلان الرؤية المشتركة لتعزيز التسامح ونبذ الإرهاب، خلال اجتماع مجلس وزراء منظمة التعاون الإسلامي في الكويت العام 2015. الرياض تدعم الجهود الدولية والعربية لمحاربة المتطرفين أشارت الدراسة التي أعدها مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال في جامعة الملك عبدالعزيز إلى أن السعودية لم تغفل الانضمام إلى الأطر القانونية والمؤسسات الدولية، التي تكافح الإرهاب بمختلف أشكاله، بداية بالتوقيع على اتفاق الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب، والتي أقرت في كانون الأول (ديسمبر) 1999، ودخلت حيز التنفيذ في نيسان (أبريل) 2002، وقمة مجموعة الـ20 التي عقدت في مدينة أنطاكيا 2015 وأحد أبرز جلساتها التي عقدت بعنوان: «التحديات العالمية.. الإرهاب وأزمة اللاجئين» وتأكيد المملكة أن الإرهاب من التحديات الرئيسة التي تواجه دول العالم، ومكافحته صعبة في ضوء طبيعته المتغيرة والمتطورة. وبينت الدراسة أن المملكة هي من طرح على شركائها الدوليين مقترح إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، تحت مظلة الأمم المتحدة، وتبرعت له بمبلغ 110 ملايين دولار، بهدف تحويله إلى مركز دولي لتبادل المعلومات وأبحاث الإرهاب المساهمة بشكل فعال في التحركات الدولية، مالياً وعسكرياً ولوجيستياً، لمحاربة الإرهاب في مناطق العالم المختلفة. بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط، بداية بالمشاركة في الائتلاف الدولي ضد تنظيم «داعش»، مرورا بالتحالف العربي ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.
مشاركة :