خطيب المسجد الحرام: الفرح بما يرضي الله عبادة عظيمة

  • 2/3/2018
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

مكة المكرمة – المدينة المنورة- البلاد قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد بن علي الغامدي أن الفرح حالة من سرور القلب وابتهاج النفس تغمر الإنسان بسبب نيل مطلوب أو تحقيق لذة ، والأشياء المفرحة في حياة الناس متنوعة ، وهي تختلف باختلاف مشاربهم وقناعاتهم ومنطلقاتهم. وأضاف فضيلته في خطبة الحمعة أمس” إن الفرح بالله وبكل ما يرضي الله من الأقوال والأعمال عبادة عظيمة لطالما غفل كثير الوعاظ والمصلحون عن إرشاد الناس إليها وتذكيرهم بها ، فهي عبادة منسية مع أن فيها شفاء الأرواح من آفاتها ، ودواء القلوب من أحزانها ، وبلسم النفوس من همومها وآلامها ، وتنشط الجسد وتقويه وتخلصه من آفات الملل والفتور ، يقول ابن القيم رحمه الله :” من أعظم مقامات الإيمان الفرح بالله والسرور به فيفرح به إذ هو عبده ومحبه ، ويفرح به سبحانه رباً وإلهاً ومنعماً ومربياً أشد من فرح العبد بسيده المخلوق ” . وأضاف الشيخ الغامدي قائلا : إن العبد إذا أيقن أن له رباً وإلهاً ومدبراً ورازقاً وملكاً قاهراً بيده كل شيء ولا يعجزه شيء تطمئن نفسه ويفرح بهذا الرب سبحانه أشد الفرح ، وتتواصل أفراحه ويكمل سروره إذا استشعر هذه الحالة واستحضرها في كل زمان ومكان . وبين أن المؤمن يفرح حينما يشعر أن الله معه ينظر إليه ويسمع كلامه ويعينه ويؤيده ويكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، فما أسعد عيش هذا المؤمن وما أطيب حياته ، وما أقواه وأحراه بالنصر والتأييد ولو كادته السموات والأراضين ومن فيهن ، يفرح المؤمن حين يخلو بربه في هزيع الليل الآخر يتلو كلامه ويتدبر خطابه ويستمد منه سبحانه مدد القوة واليقين والصبر , قال عزوجل “تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” ، ويفرح المؤمن بفضل الله ومنته وتوفيقه له للثبات على دينه وأمره وطاعته والبعد عن معاصيه ومساخطه في وقت هوى كثير من الناس في قاع الشهوات وتساقطوا في الفتنة وتهاونوا بالفرائض والواجبات واستهانوا بالعزائم والمبادئ والمسلمات ، يفرح المؤمن بأن جعله الله من أمة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وشرفه باتباع سنته وهديه يوم أن أضل عن ذلك أقواماً ابتدعوا في دين الله ما لم يأذن به الله وخالفوا سنته صلى الله عليه وسلم . وتابع فضيلته قائلا: يفرح المؤمن حين يتواضع للناس صدقاً لا تصنعاً ولا تكلفاً ، ويرحمهم ويحسن إليهم ويسعى في حوائجهم ونفعهم ، ويطعم جائعهم ويقضي دينهم ويعينهم على نوائب الدهر ، طاهراً قلبه وسالماً صدره من آفات الحسد والحقد والغل والشحناء والتكبر والترفع والعصبية المقيتة ، وتفرح المؤمنة بحيائها وحجابها وحشمتها وطاعتها لزوجها وقرارها في بيتها وأدائها لرسالتها الحقيقية في الحياة الخالدة التالدة التي شرفها الله بها وهي كونها مدرسة الأجيال ومربية الرجال وصانعة القدوات ،وكل هذه الأفراح وغيرها كثير هي من الفرح بالله ومن أجل الله وبكل ما يرضي الله ، فلا تسل عن ألوان السعادة والحبور والسرور التي يعيشها المؤمن في هذه الحياة فهو في أفراح متواصلة ونعيم لا ينقطع ، ولذة وبهجة لا يجدها ولا عشر معشارها من خطئ طريق الفرح بالله ، وذهب ينشد السعادة في سراب ظنه ماءً ، وصحراء قاحلة يحسبها واحة غناء , قال عزوجل “وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ” . وقال إمام وخطيب المسجد الحرام : وما لنا ألا نفرح بربنا سبحانه الذي وسعت رحمته كل شيء ، والذي هدانا سبلنا وآوانا وكفانا وأطعمنا وسقانا ، اشعروا أنفسكم بقربه وإحاطته وظنوا به خيراً فهو عند ظن عبده به ، واستغنوا به سبحانه عن الناس فهو الغناء كل الغناء وأشغلوا أنفسكم بذكره وتلاوة كلامه تسعد أرواحكم وتطب أيامكم . وتابع يقول : وما لنا ألا نفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الخلق وأكرمهم على الله ، الذي بعثه الله رحمة وهدى للعالمين ، اقرؤوا سنته الشريفة وعيشوا مع سيرته المباركة ، واتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وأحبوه صلى الله عليه وسلم كما كان الصحابة يحبونه بلا غلو ولا إطراء ولا تنقص ولا جفاء ، وماكان شيء أكره إلى نبينا صلى الله عليه وسلم من البدعة في الدين والغلو والإطراء . وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد النبوي : إن الموت نهاية كل ابن آدم ونهاية كل حي في هذه الدنيا , وكل يسعى في هذه الحياة لمنافعه وإصلاح أموره ومطالب معاشه فمنهم من يصلح دينه مع إصلاح دنياه وهؤلاء من أتاهم الله في الدنيا حسنة والآخرة حسنة ووقاهم عذابا , ومنهم من يسعى للدنيا ويضيع نصيبه في الآخرة ويتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مصيرهم , فكل عمل له أجل ينتهي إليه , فسبحان الرب الذي جعل في كل قلب شغلا وأودع في كل قلب همّاً وخلق لكل أحد إرادة وعزما , وإرادة الله تعالى ومشيئته فوق كل إرادة ومشيئة قال تعالى ( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ). وقال فضيلته ” إن السعادة كل السعادة والتوفيق كل التوفيق والفوز كل الفوز بالاستعداد للموت فالموت أول باب للجنة وأول باب للنار والاستعداد للموت يكون بتحقيق التوحيد لله رب العالمين بعبادة الله لا يشرك به شيئا وبحفظ الحدود والفرائض وباجتناب كبائر الذنوب والآثام وأن يكون ابن آدم متأهباً لنزوله في أي وقت والشقاوة كل الشقاوة هي الذهول عن الموت ونسيانه وترك الاستعداد له والجرأة على المعاصي والذنوب وتضييع توحيد الله رب العالمين والعدوان والظلم وسفك الدم الحرام وتضييع حقوق الخلق والانغماس في الشهوات والمحرمات حتى ينزل الموت فلا ينفع الندم ولا يتأخر الأجل .

مشاركة :