حدقة العين مرآة المشاعر ... تتوسع فرحاً وتضيق حزناً

  • 2/3/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تتكون العين من أجزاء عدة: الشبكية، والقرنية، والمشيمة، والجسم الزجاجي، والقزحية، والحدقة (بؤبؤ العين). وتوجد الحدقة في مركز العين من الأمام، وتحديداً في منتصف القزحية( الجزء الملون من العين)، وهي تتولى مهمة السماح للضوء بالعبور من خلالها لتصل الى الشبكية التي تحول الأشعة الضوئية الى اشارات عصبية يقوم الدماغ بتحليلها واعطاء الصورة التي نراها على أرض الواقع. وتتوسع حدقة العين بشكل طبيعي عندما يرسل الجهاز العصبي الودي تنبيهات الى العضلات الشعاعية الموجودة في الحدقة فتأخذ بالتقلص، في حين تضيق الحدقة تحت تأثير الجهاز العصبي نظير الودي الذي يبعث إشارات عصبية الى العضلات الدائرية في الحدقة فتبدأ هذه بالارتخاء. وتتميز الحدقة بلونها الأسود لأنه يجري امتصاص أشعة الضوء العابرة لها من قبل الأنسجة الواقعة في داخل العين. وتكون الحدقة دائرية الشكل عند الانسان على عكس المخلوقات الأخرى التي تملك حدقات عمودية أو أفقية أو غير ذلك. ويختلف حجم الحدقة، ضيقاً أو توسعاً، بحسب شدة الضوء، فإذا كان الضوء ساطعاً فإن الحدقة تضيق من أجل منع دخول كميات كبيرة من الأشعة الى قلب العين، أما اذا كان الضوء خافتاً فإن الحدقة تتوسع للسماح بعبور أكبر كمية ممكنة من الأشعة الضوئية. ويتباين حجم الحدقة بحسب المسافة التي تفصل بين العين والأشياء التي ننظر اليها، فإذا كانت المسافة قصيرة فإن الحدقة تصغر للتمكن من رؤية الشيء بوضوح، أما اذا كانت المسافة بعيدة فإن الحدقة تتسع من اجل تحديد أبعاد الشيء ورؤيته بصورة أوضح. ويتأثر حجم الحدقة بحسب مزاج الشخص ومشاعره حيال ما يدور حوله، سواء أكانت سلبية أم ايجابية، اذ تتسع الحدقة عند المشاعر الايجابية، كما الحال عند رؤية شخص أو شيء نحبه أو عند الشعور بالبهجة أو عند القيام بأفعال ايجابية مثيرة للسعادة. في المقابل فإن الحدقة تضيق عند المشاعر السلبية القوية، كما يحصل لدى رؤية شخص لا نطيقه أو في لحظات الغضب أو عند سماع أخبار سيئة. وأظهرت دراسة علمية حديثة نشرها باحثون كنديون أن اتساع حدقة العين التالي لشعور بالخوف يساعد على بعث رسالة واضحة الى الأشخاص الذين يراقبون الموقف من أجل شد انتباههم، ما يعزز قدرتهم على تحديد موقع التهديد وبالتالي اتخاذ التدابير الملائمة لمواجهته. وقد يشير توسّع حدقة العين الى عدم اليقين في أتخاذ القرار المناسب، ففي دراسة نشرها العام الماضي باحثون ألمان وشملت 27 رجلاً وامرأة طُلب منهم اتخاذ القرار الصحيح خلال الاختبار، خلص قائد الدراسة الدكتور توبياس دونر وزميلان له، إلى أن قطر حدقة العين ازداد بشكل كبير عندما لم يكن المشاركون واثقين من قرارهم، ما زاد احتمال اتخاذ قرارات مغايرة خلال الاختبارات التالية. وعلّق دونر على النتيجة بأن قطر الحدقة يرتبط بشكل وثيق بالمراكز الموجودة في الدماغ والمسؤولة عن مهمة تكييف السلوك لاشعورياً عندما يكون الشخص غير متأكد من قراره، ما قد يفسح الأمل لإيجاد علاج لمرض الاكتئاب وغيره من الأمراض النفسية التي تزعزع استقرار مراكز جذع الدماغ. ويمكن لحدقة العين أن تتوسع بشكل مستمر لأسباب متفاوتة، مرضية ونفسية، نعرضها كالآتي: - فرط نشاط الجهاز العصبي الودي. - الأدوية التي تثبط الجهاز العصبي الودي. - الأدوية التي تنبه الجهاز العصبي نظير الودي. - الإصابات العينية. - احتشاء الفص الصدغي في الدماغ. - داء الصرعة. - الأورام الدماغية. - ضمور العصب البصري. - الإصابة بمرض الاكتئاب المتوسط والشديد. - فرط افراز هرمون الأوكسيتوسين من قبل الدماغ، ويلعب هذا الهرمون دوراً قوياً في علاقة الترابط والمودة بين الأم وطفلها كما بين الزوجين. ختاماً خمس ملاحظات: 1- إن توسّع حدقة العين يحصل لأسباب طبيعية وأخرى مرضية، وفي حال كان التوسّع مرضياً فإنه يتوجب البحث عن السبب لعلاجه. 2- إن الطبيب المختص في العيون قد يلجأ أحياناً الى توسيع الحدقة عنوة باستخدام بعض القطرات الدوائية من أجل فحص قعر العين وتشخيص بعض الأمراض البصرية، خصوصاً عند الأطفال الذين يعانون من عيوب انكسارية، كما يمكن الاستعانة بتلك القطرات في علاج بعض الحالات، مثل الغشاوة العينية والعين الكسولة والتهاب العين. 3- إن حركة اتساع حدقة العين يمكن رؤيتها بسهولة عند أصحاب العيون الخضر والزرق والعسلية، لكنها تكون صعبة بعض الشيء عند من يملكون عيوناً قاتمة اللون يصعب فيها رصد الحد الفاصل ما بين لون الحدقة ولون القزحية. 4- في عصر النهضة ( القرنان 14 و15 ) كان اتساع حدقة العين يعتبر نفحة جمالية ولهذا كان الناس يلجأون الى تقطير مادة الأتروبين المستخلصة من عشبة بيلادونا. 5- سواء ضاقت الحدقة أم توسّعت، فإن المخ يستطيع ملاحظة هذا الأمر بسهولة وبشكل تلقائي، خصوصاً عند التحديق في الشاشات الالكترونية المشعة التي جعلت حدقة العين تحتار بين أن تتوسّع أو تضيق.

مشاركة :