مؤشرات غير مسبوقة في هجرة الإسرائيليين إلى أوروبا

  • 10/19/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كشف تقرير أعده الخبير في الشؤون الأوروبية حسام شاكر ان هناك تصاعدا غير مسبوق في موجة الهجرة الإسرائيلية العكسية صوب أوروبا والبلدان الغربية، لتسجِّل ظواهر جديدة في المعادلة الديمغرافية في فلسطين المحتلة. وأكّد في استعراضه لنتائج تحليلية للمؤشرات المتاحة تكشف عن موجة غير مسبوقة في طبيعتها في نزيف الهجرة الإسرائيلية العكسية من فلسطين المحتلة إلى أوروبا، وأنّ اتجاهاتها متصاعدة، متحدثاً عن "اتساع ظاهرة الإسرائيليين السابقين". وأوضح أنّ الهجرة الإسرائيلية العكسية (من فلسطين المحتلة إلى الخارج) آخذة بالتحوّل إلى حالة جماهيرية جارفة متعددة المستويات، خاصة مع اختيار وجهات جديدة للتمركز، وهذه تمثل هاجسًا كامنًا لدى المؤسسة الإسرائيلية التي تدرك أنّ قرابة ثلث الإسرائيليين ليسوا في فلسطين المحتلة في أي وقت من الأوقات. ولفت الأنظار إلى أنّ هذه الحالة تؤجِّج تجاذبات بين الشبان اليهود من دعاة الانطلاق إلى العالم والهجرة إلى الخارج، وأوساط إسرائيلية حكومية وإعلامية تمارس التحريض ضد هذه الدعوات وتنعتها بوصف معاداة الصهيونية. وتوقع شاكر أن تشجِّع هذه الهجرات ظاهرة الفجوة بين التجمّعات اليهودية والإسرائيلية في أوروبا من جانب والخطاب السياسي والدعائي الإسرائيلي من جانب آخر. "وقد اتضح خلال العدوان الأخير على غزة أنّ منظومة تأييد الاحتلال في أوروبا أظهرت عجزاً في حشد اليهود في الفعاليات الجماهيرية المؤيدة للعدوان، بينما أعرب مزيد من اليهود والإسرائيليين السابقين عن مواقف معارضة للعدوان ومؤيدة للحقوق الفلسطينية". ولفت الى حالات انتقال الأثرياء أو الكفاءات إلى وجهات معيّنة، منها بريطانيا وسويسرا على سبيل المثال، وتأخذ هذه شكل أسفار متكرِّرة أو إقامات طويلة أو السفر لتعاقدات تجارة وعمل وتدريس، وهي تتطوّر أحيانا لتكون بمثابة هجرة فعلية حتى دون أن يصنّفها أصحابها كذلك. وأشار شاكر إلى أنّ مجتمع الاحتلال الإسرائيلي يُعتبر أساسًا من المجتمعات كثيرة السفر نسبيًا إلى وجهات أوروبية، خاصة مع الشعور بالضغوط وعدم الاستقرار في فلسطين المحتلة، وبالنظر إلى العزلة الإسرائيلية عن السياق العربي المحيط بفلسطين. وأضاف "تشكِّل الوجهات الأوروبية والغربية خيارًا مفضلاً للإسرائيليين من أصول أوروبية شرقية أو غربية، فهي بمثابة محاولة كامنة للعودة إلى الجذور أو تعبير عن الانعتاق المكاني من الواقع الاستيطاني المفتعل، مع التملّص من ضغوط العيش تحت التهديد المرتبط بالاحتلال والمقاومة". وتفيد المؤشرات التي كشف عنها شاكر أنّ بعض الإسرائيليين أصبحوا يتمركزون في نقاط جذب لم تكن مرغوبة لهم من قبل، وتبرز من ذلك العاصمة الألمانية. لكنّ شاكر نبّه إلى أنّ الهجرة الإسرائيلية العكسية إلى أوروبا تجري عادة بهدوء ولا تثير الانتباه. وعلّل ذلك بالقول: "يتمتع الإسرائيليون أساسا بامتيازات الإقامة الميسّرة في أوروبا بسبب حيازة جواز سفر أوروبي مثلاً إلى جانب جواز السفر الإسرائيلي، وهو ما يتيح الإقامة والعمل دون عوائق في أي من بلدان الاتحاد الأوروبي أو البلدان الشريكة للاتحاد، وحتى دون أن تلحظ السجلات الرسمية في الدول الأوروبية المؤشرات السكانية الجديدة بدقة". وأضاف الخبير: "أنّ أنماط حياة الإسرائيليين من ذوي الأصول الأوروبية تبقى قادرة على التماهي مع الأنماط السائدة في المجتمعات الأوروبية، وبالتالي فلن تكون هذه الإضافة الديموغرافية ملحوظة بسهولة". وعن تأثير العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، على هذه الهجرة العكسية؛ أوضح شاكر: "على مدى سبعة أسابيع في الصيف استشعر مجتمع الاحتلال حالة من الانكشاف أمام تهديدات وجودية، واتضح لهذا المجتمع أنّ مظلّة الحماية التي تمثلها دولته غير فعّالة في لحظة الحقيقة". وقال "إنّ غزة الواقعة في الخاصرة الجنوبية كانت قادرة على حرمان الإسرائيليين من النوم الهانئ في ليالي الصيف، وقد جرى هذا في قلب العالم العربي الذي يحفل بالمفاجآت الصادمة والتحوّلات الاستراتيجية". وهكذا فإنّ "حالة القلق الوجودي هذه تحفِّز أي قرار بالخروج من المكان والفرار من ضغوط الواقع السياسية والاقتصادية، وستكون أوروبا أو أمريكا الشمالية خياراً معقولاً"، وفق تقديره. ولفت حسام شاكر الأنظار إلى أنّ هذه الهجرة العكسية لم تتطوّر بعد إلى حالة عودة إلى "الوطن الأصلي" للإسرائيليين في بلدان أوروبية معيّنة كانت تضمّ تجمّعات يهودية بائدة؛ لأنّ البيئات الحاضنة لم تتطوّر لاستيعاب ذلك على النحو الأمثل. فبلدان وسط أوروبا وشرقها، مثل المجر وبولندا، لا توفِّر في واقعها السياسي والاجتماعي والثقافي، حالة احتضان لهجرة يهودية عكسية رغم حركة السفر الإسرائيلية النشطة إليهما، خاصة مع شيوع التحفظات التقليدية إزاء اليهود بالمقارنة مع بلدان أوروبا الغربية، وحضور الخطاب اليميني المتطرف بوضوح في بعض أوساطها السياسية والشعبية. ورأى شاكر أنّ الإقامة في فلسطين المحتلة عندما تفقد جدواها الاقتصادية؛ فإنّ بحث الإسرائيليين عن وجهة سفر أو هجرة متاحة "سيكون الخيار المباشر بالنسبة للذين يملكون مفاتيح الإقامة في الخارج عبر جواز سفر بديل أو تصريح إقامة، بينما يختار مغامرون آخرون الانتقال إلى مستوطنات في الضفة الغربية تتيح مزايا اقتصادية مغموسة بالتهديدات الوجودية"، حسب ما خلص إليه.

مشاركة :