من المقالات التي لفتت نظري الأسبوع الماضي وقررت العودة إليها، مقالة الزميل ناصر الصرامي، عن دور قناة العربية في (تنوير) وتثوير الرأي العام العربي والخليجي ضد المنظمات الإرهابية المتطرفة، بدءا من تنظيم القاعدة إلى تنظيم داعش المتوحشة. وهي مسألة أنا ــ كإعلامي ــ حفي بها وأرصدها بدأب نملة؛ لأن ما لدي من تحفظات وملاحظات على أداء الإعلام الرسمي العربي في مواجهة هذه المنظمات كثير، من باب أن هذا الأداء لم يرتق، منذ النعش الأول، إلى مستوى الأحداث الإرهابية التي تعصف بمنطقتنا وتهدد أمن أوطاننا وسلامة مجتمعاتنا. لقد نجحت (العربية) بحق في أن تغير مشهد التردد والترقب الإعلامي إلى مشهد الفعل الإعلامي الصحيح على الأرض وداخل الاستوديوهات المحترفة. وتخطت، ربما لأول مرة في العالم العربي، كل الحواجز التي وضعها أمام دواليبها المنتمون لهذه المنظمات الإرهابية والمؤيدون والمتعاطفون مع أجنداتها. وبذلك استطاعت من جهة، أو جبهة، أن تهزم جحافل الإعلاميين المحسوبين سرا وعلنا على هذه المنظمات. وتمكنت ــ من جهة أخرى ــ من أن تنفذ إلى ذهنية المتلقي المضطربة لتضع فيها ــ على الأقل ــ أسئلة مشروعة عن أهداف هذه المنظمات الملتبسة مكان تلك الأجوبة الجاهزة التي كانت تسكنها. أما الدور الأكبر والأهم في مشروع (العربية) الإعلامي لمواجهة الإرهابيين، فهو تشجيعها للمتخوفين وإنطاقها للساكتين عن هذا الحق. حق محاربة أي فكر ظلامي لا يعرف سوى حوارات البنادق والرشاشات وحز الرؤوس والتنعم بسبايا معارك الخلافة وغزوات الخرافات، التي لا توجد سوى في رؤوس هؤلاء الإرهابيين ومن يزين لهم طرق صناعة الموت وحفر القبور. ولذلك، ما دام أنه قد أصبح لدينا تجربة إعلامية حققت كل هذا النجاح، فإنه لا يصعب ــ في اعتقادي ــ أن نعظم هذه التجربة (ونعددها) ليكون سلاح الإعلام والكلمة أكثر حضورا وتأثيرا في تجفيف منابع الإرهاب وردم حفر الإرهابيين، خصوصا أن الرأي العام أصبح أكثر جاهزية لمناقشة الأفكار المضادة لهذه التنظيمات وتبنيها والدفاع عنها. والمعول عليه ــ مرة أخرى ــ في كل الدول العربية هو الإعلام الرسمي، الذي يفترض أن ينتفض ويتخلص من غبار الكسل والبلادة الإعلامية.
مشاركة :