ألغت محكمة التحكيم الرياضي الخميس عقوبة الايقاف مدى الحياة بحق 28 رياضيا روسيا من 43، ما قد يتيح لبعضهم خوض غمار أولمبياد 2018 الشتوي، في خطوة لقيت ترحيب موسكو وتجديدها نفي وجود نظام تنشط ممنهج. وحذرت اللجنة الأولمبية الدولية من الافراط في التفاؤل في أعقاب هذا القرار، مشيرة الى ان رفع العقوبة لا يضمن مشاركة تلقائية، بينما رأى معنيون بكشف فضيحة التنشط الروسية، ان الخطوة "تعزز الغشاشين".وتعاني الرياضة الروسية من فضيحة كشف نظام تنشط ممنهج برعاية الدولة، طال على وجه الخصوص دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2014 التي استضافتها في مدينة سوتشي. وبين تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر الماضي، أصدرت الأولمبية الدولية عقوبات إيقاف مدى الحياة بحق 43 رياضيا على خلفية استفادتهم من هذا النظام.وتقدم 42 من هؤلاء باستئناف الى محكمة التحكيم التي تتخذ من مدينة لوزان السويسرية مقرا لها، والتي أصدرت قرارها قبل ثمانية أيام من انطلاق أولمبياد بيونغ تشانغ الشتوي في كوريا الجنوبية (9-25 شباط/فبراير).ورأت المحكمة انه "في 28 حالة، تبين ان الأدلة المقدمة لم تكن كافية لاثبات وجود خرق لقواعد مكافحة المنشطات، من قبل الرياضيين المعنيين".ورفعت المحكمة بشكل جزئي العقوبة بحق 11 من الرياضيين الـ 43، متحدثة عن وجود "أدلة" على تنشطهم، الا انها خفضت عقوبتهم من الايقاف مدى الحياة، الى الحرمان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقبلة، أي بيونغ تشانغ. أما بشأن الرياضيين الثلاثة المتبقين، فستنظر المحكمة في الاستئناف المقدم من قبلهم في وقت لاحق.وأدت فضيحة التنشط التي تهز الرياضة الروسية والعالمية، الى منع الرياضيين الروس من المشاركة في منافسات عالمية أبرزها أولمبياد 2016 الصيفي في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. كما قررت الأولمبية الدولية منع مشاركة الرياضيين الروس في أولمبياد 2018 الشتوي، باستثناء 169 رياضيا ثبتت "نظافتهم" من المنشطات، على ان يشاركوا تحت راية محايدة.واستمعت محكمة التحكيم خلال الأسبوع الماضي في جنيف، الى العديد من الرياضيين المعنيين بالقضية. كما أدلى المدير السابق لمختبر موسكو غريغوري رودتشنكوف بشهادته، من دون الحضور شخصيا، علما بأنه كان خلف "تسريب" المعلومات الأولية التي أدت الى كشف فضيحة التنشط. - فرملة أولمبية وترحيب روسي - وفتح قرار المحكمة الخميس الباب على احتمال مشاركة عدد من الرياضيين في الدورة الشتوية المقبلة بعد أيام.وقال متحدث باسم المحكمة لوكالة فرانس برس "نظريا، يمكن لعدد من الرياضيين الـ 28 الذين ألغيت عقوبتهم المشاركة في ألعاب بيونغ تشانغ. مسألة مشاركتهم يجب ان تطرح على لجنة تابعة للجنة الأولمبية الدولية".الا ان الأخيرة أكدت في بيان تعليقا على القرار، ان "عدم المنع لا يمنح تلقائيا امتياز الدعوة"، مؤكدة انه "من المهم الاشارة الى ان (المحكمة) شددت على ان قرارها لا يعني ان الرياضيين الـ 28 +ستعلن براءتهم+".وأبدت اللجنة "أسفها العميق لأن (المحكمة) لم تأخذ في الاعتبار وجود نظام التنشط الممنهج"، وان قرارها "قد يكون له تأثير جدي على مكافحة المنشطات مستقبلا".وفي مقابل الأسف الأولمبي، لم تخف موسكو فرحتها بقرار يعد أشبه بانتصار لها في معركة من حرب طويلة مع الهيئات الدولية.وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين "نحن سعداء جدا لرياضيينا"، مؤكدا ان موسكو ستواصل "دعمهم" أمام القضاء.أما فيتالي موتكو، نائب رئيس الحكومة والذي وجهت اليه أصابع الاتهام في قضية المنشطات نظرا لموقعه كوزير للرياضة في حينه، فاعتبر ان قرار محكمة التحكيم يثبت "عدم وجود نظام أو أي تلاعب في سوتشي".وأضاف المسؤول الذي منع من حضور الألعاب الأولمبية مدى الحياة من قبل اللجنة الأولمبية على خلفية القضية نفسها، "قلنا ذلك مرارا (نفي وجود نظام تنشط)، الا ان محكمة التحكيم الرياضي أصدرت حكما مماثلا اليوم".وأكد موتكو جاهزية الرياضيين الروس للمشاركة في أولمبياد بيونغ تشانغ، مشيرا الى ان بلاده ستستأنف لدى محكمة التحكيم، أي قرار من اللجنة الأولمبية الدولية بمنع مشاركة الرياضيين الذين رفعت عنهم العقوبة.وعلى الضفة الروسية المقابلة، لم يخف رودتشنكوف خيبته.وقال محاميه جيم والدن لفرانس برس ان القرار "مؤسف".وأضاف ان الاجراء "يعزز الغشاشين، ويجعل من فوز الرياضيين النظيفين مهمة أصعب"، ويشكل "مكسبا (...) لنظام مكافحة المنشطات الروسي الفاسد، وتحديدا لـ (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".- عودة الى الصدارة -وغالبا ما اعتبرت التصريحات الروسية ان مسألة المنشطات هي جزء من حملة سياسية ضد موسكو وبوتين شخصيا. واستقبل الأخير الأربعاء الرياضيين الـ 169 الذين سيشاركون في الألعاب، وطلب من رياضيي بلاده "السماح" بسبب فشل مسؤوليهم في حمايتهم من تبعات فضيحة المنشطات.كما أوعز الى حكومته بتنظيم بطولة بديلة تزامنا مع أولمبياد بيونغ تشانغ، تخصص للرياضيين الذين حرموا من المشاركة.وفي أعقاب فضائح المنشطات، سحبت من الرياضيين الروس 13 ميدالية (بينها أربع ذهبيات) من أصل 33 حصلوا عليها في ألعاب سوتشي 2014. وبموجب قرار الخميس، ستستعيد روسيا تسع ميداليات بينها ذهبيتان، وأيضا صدارة الترتيب النهائي للميداليات.وبات في رصيد روسيا حاليا 11 ميدالية ذهبية و11 فضية وتسع برونزيات في أولمبياد 2014 الشتوي.وكانت لجنة تأديبية تابعة للأولمبية الدولية، فرضت العقوبة على الرياضيين الـ 43 على خلفية تقرير المحقق الكندي ريتشارد ماكلارين الصادر في العام 2016، والذي كشف وجود تنشط ممنهج في روسيا برعاية أجهزة الدولة بين العامين 2011 و2015، ولاسيما خلال أولمبياد سوتشي.
مشاركة :