قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تونس اليوم (الخميس) إن الربيع العربي لم ينته، مشيراً إلى أن تونس مهد هذا الربيع الذي انطلق في 2011، لديها واجب إنجاح انتقالها الديموقراطي لكي تبقى مثالاً يحتذى. وأوضح ماكرون في خطاب أمام مجلس النواب التونسي في اليوم الثاني من زيارة الدولة إلى تونس أنه «جرى الحديث عن الربيع العربي، وجرى الحديث عن الثورة وكثيرون يعتقدون ان هذه الصفحة طُويت. صفحة الربيع العربي لم تُطوَ. أنتم تعيشونها الآن، وتحيونها». وأضاف أن تونس قامت «بثورة ثقافية عميقة»، مشيراً إلى حرية المعتقد والمساواة ين الرجل والمرأة التي يضمنها الدستور الذي اعتمد في بداية 2014 وكذلك التدابير التي أعلنها الرئيس الباجي قائد السبسي الصيف الماضي لإنهاء التمييز بين الرجال والنساء. وقال الرئيس الفرنسي: «لقد نجحتم في بناء دولة مدنية حين كان الكثير يعتقدون أن الأمر مستحيل. أثبتم كذب أولئك الذين يقولون إن الديموقراطية لا تتماشى مع المجتمعات التي يوجد فيها الإسلام». وأكد أن «مسؤولية هائلة تقع على كاهل تونس لأن العالم العربي، المغرب العربي، وكل شواطىء البحر المتوسط تصبو إليكم وهي في حاجة لأن تراكم تحققون النجاح (...) فرنسا ستقف إلى جانبكم حتى تُنجحوا هذا الربيع الرائع الذي لا يزال مزهراً». وأشار ماكرون إلى رغبته في تنظيم أول اجتماع في فرنسا هذه السنة مع قادة وممثلين عن المجتمع المدني من بعض الدول الأوروبية المتوسطية ومن المغرب العربي للتفكير في «استراتيجية متوسطة حقيقية». بعد الخطاب، توجه ماكرون لتكريم ضحايا اعتداء متحف باردو في 2015، ثم لتناول الغداء مع فنانين وجامعيين وناشطين ومسؤولين اقتصاديين ونقابيين تونسيين، على أن يغادر تونس عصراً إلى السنغال في زيارة دولة تستمر يومين. وكان ماكرون أكد أمس رغبته في دعم تونس وشبابها الذي يعاني من البطالة. وأعلن عن حزمة دعم تتضمن قروضاً ومساعدات وتخفيفاً للديون، فيما اتفق الرئيسان على إنشاء جامعة تونسية – فرنسية لأفريقيا والمتوسط، تبدأ منح اجازات فرنسية المستوى في غضون عامين. وقدمت فرنسا دعماً مالياً إضافياً بقيمة 272 مليون يورو (338 مليون دولار) لتونس، في إطار سعيها لتعزيز الانتقال الديموقراطي في البلد العربي الواقع في شمال أفريقيا. وأوضحت فرنسا أن حزمة الدعم تتضمن قروضاً بقيمة 177 مليون يورو ومساعدات قيمتها 50 مليون يورو، وتخفيفاً للديون قدره 30 مليون يورو وخطاً ائتمانياً بقيمة 15 مليون يورو. وأكد الرئيس الفرنسي رغبته في «مواكبة» تونس وشبابها الذي يعاني البطالة، في وقت لا يزال الانتقال الديموقراطي في البلاد هشاً بعد سبع سنوات من ثورتها. وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التونسي الباجي قائد السبسي، في اليوم الاول من زيارته، «نحن في لحظة مهمة من حياة تونس»، مضيفاً «اننا ازاء مرحلة اساسية»، بعد اسبوعين من موجة احتجاجات جديدة شهدت تظاهرات تحول بعضها الى اعمال شغب ليلية في عدة مدن. واكد ماكرون «نرغب في مواكبتكم. نريد ان نتيح للشباب التونسي ان ينجح في تونس». واعلن انشاء صندوق بقيمة 50 مليون يورو على ثلاث سنوات، مخصص للمستثمرين الشبان الذين يعانون من البطالة ولا يجدون فرص عمل، ما يدفعهم للسعي إلى مغادرة البلاد. وتعهدت فرنسا تزويد تونس بمساعدات بقيمة 1.2 بليون يورو للفترة من 2016 إلى 2020. وقال ماكرون إن «فرنسا تعتزم تقديم دعم إضافي بقيمة 500 مليون يورو للفترة من 2020 إلى 2022 ». وستمنح فرنسا تونس قرضاً بقيمة حوالى مئة مليون يورو، لإصلاح المؤسسات العامة التونسية، وستحول 30 مليون يورو من الديون الى استثمارات، لتضاف الى 60 مليون يورو تم تحويلها في كانون الثاني (يناير) 2016. وقال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد إن «على فرنسا ان تدعم الديموقراطية التونسية الفتية»، مضيفاً «لا تولد ديموقراطية كل سنة على بعد ساعة (طيران) من فرنسا. نحن ديموقراطية حقيقية مع حرية صحافة وحرية تعبير، ولن تجدوا ذلك في كثير من الدول». وعبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان عن اسفها للعنف الذي مارسته قوات الأمن التونسية أثناء الاحتجاجات التي شهدتها تونس مطلع العام، خصوصاً بسبب رفع الاسعار ونسبة بطالة مرتفعة. ودعا ماكرون إلى «عدم الاقلال» من قيمة الديموقراطيين حتى وإن كانوا غير مثاليين، وجعلهم «في مستوى المستبدين والطغاة». من جهته، قال قائد السبسي، إن «تونس بلد ديموقراطي، لكن لا ينبغي الحكم علينا وكاننا ديموقراطية منذ قرون». وتم توقيع اتفاق لتحسين التعاون في مكافحة الارهاب، فيما لا تزال حال الطوارىء قائمة في تونس منذ عامين، وكانت اعلنت في خضم اعتداءات شهدتها تونس خصوصا في 2015.
مشاركة :