هل رأيتم مشاريع "إسكان" تعانق السحاب؟

  • 10/19/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بعد نحو ثلاث سنوات من إنشاء وزارة الإسكان لم تنشئ مساكن تحل المشكلة السكنية التي تتراكم عاما بعد آخر، وسط أحد أعلى معدلات النمو السكاني على المستوى العالمي، وذلك يفترض أن يكون محفزا لسرعة إيقاع الوزارة التي تم توفير كثير من المعينات اللوجستية لها بما لم يتوفر لغيرها، لكي تنطلق وتبني وتتعامل مع هذا التحدي الاستراتيجي، إلا أن المحصلة هزيلة ولا ترقي لأدنى مستويات الطموح. بحسب الاقتصاديين فإن هناك حاجة سنوية لبناء 100 ألف وحدة سكنية كحد أدنى، وعندما بدأت الوزارة مشاريعها السكنية في إحدى مناطق الشمال سرعان ما لحقها الخراب الإنشائي وتداولت المنتديات سوء تنفيذ المقاول، وذلك يضعنا في محطة البداية وكأن الوزارة لم تفعل شيئا، غير أنها استغرقت وقتا طويلا في دراسة المدروس والتخطيط لما هو مخطط، ويمكن لأصغر مكتب عقاري أن يحدد المشكلات والحلول ببساطة وسرعة أكثر من الوزارة المتخصصة والمخصصة لمجابهة هذا التحدي. ومع أن السوق العقاري في المملكة نشط وأحد أكبر أسواق منطقتنا العربية والخليجية، إلا أنه لا يمكنه لوحده أن يقدم معروضات عقارية تواجه الطلب المرتفع، فضلا عن أن عملياته التسويقية ربحية للغاية وأسهمت في رفع أسعار العقار إلى مستويات لا يمكن أن تتحملها القدرات الشرائية للمواطنين، وهو في الواقع سوق نخبوي، لا يغامر فيه المطورون العقاريون بإنشاء مشاريع عقارية لمحدودي الدخل وإنما للميسورين، وبالتالي يتحرك في مساحة ضيقة تقدم خيارات سكنية لهم فيما تبقى المشكلة الأصل محلك سر. وفي ظل أداء هذا السوق الذي يعمل بقيم رأسمالية بحتة تركز على الربح لا يمكن معالجة هذه المشكلة اعتمادا على العقاريين، يمكن للوزارة فقط أن تدعم منتجاتهم العقارية بحيث يخففون الضغط الربحي على المستفيدين وحفزهم لتوفير عرض مستمر وخيارات واسعة، عدا ذلك فعلى الوزارة أن تعتمد على الأراضي الهائلة التي منحت لها والعمل على بنائها وإتاحتها للمواطنين، مع مراعاة فرص التمويل التي ترتكز إلى نسب وتناسب تتعلق بالتكاليف الكلية للبناء الذي يعادل نحو 60% من التمويل و40% لقيمة الأرض. وزارة الإسكان استهلكت وقتا طويلا في التصريحات والتوقف عند الدراسات، وأدخلت نفسها في دوامة بيروقراطية نمطية منحتها تقديرا متواضعا يرقى إلى الفشل في معالجة الأزمة السكنية، بل بسبب السلبية في الإنجاز ازدادات الأزمة تعقيدا، لأنه كما ذكرت ظل مسؤولو الوزارة يتحدثون كثيرا ولا يفعلون الكثير، ولسان الحال على نسق المثل "نسمع جعجعة ولا نرى طحينا"، فلا يزال هناك الكثيرون الذين يلجؤون للبنوك للظفر بقوض يتملكون بها بعد أن يئسوا من وعود الوزارة. عمليا حطمت وزارة الإسكان أي طموحات للمواطنين في امتلاك مساكنهم في آجال قريبة، وواقعيا لم تعد محل ثقة في أن تقدم لهم الحلول السكنية التي تناسبهم، والمشكلة الحقيقية تتلخص في أحد أمرين، إما أن العيب في الوزارة وهيكلها التنفيذي، أو القائمين عليها، لأن من يفشل طوال ثلاث سنوات يجد فيها دعم الدولة الكامل ولا يحقق شيئا، فإنه لن يفعل ما يشفع له بالاستمرار في موقع يمثل تحديا تنمويا ووطنيا واجتماعيا، والوزارة بهذا المستوى إنما تزيد الأزمة التفافا على رقاب الباحثين عن سكن، وترمي بهم إلى غول السوق العقاري يزايد عليهم ويرفع الأسعار دون مبررات سوقية. وفي الواقع مطلوب من كل مواطن ألا يحلم بالسكن في ظل أداء الوزارة الحالي، لأنه من المؤكد سيتحول إلى كابوس لا يقبض فيه سوى الريح، ويرجع بخفي حنين إلى منزل الإيجار الذي يسكنه، وسيظل يردد "يا ليل ما أطولك" ولعلنا كلنا نفعل ذلك، ما لم نر ناطحات تعانق السحاب أو مساكن تمتد في الأفق وتحتضن ملايين الذي يكتوون بنيران الإيجارات، فالوزارة تدرس وتدرس وتنسى أن تضع أول طوبة في مشاريعها أو تنهي ما بدأته لنبدأ معها مشوار الحل للأزمة القاسية.

مشاركة :