قائد السبسي رجل دولة ديمقراطي ويريد أن ان يفتح المجال أمام من يختاره الشعب لقيادة تونس اقتناعا منه بأن التداول على السلطة من شأنه أن يعزز المسار الديمقراطي". وجاء ترجيح الدوائر عدم ترشح السبسي لولاية ثانية بعد يوم واحد من زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون لتونس وأيضا في أعقاب لقاء مع راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة. وفي حال حسمه رسميا للترشح من عدمه يكون السبسي قد أنهى جدلا ما انفك يأخذ نسقا تصاعديا لكنه من شانه أن يشعل حربا بين زعماء تونس الشرهين لخلافته وفي مقدمتهم الغنوشي ومحسن مرزوق ونجله حافظ ومهدي جمعة وغيرهم. ويقول مراقبون للشأن التونسي "إن السبسي بات طيلة أربع سنوات يمثل ركيزة التوازن السياسي في البلاد وعنوان الاستقرار النسبي وراعي التجربة الديمقراطية". وقال وليد الشيباني المحلل السياسي "إن عدم ترشح قائد السبسي لولاية ثانية يصدمني ويصدم كل من يتابع الشأن التونسي لأنه لا توجد شخصية سياسية تتمتع بخصال رجل الدولة التي يتمتع بها قائد السبسي". غير أن الشيباني قال "أرى الفرضية تاريخية بالنسبة لتونس لأنه ولأول مرة يفسح رئيس الدولة المجال أمام غيره ليخلفه احتراما لإرادة الشعب ووفاء للمسار الديمقراطي". ومن التوقع، كما يذهب إلى ذلك مراقبون، أن تشتعل حربا حول كرسي قرطاج خاصة بين راشد الغنوشي أو أي قيادي في النهضة وبين زعماء الأحزاب العلمانية. وقالت الدوائر المقربة من قصر قرطاج "إن الرئيس يسعى إلى أن يعطي الصورة الحقيقية لمفهوم الديمقراطية والمعنى السياسي العملي التداول على حكم وقيادة البلاد". ونفت نفس الدوائر أن تكون "مسألة عدم الترشح مرتبطة بالأزمة الهيكلية"، مشددة على أن "هناك توجه رئاسي ديمقراطي بامتياز من أجل تونس لا أكثر ولا أقل". وقالت عائشة الغرياني الأخصائية في العلوم السياسية "إن تونس وفي حال عدم ترشح السبسي باتت في أمس الحاجة إلى رجل دولة مماثل له لأن رئيس الدولة في تونس هو الضامن الوحيد للتوازن السياسي في ظل تدني ثقة التونسيين في أداء الأحزاب". وأضافت بن عائشة "هناك العديد من الزعماء الذين يمهدون لخلافة قائد السبسي لكنه لا تتوفر فيهم خصال رجل الدولة". وعلى الرغم من صعوبة الفرضيات بشأن خلافة قائد السبسي يرى مراقبون أن كل من مهدي جمعة ومحسن مرزوق وراشد الغنوشي من بين الساعين للخلافة. غير أن مثل هذه الفرضية تبدو صعبة التحقيق ذلك أن مهدي جمعة رئيس حزب البديل التونسي لا يتمتع حاليا على الأقل بشعبية واسعة تؤهله للترشح إلى الرئاسة. ورغم من صورته كسياسي موهوب يبدو محسن مرزوق شخصية سياسية متقلبة وبعد الانسحاب من وثيقة قرطاج أعلن نيته في تزعم المعارضة في مسعى إلى دخول قصر قرطاج. أما راشد الغنوشي الشره للحكم فهو محاصر من قبل كل القوى العلمانية وأيضا من قبل 77 بالمئة من التونسيين الذين يرفضون قيادة البلاد من قبل الإسلاميين وفق أحث عمليات سبر للآراء أجرتها مؤسسات متخصصة تونسية وأجنبية. ونفت الدوائر المقربة من قصر قرطاج أن يكون قائد السبسي قرر دعم "أي شخصية سياسية لخلافته أو حتى إبداء رأيه تاركا صناديق الاقتراع لتحسم المسألة". ومن شان هكذا توجه تاريخي، كما يذهب إلى ذلك محللون سياسيون، أن يدفع بالقوى الوطنية الديمقراطية العلمانية إلى رص صفوفها وبناء قوة سياسية وترشيح شخصية سياسية لقيادتها في مرحلة أولى ومن ثمة ترشيحها لقيادة البلاد في مرحلة ثانية. وقالت عائشة الغرياني "باتت تونس قادمة على حرب سياسية لا ترحم بين العلمانيين والإسلاميين" غير أنها شددت على أن أي "شخصية علمانية هي الأكثر حظوظ نظرا لطبيعة المجتمع التونسي الذي يثق في الزعماء الوطنيين أكثر منثقته في الإسلاميين". ونفت الدوائر "أي نية للسبسي في دعم ترشيح نجله حافظ المدير التنفيذي للنداء لوراثة الحكم" ملاحظة أنه "مواطن ككل المواطنين من حقه الترشح". وتوقعت الدوائر المقربة من قصر الرئاسة بقرطاج أن "يعلن قائد السبسي عن موقفه بشأن الترشح لولاية ثانية من عدمه بصفة رسمية خلال خطاب يتوجه به إلى الشعب التونسي في غضون الفترة القادمة".
مشاركة :